رئيس التحرير
عصام كامل

تكفير عمرو أديب وإبراهيم عيسى في المساجد

اعتلى الخطيب المنبر في المسجد الذي قادني حظي العاثر لأداء الصلاة فيه يوم الجمعة الماضي. وبسبب الصوت المرتفع لخطيب الجمعة، واستخدامه السيئ لمكبر الصوت، أصبت بصداع حاد. ليت الأمر توقف عند ذلك الحد، لكن الإمام اختار موضوعًا للخطبة، يتعلق بمصير الإنسان بعد موته، أثناء الغسل، وفي القبر.


وطبعًا قصص عذاب القبر ونعيمه من الحكايات المحببة إلى قلوب الخطباء من السلفيين، والإخوان، ولهذا فإنهم يسهبون في قصِّ روايات حفظناها عن ظهر قلب منذ اعتدنا الذهاب إلى المساجد. لكن الإمام هذه المرة، آثر أن يضرب أمثلة للكفرة الفجرة، هكذا وصفهم، بثلاثة من الإعلاميين، وهم: عمرو أديب، وإبراهيم عيسى، وإسلام البحيري.


عمرو أديب دخل قائمة الكفرة الفجرة، بحسب الرجل، الذي لا أعرف اسمه، لأنه انتقد ظهور طالبات إحدى المدارس بزي موحد، وهو الإسدال، واستغرب من إجماع مئات التلميذات على ارتداء هذا اللباس، في تلك السن الصغيرة! 

أما إبراهيم عيسى فكانت جريمته التي سيستحق عنها أن يُعذَّب في قبره، أنه طالب بمنع استخدام الميكروفون لإذاعة الأذان في المساجد القريبة من الفنادق والقرى السياحية، خاصة إذا كانت الأصوات التي ترفع الأذان منكرة وقبيحة!

الإمام وخطبة الجمعة


وعند ذكر اسم إسلام البحيري، لم يتذكر الإمام، سوى أن إسلام كان ينتقد الصحابي أبا هريرة، رضي الله عنه، ومن الواضح أنه لم يشاهد، ولم يستمع إلى حلقاته، على الإطلاق، بل نما إلى علمه أن هناك شخصًا إسمه إسلام البحيري يسب أبا هريرة!


هكذا وصم الإمام الإعلاميين الثلاثة بالكفر، وكراهية الإسلام، ومحاربته، رغم كونهم مسلمين! هل تذكرون كيف بدأ الإرهاب ضد السائحين في مصر؟! كانت بضعة مقالات في صحيفة تتحدث بلسان الإخوان، تنتقد عدم التزام السائحين والسائحات بالآداب والتعاليم، والأزياء الإسلامية، واتهمتهم بالتعري، وشرب الخمر، ومخالفة الإسلام.


ولما رأت الصحيفة، لسان حال الجماعة الإرهابية، أن اتهاماتها لم تؤد إلى النتائج التي يريدها الإخوان، أخذت تحرض على ضرب السياحة، وقتل السائحين، زاعمة أن في ذلك انتصارًا للإسلام.. وللأسف الشديد صدقها بعض الشباب والمراهقين، ونفذوا العديد من العمليات الإرهابية.


أين الخطبة الموحدة، التي يلتزم بها خطباء مساجد الأوقاف؟! لماذا لا يلتزم بها خطباء المساجد التي لا تتبع الأوقاف في المناطق الشعبية؟! أخشى، إن لم تتدخل المؤسسة الدينية بسرعة، أن يكون موضوع الخطب القادمة عن التحريض على التخلص من كل من ينتقد مظهرًا أو تصرفًا، يصفه هذا الخطيب، وأشباهه، بأنه محاربة للإسلام.


التدخل الذي أنتظره يكون بالفكر، لا الشدة.. بالعقل لا باليد. على وزارة الأوقاف تعيين خطباء مستنيرين لمنطقة عين شمس، وما يجاورها، يتصدون لمثل تلك الأفكار الكارثية، ويعيدون تشكيل عقول ووعي الناس في المناطق البعيدة عن أعين وآذان مسئولي الأوقاف والأزهر الشريف.

الجريدة الرسمية