رئيس التحرير
عصام كامل

خطأ فائق الدقة!

خلال ساعات من استشهاد النبيلة شيرين أبو عاقلة أصدرت قوات الاحتلال النازية خمس بيانات متضاربة ومرتبكة واضطرت للتراجع التكتيكى بعد فشل رواية ربما برصاص فلسطينيين، ليخرج المتحدث العسكري الاسرائيلي قائلا من الممكن أن تكون شيرين أبو عاقلة قتلت برصاصة اسرائيلية بالخطأ، فما هذا الخطأ الذي أصاب الهدف بدقة متناهية بالخطأ، وهي ترتدي  واقي رصاص الصحافة واضطروا يضربوها في رأسها وفي مقتل وزميلها الذى أصابوه برصاصة فى ظهره كانت أيضًا بالخطأ.. 

 

ولكن فضيحتهم بجلاجل لأنها على الهواء وفي عصر الشفافية الكبرى والسوشيال ميديا التي تفاعلت سريعا مع الحدث. لتفشل قدرتها وخبرتها علي المداورة والمناورة والفلتان ونشرت هارتس تحقيقا صحفيا بالأدلة عن تورط  مجموعة دور دوفان من الجيش الاسرائيلى هى المسؤلة عن قنص شيرين أبو عاقلة من الخلف ومن  مدى  150  متر على مداخل  مخيم  جنين.. 

 

كما ثبت من الفيديو الذي بثه الجيش الاسرائيلي لتبرئة مجرمي الحرب فيه من الجريمة.. أنه مزور من فيديو قديم جدا لحوادث سابقة في نفس المخيم. والذي أثبت ذلك هو مركز بيت سيلم الحقوقي الاسرائيلي، كما أن كل القرائن تدين إسرائيل لسوابقها في الإغتيال المستهدف وفي استهداف وسائل الإعلام ومكان التصويب  ونوعية الرصاص يقولان إن هذا قنص محترف لا تتوافر وسائله إلا لإسرائيل..

 

فضيحة لإسرائيل

 

وبدت كل تصرفاتها نفس التصرفات العنصرية للبيض في جنوب أفريقيا وإنهارت بعد قرن من الزمن
اأن الغاصب يدرك أن فلسطين ستعود لأبنائها ولو بعد حين. وهذا ما يؤرقه. يخشون نعشا يضم روحا أبدية طاهرة لقضية لن تموت، هي غطرسة الإحساس بالقوة المفرطة تجاه خصم مجرد من أي سلاح، هكذا يشعرون هكذا نفسية اللص مهما إدعي غير ذلك

 

وهم يعلمون أن يوم رحيلهم قادم وهذا راسخ في نفوسهم  ولكن متي بالتحديد  لا يعلمون فالحذر يتملكهم  في أصغر وأتفه التصرفات.. جحدو بها. واستيقنتها أنفسهم ثم كان يوم تشييع الجثمان فبدت تلك الدولة النووية ذو الاقتصاد المزدهر والقوي العظمي التي تحميها ثم تخاف من مرور جنازة شهيدة بين شعبها الفلسطيني: أليست هذه نفسية غاصب يؤرقه أن الحق سيعود لأصحابه وإن طال الزمن؟
 

وهكذا تأبى حماقة المحتل إلا أن تضفي على غياب شيرين أبو عاقلة مزيدًا من الحضور، وأن تمنح القضية مزيدا الرسوخ في أذهان الأجيال الجديدة. وكما قيل قديما: في الغياب يحضر المخلصون أكثر وأكثر. وما سبق صحيح ولكن الصحيح أيضا مع تحفظي علي قناة الجزيرة وسياستها ودورها المشبوه فيما سمي بالربيع العربي إلا إنها اطلقت مدفعيتها الثقيلة في التغطية الجبارة للحادث والإنحياز لكل العاملين بها دون التحفظات لأي علاقات دولية أو دبلوماسية، فجعلت المهنية والحرية خط أحمر مهما كلفها ذلك..

 

وقد دفعت قطر أثمانا غالية ولم تتراجع ومما يحسب للجزيرة أنها جاءت بسياسة جديدة وكرست للأخبار وتحليلها المساحة الأكبر فأسست لها مكاتب في مختلف أنحاء العالم ونشرت فرق من المراسلين المبدعين يغطون الأحداث ميدانيا فور وقوعها وبالصوت والصورة وكان هذا تطور كبير ونقلة نوعية في الإعلام العربي. لقد أحدثت الجزيرة ثورة في الإعلام العربي وانفردت بتغطيات حصرية لأحداث هامة وحروب عديدة في المنطقة.

 


كما كرست الجزيرة الرأي والرأي الآخر في الإعلام العربي ومعها إرتفعت أصوات الشعوب العربية وسمع الناس أصوات  كانت تفتقد إلى منابر إعلامية، ومن مبنى صغير في الدوحة كانت الجزيرة صوت العرب الجديد وملأت الدنيا وشغلت الناس، لقد شقت الجزيرة طريقا جديدا في الإعلام العربي ونافست الإعلام العالمي بقناة انجليزية وقد ولدت على إثر انطلاق الجزيرة قنوات إخبارية عربية عديدة حاولت تقليدها وحققت بعض النجاح ولكنها لم تستطع منافسة الجزيرة والاستحواذ على جمهورها لأن الجزيرة تميزت بسقف كبير من الحرية في حين افتقدت تلك القنوات لذلك السقف العالي والافق المفتوح من الحرية الموجودة في الجزيرة.

الجريدة الرسمية