رئيس التحرير
عصام كامل

ورقة عمل اقتصادية للحوار الوطني

كم كتبت عن ضرورة إنشاء المصانع والاهتمام  بالتصنيع؛ لأنه السبيل الأمثل -مع الاهتمام بالزراعة- إلى تحقيق الرفاهية والاكتفاء الذاتي، والاستغناء عن تقلبات الدولار، وإدخال العملة الصعبة لمصر بدلا من إخراجها للاستيراد، وهنا سوف أستعرض بعض جهود الدولة لإنشاء المصانع والنهضة التصنيعية، لكن قبل ذلك الاستعراض الواجب على كل وسيلة إعلامية تقديمهن ليعرف المواطن الجديد في ذلك الملف، أتحدث عن شيء مهم جدا وهو أنه على الرغم من الجهود في إنشاء مصانع جديدة إلا أن ذلك الأمر يحتاج إلى أمر ضروري.. 

 

فبداية من الذي يمتلك هذه المصانع؟ طبعا ليست الدولة التي من أولوياتها التخلص من امتلاك أي شيء خاصة المصانع، وجعل ذلك مسؤولية القطاع الخاص والمستثمرين، إذا ننتظر المستثمر ليمتلك المصنع الذي تقيمه الدولة ممثلة في وزارة الصناعة التي قامت بإنشاء 17 مجمع صناعي بـ15 محافظة على مستوى الجمهورية، بتكلفة استثمارية اجمالية بلغت حوالي 10 مليار جنيه، أو نعرض بعضا من هذه المناطق والمجمعات على الشباب بمقدمات معقولة، وهذا شيء طيب، لكن دعونا ننظر للأمر من وجهة نظر عملية..

 

في الحقيقة لن تؤتي هذه المجمعات ثمارها، ولن يقبل عليها المستثمرون إقبالا جيدا، وسوف تظل الصناعة تعاني، ذلك لأن المستثمر يريد أن يستثمر أمواله في صناعة مضمونة المكسب سريعة العائد، فيتجه إلى الصناعات الغذائية غالبا، أو مساحيق التنظيف والتجميل، ورغم ذلك أصبح الأمر صعبا للمنافسة والغلاء، وكذا الحال مع الشاب الذي يحسب فرص نجاحه في امتلاك مصنع فيجدها ضعيفة؛ مما يجعله يحجم عن التملك والإدارة.

وقف الاستيراد


الحل الذي أتمنى أن يطالعه أحد المسئولين أو يأخذ به في الحوار الوطني المقدم لرئيس الجمهورية، أو يطالعه رئيس الجمهورية لتتقدم الصناعة المصرية وتنافس، ويقل الاعتماد على الدولار، بل يزداد الداخل منه، ومن كل عملة أجنبية، يتلخص في أنه من الضروري أن يجتمع رئيس الجمهورية مع رئيس البنك المركزي، ورؤساء بنكي الأهلي ومصر بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، والدكتور محمد معيط وزير المالية، وفي هذا الاجتماع يمسك رئيس الجمهورية بفاتورة كل ما تستورده مصر من منتجات وسلع، ثم يطلب من رؤساء البنوك استثمار الأموال المكدسة لديهم في فرص استثمارية واعدة.. 

 

بأن يعلنوا عن إقامة مشروعات صناعية للشباب بنظام الشراكة مع البنك، وهذه المشروعات ستكون في تلك المنتجات التي تستوردها مصر، ويأمر الرئيس بتحديد عدد المصانع اللازمة لوقف الاستيراد من سلعة ما، ويعطي فرصة لإنشاء المصنع مع تمليكه للشباب، ومع بداية الإنتاج يأمر بوقف الاستيراد، وهنا سيكون ذلك المصنع رابحا مائة بالمائة، فيعود الربح على البنك وعلى الشباب الذي تم تدريبه وتمليكه المصنع دون أن يتحمل ماليا الكثير، وبذلك ستجني مصر الكثير..

 

مثل وقف الاستيراد لوجود البديل المحلي الأكثر جودة من الخارج، والذي ستشرف عليه جهات الجودة المختلفة، الأمر الذي يوقف التكالب على الدولار فينخفض سعره، كما أن ذلك الأمر سيعني خفض معدلات البطالة، مع توجيه التعليم للوجهة الصناعية المرتبطة بسوق العمل وفتح أفق عمرانية صناعية جديدة. 

نهضة صناعية 


فالتقدم الصناعي يحتاج إرادة سياسية بداية وليس مجرد تصريحات وقرارات ب الاستثمار الصناعي، وإنما أوامر محددة بإنشاء مصانع لإنتاج ما يتم الأمر بمنع استيراده، مع الأمر لطرح تلك المصانع للشباب الذي يكون تم تدريبه جيدا على العمل وإدارة المصانع الجديدة، وذلك التدريب في أماكن يحددها وزراء التعليم الفني والعالي والصناعة الخ، وبعدها يتم توجيه التعليم الإعدادي لمواكبة النهضة الصناعية وتخريج دفعات تتجه للمجال الصناعي لتلبية الحاجة لإنشاء المصانع التي تعمل على سد الحاجة المحلية ثم التصدير. 

 

إذا لن تكون هناك نهضة صناعية ما لم يتدخل رئيس الجمهورية ويأمر بمنع استيراد المنتجات المختلفة مع تصنيعها في المصانع الجديدة التي تنشئها الدولة، ممثلة في وزارة الصناعة والقوات المسلحة، بتمويل البنوك تلك التي تعرضها على الشباب المدرب للعمل والإدارة لإنتاج ما تم وقف استيراده بقرار من رئيس الجمهورية، وتتولى البنوك أو أي جهة يراها الرئيس مسئولية تسويق منتجات تلك المصانع على الأماكن التي تحتاجها ليتفرغ المصنع للإنتاج والإجادة، فتكون مصانع رابحة جدا تغني مصر عن الاستيراد، بل تدخل العملة الصعبة من خلال التصدير. 

 

ولن يفيد مصر ما تقوم به من إنشاء مصانع بعيدا عما قلناه، رغم أنه يتم إنشاء هذه المجمعات متكاملة حيث تكون مزودة بكافة الخدمات اللازمة (مباني إدارية– مراكز تدريب – منشآت خدمية ولوجستية – بنوك) لضمان استدامة الأنشطة الإنتاجية وربطها بسلاسل الإنتاج المتكاملة. وقد ودشنت الهيئة العامة للتنمية الصناعية 17 مجمعًا صناعيًا في عدد من المحافظات، بإجمالي وحدات صناعية يبلغ عددها 5046 وحدة، توفر نحو 48 ألف فرصة عمل مباشرة، وبإجمالي تكلفة تصل إلى 10 مليارات جنيه. 

 

وهناك 4 مجمعات تم الإنتهاء من انشائها وتخصيصها بالكامل وبدأت المصانع العمل بها فعليًا وهي المجمع الصناعي بمدينة السادات بالمنوفية بإجمالي وحدات بلغ 296 وحدة، ويستهدف الأنشطة الإنتاجية في الصناعات الدوائية، الهندسية، والغذائية. والمجمع الصناعي ببورسعيد بإجمالي عدد وحدات بلغ 118 وحدة ويستهدف أنشطة إنتاجية متنوعة من بينها الصناعات الكيماوية، والهندسية، والغذائية، والغزل والنسيج. والمجمع الصناعي بمدينة بدر بالقاهرة بإجمالي عدد وحدات بلغ 87 وحدة، ويستهدف الأنشطة الإنتاجية في الصناعات الغذائية والهندسية والكيماوية، والمجمع الصناعي بمرغم 1 بالإسكندرية بإجمالي عدد وحدات بلغ 238 وحدة مخصصة للصناعات البلاستيكية.

الجريدة الرسمية