رئيس التحرير
عصام كامل

المخرج التونسي رضا الباهي: مهووس بالسينما المصرية.. و"جزيرة الغفران" رسالة للتعايش مع الآخر | حوار

المخرج التونسي رضا
المخرج التونسي رضا الباهي

هذا سر ارتباط أفلامى بالساحل والبحر 
 

عملت مع العمالقة محمود مرسي وكمال الشناوي ولا أعتبر نفسي غريبا عن مصر
 

بعض المهرجانات العالمية تعمد إلى مشاركة الفيلم العربي بمسابقات هامشية
 

جئت للقاهرة وقلبي منفتح ويدي ممدودة برسالة الفيلم وكانت المحبة ما جنيته

 

على مدار مسيرة سينمائية حافلة، حفر المخرج التونسي رضا الباهي اسمه ضمن كبار المخرجين العرب، وذلك من خلال باقة من الأعمال المميزة والتي تفرد بها وسبر لها أغوارا ميزتها عن غيرها، وفتح آفاقا خاصة به جعلته في مكانة مغايرة عن نظرائه سواء من التوانسة أو العرب.

 

وضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ ٤٤ لعام ٢٠٢٢، شارك رضا الباهي بفيلمه "جزيرة الغفران" إنتاج مشترك بين تونس، لبنان، الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لاقى ردود فعل إيجابية ونال إشادة الجمهور والنقاد عند عرضه ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان.

"فيتو" التقت المخرج التونسي الكبير رضا الباهي على هامش المهرجان وأجرت حوارا معه عن مسيرته الفنية، وفيلمه الجديد، كما تطرق الحوار أيضا لحال السينما العربية والمصرية في الوقت الحالي وجاء كالتالي: 


*بداية.. كيف استقبلت ردود فعل جمهور مهرجان القاهرة السينمائي بعد مشاهدتهم الفيلم ضمن فعاليات المهرجان؟ 


بكل سعادة في الحقيقة عندما يكون العمل نابعا من الصدق يصل للجمهور بصدق، وما لقيته من حب وسرور من جمهور مهرجان القاهرة السينمائي كان له أثر طيب في قلبي، الفيلم صادق وجئت للقاهرة وقلبي منفتح ويدي ممدودة برسالة الفيلم ولذلك كانت المحبة ما جنيته.

*الفيلم يتضمن رسائل عن التعايش وقبول الآخر ومقاومة الاحتلال.. ما الذي كنت تستهدفه؟

 

الفيلم يناقش مسألة قبول الآخر باعتبارها ضرورة قصوى، ونحن بحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، لذلك كانت أفكار وأطروحات الفيلم تستهدف الوصول إلى وقفة مع أنفسنا حول كيفية التعامل مع المختلف، وحث الجميع وخاصة الأجيال الجديدة على تقبل الآخرين ونبذ العصبية والتعصب، وغيرها من الصفات الدخيلة على المجتمعات العربية.

 

*برأيك.. هل تغيرت بعض المجتمعات العربية في مسائل التعايش وتقبل الآخر؟

دعني أصارحك، مرت فترات في التاريخ كان الظلام سيد الموقف، وسالت على إثر وقائع مؤسفة دماء كثيرة، لكن هناك فترات أخرى كان التعايش والرحابة بين الطوائف والأعراق مميزا للغاية
فعلى سبيل المثال في مدينة الإسكندرية بمصر وفي إحدى الحقب التاريخية كانت المدينة تعج بالمصريين الأقباط والمسلمين واليهود، والجاليات اليونانية والإيطالية والفرنسية، كما في تونس مدينة جربة نفس الأمر.


لكن عندما تتدخل السياسة في الدين، والدين يقتحم السياسة، العديد من الأمور تتغير، وكل طرف ينكمش على حاله، ويشتعل فتيل الفتن والحروب الأهلية والصراعات العقائدية والقبلية والدينية وغيرها.


وأنا بناء على مسئوليتي وإحساسي بدوري وواجبي عقب فترة الربيع العربي جاءت بعض المحاولات للانغلاق وعدم الرحابة بالآخر، فلذلك قدمت فيلم "جزيرة الغفران" من هذا المنطلق.

*الربيع العربي جعلك تقدم الفيلم بهذا الشكل وهذه الطريقة.. إذن هل كان لديك طريقة مختلفة في طرح الفيلم سابقا؟


كما تعلم فإن فكرة الفيلم راودتني للمرة الأولى في فترة الستينيات من القرن الماضي عندما كنت لا أزال شابا صغيرا، فبحكم الخبرة القليلة والاندفاع في ذلك الوقت كنت متمسكا بطريقة واحدة لتقديم العمل.


لكن عندما كبرت وبدأت العمل على الفيلم بشكل جدي، كنت أكثر اتزانا وعقلانية، فعندما أردت تقديم عمل يجسد ضرورة قبول الآخر فخرج بأسلوب يتماشى مع الزمان الحالي الذي نعيش فيه. 


*الأسرة في القصة التي اقتبس منها الفيلم كانت "يونانية".. فما الذي جعلك تقرر أن يكون جنسيتها في الفيلم إيطالية؟

اخترت ذلك استنادا على الأثر في المجتمع التونسي، فأثر اليونانيين أقل بكثير من أثر الإيطاليين في العديد من الجوانب الحياتية والمجتمعية، في الطعام والمطبخ نجد أثر الإيطاليين أكبر في المجتمع التونسي وفي اللهجة أيضا، كذلك الثقافة والطبائع العربية التونسية أقرب لإيطاليا من اليونان.

*على مدار مسيرتك الطويلة ارتبطت أفلامك بالساحل والبحر.. فما السبب؟

 

نعم هذه حقيقة، فأنا نشأت وتربيت في مدينة القيروان والتي تبعد عن البحر المتوسط مسافة ليست بالقليلة، ففي تكويني ونشأتي البحر بالنسبة لي متنفس ورمز للانطلاق والحرية، كما هو كذلك تماما بطبيعة الحال لأي شخص مصري ولد في المدن والأقاليم البعيدة عن البحر والمدن الساحلية كالإسكندرية وغيرها.

*كيف ترى حال السينما العربية في الوقت الحالي.. ولماذا لا تحصد الأفلام العربية صدى في المهرجانات العالمية؟

دعني أؤكد لك أن السينمائيين العرب كانوا على مدار عقود طويلة مؤثرين للغاية ولهم إسهامات في عالم السينما عالميا، والأفلام العربية تتواجد على مر السنين في جميع المهرجانات الأوروبية من كان وفينيسيا، ولا تظن أن التراجع في السنوات الأخيرة حالة دائمة إطلاقا.

أما بخصوص حصد الجوائز أو نيل الصدى الواسع عالميا فالفيلم العربي ليس تجاريا بشكل بحت لأجل ذلك لا يحصد جوائز عديدة بصفة مستمرة، ولسبب آخر أيضا أراه جوهريا هو أن بعض المهرجانات العالمية تعمد إلى مشاركة الفيلم العربي بمسابقات هامشية وليست رسمية ضمن مسابقات المهرجان، ولكن يقومون بتفريغ مشاركات العرب لمسابقات عدة فتجد ما ينتهي به الحال من ندرة حصد الجوائز.

*قلت في أكثر من لقاء أنك تحب السينما المصرية.. احكي لنا التفاصيل ؟

بالفعل أنا مهووس بالسينما المصرية، وأعشق الفنانين المصريين وأحبهم فردا فردا، وعملت مع عمالقة السينما المصرية مثل محمود مرسي وكمال الشناوي، وعلى مدار مسيرتي كان لي العديد من الأصدقاء في مصر من النقاد والشعراء وكنا نلتقي كثيرا في لبنان ومصر وتونس وعدد من البلدان العربية، وأنا لا أعتبر نفسي غريبا عن مصر بل واحدا من تلك البلد.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" 

الجريدة الرسمية