رئيس التحرير
عصام كامل

د. أحمد كريمة: أحذر من خطة تستهدف تحويل مصر إلى مجتمع لا ديني | حوار

حوار د. أحمد كريمة
حوار د. أحمد كريمة

ملايين مسلسلات وبرامج مقالب رمضان كانت كفيلة بحل أزمة البطالة
التجديد غير التبديد ولا تجديد فى القطعيات والمسلمات ولا المعلوم من الدينى بالضرورة 
نعانى من فوضى دعوية وافتائية ولم نعد شعبا متدينا بطبعه
القضية الفلسطينية دينية وكاذب من يقول إنها سياسية
مصر لن تكون يوما علمانية أو ليبرالية
الإسلام  بدأ غريبًا وسيعود غريبًا وأقول للمسلمين الحقيقيين أنتم فى غربة
من يحكم بحرمة زيارة المسلمين والمسيحيين للمسجد الأقصى وفلسطين يريد غسل يديه من القضية 
تجديد الخطاب الدينى يحتاج إلى قرار رئاسى.. ولا تعليق على جهود المؤسسات الدينية فى هذا الملف
أؤيد تطبيق حق الكد والسعاية فى الأعمال المالية وأرفضه فى الأعمال المنزلية 
لست طموحا لأى مناصب لأن شهرتى فى العالم الإسلامى والعربى واسعة
 

يرى أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن الدكتور أحمد كريمة أن هناك خطة خبيثة تستهدف تحويل مصر إلى مجتمع لا ديني، مؤكدًا في الوقت ذاته إن هذه الخطة الشيطانية محكومة بالفشل الذريع. 


وفي حوار مطول مع “فيتو”..تحدث "كريمة" صاحب الآراء الحادة أحيانًا والمثيرة للجدل أحايين أخرى عن بعض الظواهر المرتبطة بشهر رمضان، ومن بينها: الإسراف في إنتاج المسلسلات والبرامج، منوهًا إلى أن الملايين التي أهدرت عليها كفيلة بتوفير فرص عمل للشباب المتعطلين؛ لا سيما أن معظمها معدوم القيمة والتأثير. 


كما تطرق إلى الحديث عن مسلسل “فاتن أمل حربي" الذي تقاطع مع بعض الثوابت الدينية، وتحدثت عن مؤلفه ومراجعه.
"كريمة" يحلم بأن يتم محاكمة من سمح بتنظيم اعتصامي رابعة والنهضة وكذلك محاكمة من سمح للرئيس الراحل محمد مرسي بخوض الانتخابات الرئاسية. 


كما أبدى حزنه من عدم اختياره ضمن هيئة كبار العلماء، وعرج على القضية الفسلطينية ومحنة المسجد الأقصى.. وإلى النص الكامل للحوار:

 

 

*فى البداية.. ما هى أبرز الظواهر التى رصدتها فى رمضان المنتهى عن تصرفات المصريين؟
فى البداية دعنى أتحدث عن التصرفات الإيجابية التى رصدتها هذا العام، وهذا من منطلق الحكمة التى تقول: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وأبرز شيء لاحظته هذا العام هى الفرحة العارمة التى استقبل المسلمون بها شهر رمضان المبارك، رغم الأزمات العالمية الموجودة وارتفاع الأسعار وغيرها من المشكلات، لكن التدين الحقيقى لا يزال بخير، خاصة أن في مصر شهر رمضان له مكانة وطابع خاص يميزها عن كافة بلاد العالم.


لكن الظواهر السلبية هى وجود هذا الكم من المسلسلات وبرامج المقالب والسخرية، وينفق عليها الملايين، بينما نسبة كبيرة من الناس تحت خط الفقر، ولابد أن نسأل هنا عن مصدر تلك الأموال، وهل المخطط من هذا هو إلهاء الناس وإشغالهم، وصرفهم عن الاهتمام بالقضايا الأساسية التى يجب أن يشغلوا أنفسهم بالتفكير فيها، ولا يمكن أن يكون هناك منطقة مثل المنطقة العربية بشكل عام فيها هذا الكم من المشكلات من حروب مثل اليمن وسوريا وليبيا، فهى منطقة ملتهبة بالصراعات والأحداث، سواء فى ليبيا أو سوريا أو لبنان.

ولا أعلم أين الإحساس بتلك الأحداث، وأين حمرة الخجل فى هذا، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، كما أن الملايين التى صرفت على تلك المسلسلات كانت كفيلة ببناء عدد من المصانع الجديدة التى تساهم فى حل أزمة البطالة بين الشباب أو حتى إحياء مصانع أغلقت من أجل تشغيل الآلاف من الطلاب الخريجين الذين لا يجدون فرصة عمل مناسبة.

*على ذكر الأعمال الدرامية.. هل الدكتور أحمد كريمة تابع أي عمل فى شهر رمضان المنتهى؟
لا يمكن ذلك، فأنا أحترم نفسى وعقلى ودينى، ولا أتابع هذا التهريج والرقص والكلام الفارغ الذى يعرض فى تلك الأعمال.

*هل تابعت الرسائل الإيجابية عن الدور التوعوى الذى يقوم به مسلسل «الاختيار»؟
هو شيء جيد، لكن السؤال لماذا لم يخرج هذا العمل من عام 2013، وهل يعقل أن نترك الشباب بعد أن غرر بهم وانخرط بعضهم فى تيار التطرف، وكان لا بد من الإفراج عن تلك الوثائق فى وقتها.


وعلى ذكر المسلسل فأنا كمواطن مصرى أطالب بمحاكمة من سمح باعتصام رابعة العدوية والنهضة فى الجيزة، وأطالب بمحاكمة من سمح لـمحمد مرسى وهو كان على حزب دينى مخالف للدستور الذى ينص على أنه لا يجوز إنشاء أحزاب سياسية على خلفية دينية أن يدخل الانتخابات، ونفسى قبل أن أموت أن أرى من سمح لهؤلاء أن يحاكموا، بدلًا من محاكمة محمد حسنى مبارك وأولاده على قضايا بعض الأموال، ولدىَّ سؤال هنا، وهو أن الدستور وضع كى يحتكم إليه الشعب، ولكن نرى أن هناك أحزابا سلفية لها تواجد فى مجلس النواب والشيوخ؟

*كيف ترى الكاتب إبراهيم عيسى بعد إثارته للجدل مؤخرًا من خلال مسلسل «فاتن أمل حربى»؟
إبراهيم عيسى رجل مشاغب، نراه مرة ينكر الإسراء والمعراج، ثم أنكر صلاة التراويح، ويرى أن الصيام لا فائدة منه سوى أنه أمر إلهى ولا أعلم لماذا يقول كل ذلك.

*على المستوى العملى ما هو المنطلق والمنظور الذى يقول به الإسلام فى مسائل الحضانة والرؤية؟
هناك فرق بين الفقة أو الشريعة وبين تقنين الفقه، ومنذ أيام النبى صلى الله عليه وسلم عندما كان المجتمع يتحاكم إلى كتاب الله وسنته كانت لا توجد مشكلات، لا فى التعدد أو الطلاق أو الحضانة أو النفقة أو الحقوق، وذلك لأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فى هذه الأمور واضحة، والفقه الإسلامى عبارة عن مجموعة من الاجتهادات لعلماء الأئمة جزاهم الله عنا خيرًا.


لكن الأزمة بدأت مع بداية تقنين الفقه فى 1920، وللأسف عقدت الأمور أكثر، حتى وصلنا الآن إلى ما أسميه تمييز المرأة، وليس تمكينها كما يقال، وما يجرى فى مصر والدول العربية هو تفعيل مؤتمرات السكان التى حذر منها الشيخ جاد الحق عند بداية هذه الفكرة، وكان وقتها شيخ الأزهر، وكنت أنا فى بداية عملى فى الجامعة.


بالعودة إلى الشريعة الإسلامية فى هذه النقطة فإن الحقوق والواجبات واضحة، وقديمًا عاش الآباء والأجداد فى استقرار أسرى، لكن الذى جد على هذا الوضع هو ظهور بعض المنظمات الأهلية الممولة من الخارج، لديها أجندات خاصة فى تنظيم مؤتمرات السكان، ومثال على ذلك ما سمعناه من الأصوات التى تنادى بأن المرأة تقاسم الرجل فى نصف ثروته، ولا أعلم أي ثروة يتحدثون عنها ولدينا 70% من الشعب المصرى تحت خط الفقر، ونحن هنا لا نعيش فى الدول الغربية.

*ما رأيك فى الأصوات التى تطالب بتطبيق حق الكد والسعاية؟
أنا مع تطبيق حق الكد والسعاية فى الأعمال المالية، وهو ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب فى الحديث المشهور عنه فى هذا الأمر، لكن أنا ضد تطبيق هذا الأمر فى الأعمال المنزلية، فهل يعقل أن المرأة عندما تعد وجبة الإفطار أو الغداء على سبيل المثال لزوجها أقول هنا أن أعطيها أجرا أو فاتورة حساب، وغيرها من الأعمال المنزلية مثل الغسيل أو كى الملابس، وهنا أقول لهم: هل تريدون إنزال الزوجة من مكانتها الرحيمة إلى ما يشبه الشغالة أو الخادمة، فأين السكن والمودة هنا فى الزواج!

 

*ما رأيك فى المغالطات التى تثار حول حقوق المرأة المطلقة فى الإسلام؟
ما يجرى الآن هو أنه فى حالة الطلاق فإن لا يسمح للأب أن يرى ابنه إلا مرة واحدة كل فترة، وتكون فى مراكز الشباب أو الأماكن العامة، لمدة ساعة، ويظل الطفل مع أمه طيلة الأيام تشحنه على إيه، وهذا ضد تعاليم الإسلام، ولا بد أن يُرى الصغير فى تلك الحالات فى محل إقامته مع والدته، مع مراعاة الآداب العامة فى عدم الاختلاط بين الرجل وطليقته، وبدون تحديد عدد مرات لأبيه كما يحدث فى الوقت الحالى، وبدون نزع الولاية التعليمية عن والده، وكذلك ولا التربية


وما يحدث فى الوقت الراهن كما قلت هو تمييز للمرأة على حساب الرجل، وليس مجرد تمكينها كما يقال، والهدف من كل ذلك أن نتحول إلى مجتمع لا دينى، وذلك لأن فقه الأسرة هو جزء من القرآن الكريم والسنة النبوية وعندما نقوم بتنحيته، ونستدرك على الله ورسوله فماذا تبقى لنا من الإسلام، وذلك مثل الأصوات التى تنادى بإعطاء نصف الثروة للمرأة عند الطلاق أو موت زوجها، أو إعطائها حق الكد والسعاية فى الأعمال المنزلة، وكأننا هنا نتهم التشريع بالتقصير، مع أن الآية الكريمة واضحة والتى قال فيها المولى عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

*برأيك، ما الهدف الذى يريد أن يصل إليه مسلسل «فاتن أمل حربى» من خلال طرح تلك القضايا الجدلية؟
هذا مخطط علمانى ليبرالى مرفوض شكلًا ومضمونًا، وهذا المخطط يتبنى الطعن فى الأزهر والبخارى وأكابر العلماء، ولذلك ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قالَ: فَمَنْ؟!».

*الدكتور سعد الدين الهلالى أعلن فى وقت سابق أنه راجع مسلسل «فاتن أمل حربى» من الناحية الفقهية.. وتحدى أن يغالطه أحد فى ذلك.. فما ردك؟
المنوط به مراجعة مثل تلك الأعمال هو مجمع البحوث الإسلامية، من اللجان المتخصصة، حتى يكون عملا مؤسسيا، ومع احترامى للدكتور سعد الدين الهلالى، الذى لا يوجد بينى وبينه أي مشكلات، بل العكس أريد أن أسجل هنا، أن هذا الرجل له معروف عليَّ، لأنه كان عضوا فى لجنة ترقيتى لأستاذ فقة مقارن، لكن أنا أختلف معه فى بعض الأمور الفكرية.


لى عتاب محب على الدكتور سعد الدين الهلالى، وأقول له يا صاحب الفضيلة، نحن فى الأزهر عملنا مؤسسى، وحينما يطلب مراجعة مثل تلك الأعمال لا بد من أن يكون عن طريق اللجان المتخصصة، وهنا لى عتاب ومؤاخذة على المجلس الأعلى للإعلام في أن ما يخص الشأن الإسلامى لا بد أن يراجع عن طريقة مشيخة الأزهر، والتى بدورها لها لجان متخصصة فى كل المجالات، حتى يكون العمل مؤسسيا وليس فرديا.

*كيف ترى جهود المؤسسات الدينية فى ملف تجديد الخطاب الدينى؟
تجديد الخطاب الدينى هو دعوة نبوية محمدية، قال صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث على رأس كل عام من يجدد للأمة دينها، ونثمن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا الملف وجزاه الله خيرًا، لكن الأمر يحتاج إلى قرار سياسى من الرئيس، ولا تعليق عندى على ما تقوم به المؤسسات الدينية فى الوقت الحالى فى هذا الملف.

*هل أنت مع الاتجاه الذى يتخذ ملف تجديد الخطاب الدينى ذريعة لمهاجمة المؤسسات الدينية؟
من يفعل ذلك هم أصحاب الاتجاه العلمانى الليبرالى، وأنا أريد أن أسأل أين كانوا أيام الإخوان، وأين كانت من طعنت فى الأضحية أيام الإخوان، وأين كان من أنكر المعراج وشكك فى حكم الصيام وصلاة التراويح، أين كان أيام الإخوان!

*اتُّهِمت قبل ذلك أنك ضد تجديد الخطاب الدينى.. فما ردك على ذلك؟
أريد أن أرد هنا بشكل عملى، فأنا لى كتاب تحت عنوان خطاب إسلامى معاصر كان عام 2011، وهناك فرق بين التجديد والتبديد، وفارق بين الانفتاح والذوبان، ومن يرغب فى التجديد فعليه أن يعرف أنه لا تجديد فى القطعيات والمسلمات ولا المعلوم من الدينى بالضرورة، وإنما يكون التجديد فى الفروع التى تقبل التجديد، وهنا لا بد أن نأتى بمجموعة من العلماء أصحاب رسالة، والذين وصفهم الحق سبحانه فى قرآنه: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}، وهم موجودون بالفعل لكنهم مهمشون.

*هل من الممكن أن نرى الدكتور أحمد كريمة عضوًا فى هيئة كبار العلماء فى المستقبل القريب؟
(ابتسم ابتسامة خاصة وأجاب): ورقى مقدم فى السكرتارية الخاصة بمشيخة الأزهر منذ ثمانى سنوات، وكذلك الحال فى مجمع البحوث الإسلامية، ورقى مركون منذ ثلاث سنوات، وأنا لست طموحا لأى مناصب، لأن شهرتى فى العالم الإسلامى والعربى واسعة، وأنا حاليا أعكف على تأليف الكتاب رقم 98 فى مسيرتى كان آخرها كتاب «الحجة البيضاء»، ولدى مؤسسة خيرية ناجحة، ولست فى حاجة إلى عضوية، ولا أقلل هنا من عضوية هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث، وأكن لهم كل احترام، وأحترم شيخ الأزهر كذلك والمشيخة، لكن أنا لا أذهب إليهم أو أقف على أبوابهم، ولا أتوسل إليهم، ولن أذل نفسى من أجل طلب عضوية.

*برزت خلال الفترة الماضية ظاهرة دعاة مواقع التواصل الاجتماعى واليوتيوب.. كيف ترى هؤلاء؟
فى الحقيقة تجربة مؤلمة، وذلك لأننا نعانى من فوضى دعوية وفوضى إفتائية، المسيحية على سبيل المثال نجد أن العمل الرعوى منظم لا يمارسه إلا الرتب الكنسية، وفى اليهودية العمل الدعوى عندهم منظم، لكن نحن على وجه التحديد الوضع يمكن وصفه أنه "سمك، لبن، تمر هندي".

*هل تتفق مع الطرح الذى يقدمه عبد الله رشدى على وسائل التواصل الاجتماعى؟
اختلف معه بالتأكيد لأنه كان يجب عليه أن يحترم الوزارة التى كان يعمل فيها، ويحترم أهل الكتاب لأن المولى عز وجل أوصانا بهم، حيث قال المولى عز وجل فى كتابه: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}، وجاء فى السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: «ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لكم منهم ذمة ورحمًا».

*كان لك رأى خاص فى قضية تأجير الرحم الصناعى.. فكيف ترى ذلك؟
هذا أمر ممنوع، لأن ذلك يعد تغييرا لخلق الله، وأين نذهب بالأمومة بعد ذلك، ولن يستطيعوا فعل ذلك، ومصيره الفشل، ولن نقبل به.

القضية الفلسطينية 
*كان لك عدة مؤلفات للدفاع عن القدس والتوعية بالقضية الفلسطينية.. كيف تابعت الأوضاع فى الأيام الأخيرة فى فلسطين؟
دعنى أقول لك شيئا مهما.. القضية الفلسطينية إذا أردنا خدمتها بحق يجب أن نعترف أنها قضية دينية، وكاذب من يقول إنها قضية سياسية، والكيان الصهيونى عندما أنشأ نفسه اتخذ له اسم «إسرائيل»، وهو اسم دينى مأخوذ من سيدنا يعقوب، واتخذ علمه نجمة سداسية وهو رمز لبنى إسرائيل وسيدنا سليمان وداود، فهم قاموا على أساس دينى منذ البداية، ولا أعلم لماذا نعطى الدنية فى ديننا ونرفض أن ننظر إلى القضية على اعتبار دينى، فهل من المعقول أن نترك المسجد الأقصى أولى القبلتين، والأصل أن فلسطين ليست إسلامية أو مسيحية وإنما هى عربية، بناها سام العربى اليوبوثى الحضرمى، قبل مجيء سيدنا إبراهيم ويعقوب بثلاثة آلاف عام، وأنا أثبت هذا، ولدى بحث نشر قبل ذلك فى مجلة الأزهر، ويجب تكييف تلك القضية من الناحية الدينية.

 

*هل تؤيد الرأى الذى يقول بضرورة زيارة القدس أم مع من يرفض الزيارة؟
زيارة فلسطين واجبة على المسلمين، والقاعدة الفقهية تقول لا مانع حيث لا مانع، وزيارتك للسجين ليست دليل على السجان، وأنا قدمت من قبل أدلة مشروعية زيارة المسجد الأقصى وفلسطين، ومن يحكم بحرمة الزيارة للمسلمين والمسيحيين، فهو يريد أن يغسل يديه من القضية، ومن يقول إننا لا نريد أن نذهب للزيارة حتى لا نقع فى عملية التطبيع فالسفارة الفلسطينية الموجودة فى مصر توفر الزيارة للمسجد الأقصى دون أن يختم أوراق السفر من أي مكان آخر غير السلطة الفلسطينية، ومن يمنع زيارة فلسطين والقدس أقول له: «اتق الله»، فهذه أرضنا، وأنا ضد منع الزيارة، وأطالب العالم الإسلامى بشد الرحال إلى فلسطين، وعقد مؤتمر لمؤازرة السلطة الفلسطينية فى قلب المسجد الأقصى.

*كان لك رأى خاص فى عملية استطلاع هلال الشهور العربية فى الدول العربية؟
أريد هنا من الجميع أن يتوجه بسؤال إلى المركز القومى للبحوث الفلكية، ونقول له: هل يمكن فى هذه الظروف الزمانية والمكانية، أن يرى الهلال بالرؤية البصرية ولو باستخدام الأجهزة الحديثة، وأنا أرد على هذا السؤال، وأقول باستحالة الرؤية البصرية للهلال، لاختلاف زاوية رؤية الهلال وشكله فى كل شهر عربى عن الآخر.


وأقول لمؤسسات الدولة فضوها سيرة، ولا يوجد شيء اسمه استطلاع رؤية الهلال، ويكفى الحسابات الفلكية لمعرفة موعد ميلاد هلال الشهور العربية، أقول لفضيلة المفتى وهو رجل عالم أرجو التعاون مع المركز القومى للفلك، بحيث يكتفى ببيان مشترك بين دار الإفتاء والمركز عن ثبوت هلال الشهور العربية.

*كيف ترى الجدل الذى يثار كل عام عن زكاة الفطر وطريقة إخراجها سواء كانت نقودا أم حبوبا ؟
فى الحقيقة نحن نعانى من أزمة أصفها بأنها كمدرسة المشاغبين، والمقصود هنا السلفية الوهابية، مع أن بلد المنشأ وهى السعودية تتطهر منهم، لكن للأسف يأتون إلى مصر، وهذه الاتجاه وراءه خطة لإحداث قلاقل فى مصر، وأقول لهم ما تقولون فى الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان وغيره من الأئمة وهم الذين قرروا جواز إخراج القيمة فى زكاة الفطر، أقول للسلفيين عليكم قبل الكلام فى هذا الأمر أن تذهبوا للوادى الجديد وتوشكى وازرعوا قمحا حتى نقر على المسلمين أن يخرجوا زكاة الفطر قمحًا.

 

*هل تتفق مع الرأى الذى يقول إن الشعب المصرى هو الأكثر تدينًا أو شعب متدين بطبعه؟
للأسف هذا الكلام تغير، وذلك لأن قدر مصر إما فاشية دينية أو فوضى علمانية، ولا يوجد لدينا حالة وسط فى ذلك، وللأسف هذا قدرنا، ولم نعد شعبا متدينا بطبعه، وذلك عندما تركنا التيار العلمانى يستعلى على الناس.

*انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعى فيديو مؤثر لك وأنت تبكى على حال الأمة.. حدثنا أكثر عن ذلك؟
أقول لك شيئا محزنا، نحن منذ ضياع فلسطين كنا غثاء كغثاء السيل، يوم أن لبسنا نسج الصين، واعتمدنا على تقنيات اليابان، ويوم أن تحكمت فينا أمريكا، ويوم أن عملنا حساب للاتحاد الأوروبى، يوم أن ضاعت منا فلسطين، وكشمير والأندلس ونحن غثاء كغثاء السيل.
(دخل فى نوبة بكاء وتابع): بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء، ونحن فى غربة، وأقول للمسلمين الحقيقيين أنتم فى غربة، وكررها ثلاث مرات، وهو فى حالة دموع وبكاء شديدة.

 

*هل هناك رسالة أخيرة تحب أن نختم بها هذا الحوار؟
أريد أن أقول فى نهاية هذا اللقاء، وسأكون حريصا على اختيار كلماتى، وأقول: إن من يتولى منصبا قياديا فى الدولة يقسم على احترام الدستور، والذى ينص على أن الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، وأين ذهبنا بهذا القسم، وكلامى هنا لكل من أقسم بهذا القسم، وأقول له مصر لن تكون فى يوم من الأيام علمانية أو ليبرالية، بل سنكون مصريين دولة مدنية ديمقراطية نعظم فيها شعائر الإسلام، ونحترم فيها شعائر أهل الكتاب.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

الجريدة الرسمية