رئيس التحرير
عصام كامل

حر وحرائق وجفاف.. الأرض تعلن الحرب

ربما انتبهنا فقط خلال هذه الأيام إلى أن هناك حرائق في العالم، بسبب عدد محدود من الحرائق في القاهرة والمنيا والإسكندرية، معظمها كان في دور عبادة مسيحية، وآخرها بمول كارفور بالإسكندرية، وكشفت التحقيقات جميعها أنها غير عمدية، وأن الفاعل المتسبب هو غياب الصيانة.. ومن أوروبا إلى أمريكا وآسيا والشرق الأوسط، نجد أن الحرائق على الكوكب أشد توحشا، تأتي على ملايين الأفدنة من المزروعات، بل إن الجفاف تحالف مع الحر القائظ، وكلاهما من صنع الإنسان!


الإنسان يقتل الإنسان في أوكرانيا وفي فلسطين وفي مالي وفي نيجيريا وفي سوريا وفي اليمن وفي بيروت وفي العراق وفي ليبيا وفي أمريكا، وحتى من غير الذين يمارسون العنف الدموى بالسلاح، فإن الممارسات الحياتية للبشر، وسوء استخدام الموارد الطبيعية، والتعامل مع الأرض بوصفها جمادا لا يتأثر، هذه العوامل مجتمعة دفعت الكوكب دفعا أن يرد الصاع صاعين!
 

كوارث طبيعية

 

الصورة الآن واضحة: الإنسان يهلك الكوكب، والكوكب يهلك الإنسان. ليس ما نقوله وهما ولا تنبؤات، بل حقيقة صادمة مفجعة، فانظروا إلى حرائق أوروبا من إسبانيا إلى اليونان، وجنوب فرنسا وبريطانيا، وانظروا إلى حرائق الجزائر والمغرب، وحرائق كاليفورنيا وما ارتبط بها جميعا من دمار عارم للثروة النباتية وأشجار الغابات، وأجناس من الحيوانات.
 

لكن.. كارثة الكوارث حقا ما كشفت عنه صور الأقمار الصناعية من جفاف ضرب ويضرب ستة أنهار في أوروبا وفي أمريكا وفي آسيا وفي الشرق الأوسط، وأدى جفاف هذه الأنهار، أو تناقص الماء فيها إلى ثلاثة آثار خطيرة، أولها حدوث انحسار في عرض النهر، وتناقص في طوله، وانكشاف قيعان الأنهار، وظهور بقع أرضية بارزة، كانت المياه تغمرها فيما سبق قبل أن يحل الجفاف بسبب الحر الشديد. من يصدق أن حرارة لندن تقترب أو تتجاوز الأربعين مئوية؟!


نهر الراين الذي يمر عبر عشرة دول أوروبية تقلصت مياهه، وأدي ذلك إلى صعوبات في النقل البحرى، وبروز جزر يابسة، جعلت حركة الشحن النهري كابوسا، وهناك أيضا كارثة بنهر كولورادو غربي الولايات، حيث يعاني الناس من جفاف غير مسبوق، وفي آسيا، في الصين حيث نهر يانجتسى برزت بطنه وأعلنت الصين لأول مرة منذ تسع سنوات عن حالة جفاف بالبلاد، وموجة حر رهيبة لم تشهدها منذ ستة عقود..

 

 

ثم نهر البو من شمال إيطاليا إلى بحر الأدرياتيكي وهو نهر يستمد مياهه من ذوبان ثلوج الشتاء. الآن هو جاف وقيعانه برزت. ملايين البشر يعتمدون علي هذا النهر الذي نضب، وخذ أيضا نهر البو في فرنسا، ونهر الدانوب أطول أنهار غرب أوروبا.. جفاف جفاف.
نهرنا بخير والحمد لله.النيل بخير وممتلئ بحمد الله، لكن ما يصنعه الناس بالموارد الطبيعية من حروب وحرائق وصناعات كيماوية وعوادم وفريون، انقلب عليهم وبالا وخرابا!

 أن تجف ستة أنهار كبرى في العالم.. هذه مصيبة.. وإنذار! أما الزوال فيبدأ حقا مع ذوبان كتل الجليد بالقطبين شمالا وجنوبا.. عندئذ يكون السيل العرم!

الجريدة الرسمية