رئيس التحرير
عصام كامل

عملية النمس.. حكاية كارثة نووية كادت أن تقضي على العالم

صاروخ باليستي سوفياتي
صاروخ باليستي سوفياتي

"السبت الأسود".. ذكرى مرعبة مر عليها ستون عامًا، وعلى الرغم من ذلك لا تزال عالقة في الأذهان، وذلك نظرًا لأن العالم حينها اقترب من حافة الكارثة النووية خلال أزمة الصواريخ الكوبية في الستينيات، الأمر الذي يتشابه مع نفس السيناريو اليوم في ظل تخوف العالم من صدام نووي بين روسيا وأمريكا فى أوكرانيا.


  
أزمة الصواريخ الكوبية

قبل ستون عاما، وتحديدا في العام 1962، كاد قائد غواصة سوفياتية أن يأمر بعملية إطلاق نووي  من غواصة مسلحة نوويا، بعد أن أصيب بالذعر واقترب من طوربيد نووي خلال أزمة الصواريخ الكوبية (غزو خليج الخنازير وعملية النمس) بعد أن أربكته التكتيكات الأمريكية العدوانية.


 
السبت الأسود

ويتفق العديد من المؤرخين النوويين على أنه في 27 أكتوبر عام 1962، الذي يعرف بـالسبت الأسود، اقترب العالم من حافة الكارثة النووية، فيما فرضت القوات الأمريكية حصارا على كوبا لوقف تسليم الصواريخ السوفياتية.

 

وفي اليوم نفسه، أُسقطت طائرة تجسس من طراز "U-2" فوق الجزيرة، وفقدت أخرى فوق سيبيريا عندما ضل الطيار طريقه.

 

وبعد مرور 6 عقود على أخطر يوم في العالم، أدى إزاحة الستار الأسبوع الماضي، عن إطلاق طائرة حربية روسية صاروخا قرب طائرة عسكرية بريطانية من طراز "RC-135 Rivet Joint"، فوق البحر الأسود، لزيادة المخاوف مجددا من أن سوء التقدير أو الحوادث قد تتسبب في تصعيد خارج عن السيطرة.

 

الغواصات السوفيتية 

وفي أكتوبر عام 1962، أرسلت الولايات المتحدة قواتها المضادة للغواصات، لملاحقة الغواصات السوفياتية التي تحاول التسلل عبر الحجر المفروض على كوبا.

 

وجاءت أخطر لحظة عندما اضطرت إحدى تلك الغواصات، B-59، إلى الصعود إلى السطح في وقت متأخر من الليل ببحر سارجاسو لإعادة شحن بطارياتها، ووجدت نفسها محاطة بـ مدمرات أمريكية وطائرات مضادة للغواصات تحلق في سماء المنطقة.

 

وبحسب أحد كبار الضباط الذين كانوا على متن الغواصة، وصف القبطان الثاني، فاسيلي آرخيبوف، رئيس أركان لواء الغواصات الـ69، المشهد.

 

وعدد آرخيبوف ما حدث في هذه الواقعة: "تحليق الطائرات فوق برج قيادة بـ20-30 مترا، استخدام كشافات قوية، إطلاق نار من مدافع آلية (أكثر من 300 قذيفة)، إطلاق قنابل الأعماق، توجيه الأسلحة على الغواصة".

 

وفي روايته، التي قدمها للمرة الأولى عام 1997 لكن نشرها للمرة الأولى أرشيف الأمن القومي التابع لجامعة جورج واشنطن، فقد القائد الأول للغواصة فالنتين سفيتسكي رباطة جأشه.

 

تحليق طائرة أمريكية

وقال آرخيبوف إن إحدى الطائرات الأمريكية "أضاءت كشافات قوية وأعمت أبصار الناس على الغواصة حتى تؤلم أعينهم. كانت صدمة. لم يتمكن القائد بدنيا من إعطاء أي أوامر، لم يتمكن حتى من فهم ماذا كان يحدث".


وكان الخطر، بحسب آرخيبوف: "أن القائد كان بإمكانه غريزيا، وبدون تفكير، توجيه أوامر بالغوص الاضطراري، ثم بعد النزول تحت الماء، لم يكن ليخطر ببال أي أحد سؤال ما إذا كانت الطائرة تطلق النار على الغواصة أم حولها. هذه حرب".

 

وفي روايته، قلل آرخيبوف من دوره ومدى اقتراب قائد الغواصة B-59، سفيتسكي، من إطلاق طوربيد نووي.

 

ومع ذلك، حاورت سفيتلانا سافرانسكايا مديرة البرامج الروسية بأرشيف الأمن القومي، قائدا آخر للغواصة من نفس اللواء، ريوريك كيتوف، الذي قال إن سفيتسكي كان مقتنعا أنهم يتعرضون لهجوم وأن الحرب مع الولايات المتحدة بدأت.

 

وأصيب القائد بالذعر، ودعا لـغوص اضطرار وتجهيز الطوربيد رقم واحد ذي الرأس النووي. ومع ذلك، سادت لحظات من التردد، أدرك فيها آرخيبوف أن القوات الأمريكية كانت تعطي إشارات وليس هجوما، وأطلقت النيران عمدا بجانب الغواصة.

وطبقًا لصحيفة "الجارديان"، كان حادث الغواصة B-59 مجرد واحدة ضمن سلسلة أزمات متتالية ذاك اليوم؛ حيث فقدت طائرة من طراز "U-2" فوق سيبيريا عندما ضل طيار الاتجاهات، وأعمى بصره الشفق القطبي، وضلله عطل في البوصلة قرب القطب الشمالي.

الجريدة الرسمية