رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

معركة‭ ‬اصطياد‭ ‬الدولار.. حصار‭ ‬روسي‭ ‬صيني‭ ‬لنظام‭ ‬سويفت.. ‬وتحركات‭ ‬عاجلة‭ ‬لاستنزاف‭ ‬أقوى‭ ‬عملة‭ ‬

بوتين،فيتو
بوتين،فيتو

على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يستعد‭ ‬لولادة‭ ‬نظام‭ ‬اقتصادي‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬إذ‭ ‬يشكل‭ ‬الدولار‭ ‬ضغوطا‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬سياسة‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬ضدها،‭ ‬والتى‭ ‬تضمنت‭ ‬إقصاء‭ ‬البنوك‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬سويفت‭ ‬العالمي‭ ‬للتحويلات‭ ‬المالية،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬موسكو‭ ‬للرد‭ ‬بمحاولة‭ ‬تفعيل‭ ‬نظامها‭ ‬المالي‭ ‬البديل‭ ‬والمعروف‭ ‬باسم‭ ‬‮"SPFS‮"

‬وتعاني‭ ‬البنوك‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬عزلة‭ ‬دولية‭ ‬بعد‭ ‬إخراجها‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬سويفت،‭ ‬ما‭ ‬يعوق‭ ‬حركة‭ ‬تجارتها،‭ ‬لأنها‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التحويلات‭ ‬البنكية‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬وجميعها‭ ‬تتعامل‭ ‬بنظام‭ ‬سويفت،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الشروط‭ ‬الروسية‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لتمديد‭ ‬اتفاق‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬عبر‭ ‬موانئ‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬الروسى‭ ‬لنظام‭ ‬سويفت،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬باستئناف‭ ‬بيع‭ ‬حبوبها‭ ‬وأسمدتها‭ ‬إلى‭ ‬باقى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بسهولة‭.‬

مع‭ ‬رفض‭ ‬الغرب‭ ‬للمقترح‭ ‬الروسى‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬سويفت،‭ ‬والعداء‭ ‬الذي‭ ‬تنتهجه‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬قرر‭ ‬البلدان‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬نظام‭ ‬تحويل‭ ‬مالي ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬سويفت‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬روسيا‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬سويفت‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادى‭ ‬والتجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

تحالف روسي صيني
جاء‭ ‬الإعلان‭ ‬فى‭ ‬توقيت‭ ‬تعمل‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬سقف‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬الروسى،‭ ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬فى‭ ‬اجتماعه‭ ‬الوزاري‭ ‬الأخير‭ ‬ببروكسيل‭ ‬عن‭ ‬اتفاق‭ ‬مبدئي‭ ‬لتحديد‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬الروسى‭ ‬القادم‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الـ60‭ ‬ دولارا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حذرت‭ ‬منه‭ ‬موسكو‭ ‬معلنة‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬سوق‭ ‬جديدة‭ ‬لنفطها‭ ‬مع‭ ‬جارتها‭ ‬وحليفتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الصين‭ ‬التى‭ ‬أكدت‭ ‬بدورها‭ ‬أنها‭ ‬تخطط‭ ‬لزيادة‭ ‬علاقتها‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة،‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬انزعاج‭ ‬أمريكا‭ ‬وحلفائها‭ ‬الأوروبيين‭.‬

بدأ‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬الروسى‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬SPFS‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬عندما‭ ‬هددت‭ ‬حكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بفصل‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬سويفت،‭ ‬بسبب‭ ‬سيطرة‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬شبة‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم،‭ ‬وتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬أول‭ ‬معاملة‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬SPFS‭ ‬لمؤسسة‭ ‬غير‭ ‬مصرفية‭ ‬فى‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017‭ ‬وخلال‭ ‬مارس‭ ‬2018‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬مؤسسة‭ (‬معظمها‭ ‬من‭ ‬البنوك‭) ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭.‬

ويواجه‭ ‬النظام‭ ‬الروسى‭ ‬SPFS‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬أهمها‭ ‬ارتفاع‭ ‬التكاليف‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬رسوم‭ ‬المعاملات‭ ‬فى‭ ‬2018‭ ‬بشكل‭ ‬جذرى‭ ‬إلى‭ (‬0.012–0.015‭ $) ‬لكل‭ ‬معاملة‭ ‬ومن‭ ‬التحديات‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬يعمل‭ ‬فقط‭ ‬داخل‭ ‬روسيا‭.‬

ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬لربط‭ ‬نظام‭ ‬SPFS‭ ‬بأنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬فى‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬فى‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬وإيران،‭ ‬وكذلك‭ ‬البلدان‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الأوراسى‭ ‬التى‭ ‬تخطط‭ ‬لاستعمال‭ ‬النظام‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

وفى‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬23‭ ‬بنكًا‭ ‬أجنبيا‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بنظام‭ ‬SPFS‭ ‬من‭ ‬أرمينيا‭ ‬وبيلاروسيا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وكازاخستان‭ ‬وقيرغيزستان‭ ‬وسويسرا‭.‬

مواجهة نظام سويفت
وكشفت‭ ‬تقارير‭ ‬إعلامية‭ ‬أن‭ ‬انضمام‭ ‬الصين‭ ‬لنظام‭ ‬SPFS‭ ‬يجعله‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬نظام‭ ‬سويفت،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬بكين‭ ‬ثانى‭ ‬أكبر‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬منتجاتها‭ ‬تغزو‭ ‬جميع‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬قد‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التعامل‭ ‬بنظام‭ ‬التحويلات‭ ‬الجديدة‭.‬

ويقول‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادى،‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬الشافعى،‭ ‬إن‭ ‬نظام‭ ‬SPFS‭ ‬للتحويلات‭ ‬البنكية‭ ‬الذى‭ ‬أعلنت‭ ‬عنه‭ ‬روسيا،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬لنظام‭ ‬اقتصادي‭ ‬جديد‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب،‭ ‬واستطرد‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬شريطة‭ ‬نجاح‭ ‬نظام‭ ‬SPFS‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬نظام‭ ‬سويفت،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬مهام‭ ‬التحويلات‭ ‬البنكية‭ ‬وجميع‭ ‬أنواع‭ ‬التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الاختراقات‭.‬

وحول‭ ‬إمكانية‭ ‬انضمام‭ ‬البنوك‭ ‬الصينية‭ ‬للنظام‭ ‬الروسى‭ ‬الجديد،‭ ‬ذكر‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬الشافعى،‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭ ‬متطورة‭ ‬للغاية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬للبلدين‭ ‬بالتعاون‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذا‭ ‬التطبيق‭.‬

وأشار‭ ‬الشافعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬SPFS‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بوابة‭ ‬روسيا‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية،‭ ‬بعد‭ ‬الحصار‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الذى‭ ‬فرضته‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬البنوك‭ ‬الروسية‭ ‬وإخراجها‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬سويفت‭.‬

وأكد‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادى،‭ ‬أنه‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نظام‭ ‬التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬الجديد‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬منافسة‭ ‬نظام‭ ‬سويفت،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬مدعوم‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬وذلك‭ ‬باعتبار‭ ‬البلدين‭ ‬قوتين‭ ‬اقتصاديتين‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬بهما‭.‬

وفى‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬قال‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادى،‭ ‬الدكتور‭ ‬على‭ ‬الإدريسى،‭ ‬إن‭ ‬نظام‭ ‬SPFS،‭ ‬الروسى‭ ‬ليس‭ ‬جديدًا،‭ ‬ولكنه‭ ‬فكرة‭ ‬قديمة‭ ‬لجأت‭ ‬إليها‭ ‬موسكو‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬غير‭ ‬قوى‭ ‬نظرا‭ ‬لاشتراك‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬نظام‭ ‬سويفت‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

وأوضح‭ ‬على‭ ‬الإدريسى‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الروسى‭ ‬الصينى‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬انتزاع‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬أمريكا،‭ ‬نظرا‭ ‬للقوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التى‭ ‬تمثلها‭ ‬واشنطن‭.‬

وأضاف‭ ‬الإدريسى‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تستغل‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬تصريف‭ ‬منتجاتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬التى‭ ‬يفرضها‭ ‬الغرب‭ ‬عليها،‭ ‬ويظهر‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بوضع‭ ‬سقف‭ ‬بسعر‭ ‬النفط‭ ‬الروسى،‭ ‬واتجاه‭ ‬موسكو‭ ‬لتحويل‭ ‬نفطها‭ ‬بالكامل‭ ‬إلى‭ ‬بكين‭ ‬والهند‭.‬

وأشار‭ ‬على‭ ‬الإدريسى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬علاقتهما‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬لديهما‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬بدأت‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬تنفيذه‭ ‬بالفعل،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثماراتها‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية،‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬فى‭ ‬القمة‭ ‬السعودية‭ ‬الصينية‭.‬ 

نقلًا عن العدد الورقي…، 

Advertisements
الجريدة الرسمية