رئيس التحرير
عصام كامل

حازم الببلاوي: لاتوجد دولة تستطيع الاستمرار في زيادة ديونها.. والوقت مبكر لتقييم القرارات الاقتصادية الأخيرة| حوار

د. حازم الببلاوى
د. حازم الببلاوى

نجحنا في إعادة البلاد إلى وضعها الطبيعي بعد ثورة 30 يونيو
الحكومة الحالية تحاول قدر استطاعتها توفير مطالب الناس
 مررنا بالفترة الانتقالية بقدر معقول من النجاح
بسط الإخوان لسلطانهم كان أمرا عصيبا على مصر وعواقبه وخيمة  
ثورة 30 يونيو أعادت مصر إلى وضعها الطبيعى وخلصتها من قلق وتوتر نموذج الإخوان
لسنا حاليا فى أحسن ولا فى أسوأ الأحوال وتم إصلاح بعض المشكلات القديمة 
الحوار الوطنى يجب أن يناقش قضية التزايد السكاني ولابد من حل مقبول ومناسب


 

أزمة هوية وحكم ورؤية ومستقبل، كلمات موجزة تلخص شهادة الدكتور حازم الببلاوى، أول رئيس وزراء بعد ثورة 30 يونيو 2013 خلال حوار لـ«فيتو». 


بدت كلمات الرجل وكأنها لافتات عملاقة تصف بدقة علاقة «الإخوان» بمصر خلال فترة حكمها، التى استدعت خروج الشعب المصرى عن بكرة أبيه فى ثورة حاشدة، يواجه فيها جملة من المخاطر كانت كفيلة بتدمير مستقبل البلاد وتغيير هويتها التاريخية.


قدم الببلاوى كشف حساب لحكومته الانتقالية وثمن مجهودها فى مواجهة المتغيرات والتعامل معها، كما تطرق إلى الحديث عن فض اعتصامى رابعة والنهضة وحكم المرشد وأزمات الكهرباء والغاز والبنزين إلى آخر المشكلات الاجتماعية والسياسية التى كانت تروج بتصريحات استفزازية من رءوس حكم الإخوان، نهاية بالساعات الحاسمة قبل تدخل الجيش لإنقاذ البلاد.. وإلى نص الحوار:

 

*أُسندت إليك رئاسة الوزراء فى هذه المرحلة العصيبة.. حدثنا عن ملابسات ترشيحك ومدى تمكن الخوف أو التردد منك خشية من عواقب قرارك؟
إطلاقا، لم أشعر بخوف أو تردد من تولى المنصب فى هذا الوقت الحرج، لكن كان لدى شعور بحجم المسئولية وضخامتها، وكان من الواجب تحمل هذه المسئولية رغم دقتها، فأى فوضى فى هذا الوقت كان من الممكن أن تؤذى بلد بأكمله، لهذا كنا فى حاجة إلى شخص لديه قدرة على تحمل المسئولية بأكبر قدر ممكن.

*ما هى أصعب الملفات التى واجهتها خلال الفترة الانتقالية، ولأى مدى كانت تحتاج إلى تدخل سريع؟
لا أستطيع تحديد أصعب الملفات لأن المرحلة كانت صعبة إجمالا، لكن ما يمكن قوله إن المسئولية الرئيسية لتلك المرحلة إعادة مصر إلى ميزانها ومكانتها الطبيعية، بحيث يشعر المواطنون بالاطمئنان على استمرار تاريخ مصر الطويل دون عبث أو تغيير خطير، وهذا ما نجحنا فيه، كما أن البلد كان فى حاجة إلى كل ما يضمن له عوامل الاستقرار.

 

*خلال حكم الإخوان تعرضت مصر لأزمة ضخمة فى الكهرباء، كيف استطاعت حكومتك القضاء على المشكلة سريعا؟
الحمد لله فى فترة رئاستي للحكومة لم يشعر أحد بأى أزمة فى الكهرباء، على عكس فترة الإخوان، لأن المسئولين عن الكهرباء فى فترتى كانوا من أفضل الكفاءات المخلصة فى هذا القطاع، وكانوا يدركون جيدا حجم المشكلة، واستطاعوا إيجاد الحلول المناسبة فى أقل وقت ممكن، كما أنهم رفضوا استمرارا البلاد فى وضع مقلق لشعبها.

*وكيف استطاعت حكومتك القضاء على أزمة الطوابير أمام محطات البنزين؟
أتذكر أن الجيش ساعد بشكل كبير فى توفير البنزين، وما فاقم المشكلة آنذاك الشائعات والتوتر وقلق المواطنين من توفر البنزين فى أوقات لاحقة وبالكميات المناسبة؛ لذلك كان البعض يهرول إلى محطات البنزين فى محاولة الحصول عليه وتخزينه، ليس لأنهم فى حاجة له، ولكن كما قلت لأنهم شعروا بالقلق من عدم توفره مستقبلًا بسهولة، لكن عندما شعر المواطنون بأن الأمور على ما يرام ولا يوجد خطر أو احتمالية عدم توفر البنزين فى المستقبل، تراجع الجميع عن أخذ المزيد وتخزينه.

*بصيغة أكثر عمومية فى الحديث.. ما هو أكثر ملف ترى أن حكومتك أنجزت فيه بطريقة ممتازة؟
لا أستطيع القول إن هناك بعض القرارات أو الملفات التى أرضى عن مستوى الأداء فيها أو العكس، إنما الأكيد أنها كانت فترة دقيقة وصعبة للغاية على الحكومة كما كانت صعبة على المواطنين، لكن الأهم أنها مرت بسلام بأقل قدر من التضحيات.

 

*نشعر أنك لا تريد أو ربما لا تحب الحديث بطريقة تفصيلية عن أداء الحكومة فى إجمالى الملفات خلال ترؤسك لها.. هل هذا صحيح؟
ليس الأمر كذلك، لكن لا أجزم بأن الأداء كان جيدا جدا أو سيئا، مع اليقين بأن المشكلة كانت صعبة، وأعتقد أنها مرت بقدر أكبر من المعقول، ولم يشعر المواطنون بحرمانهم فجأة من الكهرباء أو ضعف فى أي من الموارد الأساسية لديهم؛ لذلك أقول إننا مررنا بالفترة الانتقالية بقدر معقول من النجاح.

*حدثنا عن نائبك آنذاك الرئيس السيسى وزير الدفاع وقائد الثورة.. كيف كانت العلاقة بينكما فى الحكومة؟
كلنا كنا نشعر بأننا فى مركب واحد، يتحمل الجميع مسئوليته؛ لأن الفترة بطبيعتها كانت صعبة، والمطلوب من الحكومة توفير الظروف المناسبة حتى ننتقل إلى الأوضاع الطبيعية بأقل قدر من الصعوبات للناس، ولهذا كانت الأمور تجرى بشكل سليم بين الجميع.

*وماذا عن المستشار عدلى منصور رئيس مصر خلال الفترة الانتقالية؟
طبيعة هذه الفترة أنها انتقالية، وليست فترة حكم دائم، وكان مسئوليتها نقل الحكم إلى رئيس منتخب، ولهذا كان بها نوع من الصعوبة، لكن لحسن الحظ أن الأمور مرت بدرجة معقولة من الاستقرار والأمان.

 فض اعتصامى رابعة والنهضة

*وماذا عن فض اعتصامى رابعة والنهضة؟
قرار الفض بهذه الطريقة كان آخر الحلول، حيث أعطينا العديد من الفرص لآخر لحظة قبل الفض لكى يترك المعتصمون الميادين ويعودوا إلى منازلهم، لكن كانت هناك معلومات ومؤشرات خطيرة والبديل كان أقسى وأضر على المدى البعيد، حدث الفض وانتهى بخروج الناس فى نهاية اليوم من الميدان وإنهاء التظاهر، وأهم ما فى الأمر إعادة البلاد إلى ظروف طبيعية وحل الأزمة فى ذات اليوم، وهذا ما حدث حيث انصرف الناس قبل أذان المغرب، وبدأنا نعود إلى الوضع الطبيعى.

*ماذا كان يحمل المستقبل لمصر إذا لم تحدث ثورة 30 يونيو؟
لا أحد يستطيع معرفة ماذا يحدث فى المستقبل، ولكن على وجه العموم كانت ستحدث مشكلة ضخمة، لأن الإخوان إذا نجحوا وقتها فى بسط سلطانهم كانوا سيتحكمون فى السلطة وتسخيرها فى تنفيذ توجهاتهم، وهذا أمر عصيب على مصر، فلا أحد كان يستطيع تحمل عواقب ذلك، وعلى وجه اليقين، يمكن القول إن هذه الفترة من الفترات التى احتاجت فيها مصر إلى إسناد نفسها لكى تعيد لها هويتها.
ثورة 30 يونيو

*بعد مرور 9 سنوات على ثورة 30 يونيو.. هل حققت مطالبها؟
الثورة أعادت مصر إلى وضعها الطبيعى، وخلصتها من قلق وتوتر نموذج الإخوان، وهذا لا يعنى أننا فى أحسن الأحوال، ولكن لسنا أيضًا فى أسوأ الأحوال، تم إصلاح بعض المشكلات القديمة، وفى كل فترة تظهر بعض المطالب للمواطنين التى لها أسبابها، والحكومة تحاول توفير ما تستطيع من المناخ المناسب.

 

*حدثنا عن المواقف الصعبة التي مررت بها أثناء توليك رئاسة الحكومة بخلاف قرار فض اعتصامي رابعة والنهضة؟

كما قلت سابقا هي فترة انتقالية من مرحلة إلى مرحلة جديدة وبطبيعتها كانت فترة صعبة لعدم وضوح الرؤية، كانت عبارة عن نقلة من شيء قديم إلى آخر جديد وأهم شيء في هذه الفترة كان توفير الاستقرار في البلد وإعطاء المواطنين شحنة من الأمل بأن الأمور تجري في طريق التحسن وليس في زيادة المشاكل، وأعتقد أن المرحلة كانت في مجملها صعبة ولكن مرت بسلام.

 

*وكيف كان تعامل الرئيس السابق عدلي منصور والرئيس عبدالفتاح السيسي - وزير الدفاع آنذاك -  معك ؟

كلنا كنا على علم بأننا في قارب واحد والجميع تحمل مسئوليته؛ لأن تلك الفترة كانت كما قلت بطبيعتها صعبة ولذلك كان المطلوب من الحكومة توفير الظروف المناسبة كي ننتقل إلى الأوضاع الطبيعية بأقل قدر من الصعوبات للناس، ولهذا كانت الأمور تجري بالشكل المناسب بين الجميع.

*ما القضايا التي ترى ضرورة وجودها على أجندة الحوار الوطني فور بدء أعماله؟
توجد قضية هامة للمستقبل وهي التزايد السكاني، ولابد من وجود حل مقبول ومناسب؛ لأن مصر شهدت خلال الفترة الماضية زيادة كبيرة في تعداد السكان، ونحتاج إلى قدر من الجدية في معالجة هذه القضية.

*وهل ترى إمكانية دعوة الإخوان إلى الحوار الوطني؟ 
ليس لدي اهتمام بالإخوان أو غيرهم ولكن هناك شعب وقضية مصرية فجميع المصريين مدعوين لإبداء رأيهم والتعبير عن ما يحدث وهذا هو الجدير بالاهتمام، وأي انسان مصري من حقه أن يقول رأيه بكل أمانة وأن يؤخذ هذا الرأي بأكبر قدر من التقدير والاحترام، وكما قلت لا أهتم بالصياغة سواء كانوا إخوان أو غيره.

 

*شغلت منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي بعد تركك للوزارة عام 2014.. كيف استطعت خدمة مصر في هذا المنصب؟
مندوب مصر سواء في الأمم المتحدة أوصندوق النقد الدولي يمثل مصر والعديد من الدول العربية فهو يتكلم باسمهم، ومنوط به الدفاع عن مصالحهم في كل ما يتخذه صندوق النقد الدولي من قرارات.
ويوجد 20 عضوا تقريبا في مجلس الإدارة كل شخص منهم يمثل دولة أو مجموعة من الدول وأنا كنت ممثلا للمجموعة العربية، وبالطبع المجموعة العربية لها مصالح في مختلف العلاقات مع دول العالم وينبغي أن يكون لها صوت مرتفع وهذا هو الدور الذي قمت به كممثل لمصر في صندوق النقد الدولي بجانب الدفاع عن المصالح الأساسية للدول الأعضاء.

*وما رأيك في لجوء الحكومة إلى القرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها مؤخرا؟

الوقت مبكرًا للغاية للحديث عن هذه الملفات لأن الصورة لم تتضح حتى الآن.

 

* كيف ترى مستقبل مصر اقتصاديًا في ظل أزمة ارتفاع التضخم عالميًا بسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية؟
مستقبل مصر يحققه أبناؤها وأي قضية قادمة من الخارج تتوقف على ما يستطيع أبناء هذا الشعب تقديمه من جهد، وأعتقد أن الحكومات المتتالية تراعي أكبر قدر من المسئولية لتحقيق المصالح المصرية بوجه خاص والمصالح العربية بوجه عام.

 

*ما رأيك في الموازنة الجديدة للدولة لعام 2022 / 2023 ؟ 
الدولة تعلن الموازنة كل عام ولا تختلف كثيرًا عن بعضها في السياسات الاقتصادية، ومصر تسير في طريق السياسات التي تتبناها منذ عدة سنوات وهي تسير بقدر معقول من النجاح.

ملف الديون

*كيف يمكن التعامل مع ملف الديون والقروض وعجز الموازنة؟

الديون قضية مهمة، وينبغي أن ننظر إليها بالقدر الكبير من الجدية لأنه لا توجد دولة تستطيع أن تستمر في زيادة ديونها وأعتقد أن الحكومة المصرية على وعي كامل بهذا الملف وكيفية إدارته.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..

الجريدة الرسمية