رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الفاتورة الإلكترونية واحتراف الجباية

لا أجد وصفا يناسب حكومتنا الرشيدة سوى حكومة الجباية، فهي الحكومة التي لا تفكر سوى في جيب المواطن، ولا تعمل إلا على تقليب المواطنين "كل يشخلل جيبه"، فهي لا تجد طريقا أسهل من ذلك لجمع المال، فهي حكومة فاشلة على كافة الأصعدة الاقتصادية، وتتفنن في فرض الضرائب على المواطنين، وآخر ما جادت به قريحة هذه الحكومة لفرض ضرائب على المواطنين جديدة دون أن يتبرم المواطنون هو التفكير في فرض فاتورة إلكترونية على المهن الحرة مثل المحامي والطبيب والفنان والمهندس والمحاسب القانوني الخ.
  
وعندما ينظر المواطن لهذه الفاتورة قد يقول في نفسه: "لا علاقة لي بأمر هذه الفاتورة ولن تؤثر على حياتي بشيء، وإنما هي إجراء تنظيمي خاص بالمحامين والأطباء الخ"، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، فقد جاء قرار وزارة المالية بإلزام أصحاب المهن الحرة بالتسجيل الالكتروني وفرض فاتورة إلكترونية، ويلزم قانون الإجراءات الضريبية تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية ضمن الأنظمة الإلكترونية الحديثة لـ«مصلحة الضرائب المصرية»، في ظل اتجاه الدولة لتطبيق استراتيجية التحول الرقمي.

ازدواج ضريبي

ودعت مصلحة الضرائب المصرية مؤخرًا جميع الممولين ومنهم أصحاب المهن الحرة ممن لديهم تعاملات مع المستهلكين النهائيين إلى التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية في موعد أقصاه 15 ديسمبر 2022. وقالت المصلحة إنه على جميع الممولين، ومنهم أصحاب المهن الحرة (الطبيب، المهندس، المحامي، الفنان، والمحاسب القانوني...)، التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، مشددة على أنه لا توجد أي استثناءات لأي ممول من التسجيل بالمنظومة. ثم عاد وزير المالية وقرر تأجيل التطبيق حتى 30 أبريل من العام القادم.
 
إذا ماذا يهم المواطن العادي من ذلك الأمر؟ الحقيقة أن هذه الفاتورة المعني بها المواطن العادي وليس المحامي او الطبيب، لأن الفاتورة تعني زيادة في أتعاب المحامي والطبيب، وبالتالي يقوم المحامي والطبيب بتحميل هذه الزيادة على المواطنين المتعاملين معهما، فيجد المحامي والطبيب أنفسهما عاملين لدى وزارة المالية يحصلون الضرائب لمصلحتها، ويجد المواطن نفسه يدفع الضريبة الجديدة وهو لا يشعر، فهذا فكر عبقري في الجباية، فالمواطن يدفع الضريبة دون أن يفهم وبالتالي لن يتبرم بها، وهكذا أصول الجباية!

وقد رفض المحامون ذلك الأمر لعدة أسباب، منها أن الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني، يؤثران بالسلب على ظروف عمل المهنة، ويحول المحاماة من رسالة إلى سلعة، ويؤثر على حق التقاضي للمواطنين، وهو حق مكفول للجميع دستوريًا ويعد ازدواجًا ضريبيًا..

فالفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني، تؤديان إلى زيادة أتعاب المحاماة ومن ثم زيادة رسوم التقاضي، وبناءً عليه المواطن الفقير لن يستطيع أن يطالب بحقه في التقاضي نظرًا لارتفاع التكلفة، كما أنه لا يجوز تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني على المحامي، لأنه يقوم بدفع ضريبة القيمة المضافة أثناء رفع الدعوى، وبذلك يكون هناك ازدواج ضريبي. 

قرار غير دستورى

ويؤكد بعض المحامين أن المادة ١٩٨ من الدستور المصرى تنص على أن المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع وهذه المبادئ الدستورية لا يستقيم أن توزن بميزان البيع والشراء فتضحى تحت مظلة التقدير الضريبي شأنها شأن السلع والمشتريات، لذلك يرفضون استهداف وزارة المالية للمحاماة لأنها رسالة وليست تجارة.

ويرون أن فرض ضريبة جديدة على المحامين في الوقت الراهن يؤدى الى لجوء الأفراد للقصاص بأنفسهم وعدم اختيار الحق الطبيعي في التقاضي. وهو ما دعا النائب بمجلس النواب المصري ضياء الدين داود، إلى التقدم بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب بشأن "عدم مشروعية إخضاع رسالة المحاماة للفاتورة الإلكترونية"، موضحًا أن "القرار يمثل تكرارًا لافتعال الأزمات مع فئات المجتمع المختلفة، الذي أصبح "صناعة حكومية بامتياز، وكان آخرها هو محاولة إخضاع رسالة المحاماة لنظام الفاتورة الإلكترونية على غير سند من دستور أو قانون سوى الهوى والغرض فقط"، بحسب الطلب.

 

ويذكر بعض المحامين أنهم فوجئوا بإعلان مصلحة الضرائب المصرية بضرورة التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية في موعد أقصاه منتصف ديسمبر الجاري، وإلا فسيتم تطبيق غرامة قدرها 20 ألف جنيه مصري، فتم التواصل مع مصلحة الضرائب التي أفادت بأن ذلك القرار لا يسري على المحامين إلا لمن يتعامل مع الشركات والهيئات، ثم تراجعت المصلحة عن ذلك بإخضاع الجميع للقرار، مما أدى إلى الوقفة الاحتجاجية وتصعيد الأمر. وهو ما أدى إلى تأجيل تنفيذ القرار حتى شهر أبريل من العام القادم.

والجدير بالذكر أن نقابة الأطباء كذلك رفضت ذلك الأمر وأصدرت بيانا قويا برفض فرض ضريبة الكترونية عليهم وهم من أصحاب المهن الحرة.

Advertisements
الجريدة الرسمية