رئيس التحرير
عصام كامل

من بواب العمارة لخيانة زوجية.. كيف تغيرت شخصية نوال السعداوى من طبيبة بشرية لكاتبة مثيرة للجدل؟

الدكتورة نوال السعداوي
الدكتورة نوال السعداوي

امرأة متمردة على طبيعتها، صاحبة أفكار وآراء جريئة، وصفت بأنها امرأة ضد التيار، عملت طبيبة أمراض صدرية إلا أن قضية تحرر المرأة كانت شغلها الشاغل فتحولت إلى الدعوة إلى حقوق المرأة واستمرت في نضالها أكثر من سبعين عاما حتى رحلت عام 2021، الدكتور نوال السعداوي التي ولدت في مثل هذا اليوم عام 1931 ووصفتها جريدة التايم الامريكية بأنها من أكثر النساء تأثيرا في العالم.


ولدت الكاتبة نوال السعداوي بمحافظة القليوبية وتخرجت في كلية الطب لتعمل طبيبة أمراض صدرية وهي في نفس الوقت كاتبة وروائية مصرية مدافعة عن حقوق المرأة وكان لها آراء مثيرة للجدل، اشتهرت بمحاربتها ظاهرة ختان الإناث، والزواج المبكر وتعدد الزوجات، ودعمت عمل المرأة ،وحقها السياسى، ونشرت مجموعة من الأعمال الأدبية التي تناقش مشاكل المرأة، منها كتاب "المرأة والجنس" ولكن أسلوب تناولها لتلك المشاكل أثار غضب الكثيرين، وأدى إلى فصلها من وزارة الصحة، ووصف رجال الدين آرائها بالعبث ومخالفة الدين، ووصل الأمر إلى رفع دعاوى الحسبة للتفريق بينها وبين زوجها الأخير.

مذكرات طبيبة 

في كتابها "مذكرات طبيبة" تحكي السعداوي عن حجم القيود الكثيرة التي عانت في صغرها وتأثرت بها بشدة وجعلتها تكره أنوثتها، بعدما شعرت أن أنوثتها كالسجن بالنسبة لها، حين تكشفت حجم الاختلاف الكبير في طريقة التربية بينها وبين أخيها الصغير، هذا الحجم شمل كافة جوانب حياتها بدءًا من حرية الحركة، وإمكانية الخروج بدون استئذان،والسهر مع الأصدقاء، وهو لم يكن متوفرا بالنسبة لها.. حتى طريقة تصفيف شعرها ليس لها حرية فيها.

الدكتورة نوال السعداوى 

تزايد شعور نوال السعداوى بالخزى من مظاهر أنوثتها كالدورة الشهرية مثلا عندما كبرت، وكلما كبرت كان يضيق عليها السجن أكثر فأكثر، لكنها كانت تعشق مصاحبة الأطفال وهي في سن المراهقة وكانت دائما ما تتابعهم في لعبهم حتى حاول بواب العمارة الاعتداء عليها، وألقت الأم اللوم عليها مما أورثها عقدة تجاه الجنس الآخر.


كان أول ضحايا نوال السعداوى شعرها الذى قصته عند الحلاق كأول خطوات الحرية حيث شعرت وأنها كسرت أول قضيب من قضبان سجنها وكان عقابها صفعة على وجهها من أمها..

ذكريات اليمة 

تحكى نوال السعداوى في كتابها “أوراق حياتى” المترجم بعنوان “ابنة إيزيس” السيرة الذاتية للدكتورة نوال السعداوى المرأة التى عاشت حياتها كلها مثيرة للجدل، من الطفولة وتخرجها في كلية الطب حتى مرحلة نضالها فى سبيل حقوق المرأة وتحقيق العدل والمساواة وتبرز فيه دور الأم فى حياتها وتعترف أن تأثير أمها كان قليلا فى طفولتها حيث كانت تفضل عليها شقيقها الأصغر لأنه ولد، وكان والدها هو صاحب الدور الأكبر إلى أن وصلت سن الستين فأصبحت تعى دور أمها تماما وأصبحت تفتقدها كثيرا ولكن بعد الرحيل.


تقول الدكتورة نوال السعداوى: بالرغم من ذلك عندما ماتت امى رأيت الكون كله ميتا وبعد أربعة أشهر من رحيلها رحل أبى، كنت أشعر أنها كانت تناديه، وشعرت أنها أحق باسمى وسعيت لأن اجعل اسم الام بدل اسم ابويا فيكفى أنها علمتنى حروف الهجاء، وقوبلت بهجوم شديد لهذا الادعاء.


أما أول صدمة في حياة نوال السعداوى فكانت حين تقدم لها عريس وأجبرتها أمها على ارتداء فستان والجلوس مع العريس ليتفحصها حتى انها شعرت بأنه ينتهك جسدها بنظراته وضغط عليها والدها حتى تيقنت أن الزواج مصير محتوم.

تزوجت نوال السعداوى 3 مرات، الأولى كانت من صديقها الدكتور أحمد حلمي، شعرت انه لا يؤمن بالفوارق بين المرأة والرجل، لكنها عند عقد القران شعرت بالنفور منه ـ كما تقول مذكراتها ـ واعتبرت عقد الزواج عقد بيع وشراء، والزيجة الثانية من رجل قانون لم تستمر معه طويلا حيث خيرها بين الكتابة او استمرار الزواج، أما زيجتها الثالثة فقد انتهت بعد 43 عام زواج من الروائي والسياسي شريف حتاته، وكانت فخورة بذلك الزواج وقالت كثيرا إنه الرجل الوحيد على كوكب الأرض الذي يؤمن بحرية المرأة ويدعم قضيتها، إلا أنها اكتشفت بعد مرور ذلك العمر بينهم انه خانها مع أخرى فانفصلت عنه، واستكملت مشوارها بين كتبها وكتاباتها.

اعتقالات سبتمبر 

اعتقلت نوال السعداوى ضمن اعتقالات سبتمبر 1981 فى عهد السادات وخرجت من المعتقل لتكتب مذكرات “فى سجن النساء” وطالب أحد المحامين بإسقاط الجنسية عنها للأفكار التى تنادى بها ووصفها بالشاذة ورفضت محكمة القضاء الإداري دعوته.

امرأة حرة 

جريمتي الكبرى انني امرأة حرة فى زمن لا يريدون فيه إلا الجوارى والعبيد، ولدت بعقل يفكر فى زمن يحاولون فيه إلغاء العقل". 
وتوفيت الدكتورة نوال السعداوي فى العام الماضى بعد صراع مع المرض، بعد تعرضها لوعكة صحية، عن عمر يناهز 90 عامًا.

الجريدة الرسمية