رئيس التحرير
عصام كامل

دخول الجيش العباسي دمشق.. كيف بدأت سيرة أشهر الممالك الإسلامية في التاريخ

الحقبة التاريخية
الحقبة التاريخية من الأمويين للعباسيين - تعبيرية

في مثل هذا اليوم من عام 750 دخل الجيش العباسي دمشق، عاصمة الدولة الأُموية، بعد 3 أشهر من انتصار العباسيين على الخليفة مروان بن محمد في موقعة الزاب، لينهي الحقبة الأُموية التي استمرت 90 عامًا، وتبدأ معها الدولة العباسية، أشهر الدول الإسلامية على مرِّ التاريخ. 

 

الخلافة العباسية 

الدولة العباسية أو الخلافة العباسية أو دولة بني العبَّاس هو الاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني السلالات الحاكمة الإسلامية؛ حيث استطاع العباسيون أن يزيحوا بني أُمية ويستفردوا بالخلافة، وحتى يحدث ذلك خططوا للقضاء على السلالة الأُموية بعد أن طاردوا أبناءها وقضوا على أغلبهم بالفعل؛ حيث لم ينج منهم إلا مَن لجأ إلى الأندلس.

والدولة العباسية من سلالة العباس بن عبد المطلب، أصغر أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اعتمد العباسيون في تأسيس دولتهم على الفرس الناقمين على الأُمويين؛ حيث استبعدوهم من مناصب الدولة والمراكز الكبرى، بينما اختُصَّ العرب بها.

استمال العباسيون الشيعة للمساعدة على زعزعة كيان الدولة الأُموية، ولهذا نَقل العباسيون عاصمة الدولة بعد نجاح ثورتهم من دمشق إلى الكوفة، ثم الأنبار قبل أن يقوموا بتشييد مدينة بغداد لتكون عاصمة لهم والتي ازدهرت طيلة ثلاثة قرون من الزمن، وأصبحت أكبر مدن العالم وأجملها، وحاضرة العلوم والفنون.

لكن نجمها أخذ بالأُفُول مع بداية غروب شمس الدولة العباسية ككل، ونقل المعتصم عاصمة الدولة من بغداد إلى سامراء ثم أعيدت إلى بغداد بعد أربعين سنة. 

 

العصر الذهبي للدولة العباسية 

عرفت الدولة العباسية عصرها الذهبي خلال عهدي هارون الرشيد وابنه المأمون؛ إذ نشطت الحركة العلمية وازدهرت ترجمة كتب العلوم الإغريقية والهندية والفهلوية إلى اللغة العربية على يد السريان والفرس والروم من أهالي الدولة العباسية، وعمل المسلمون على تطوير تلك العلوم، وابتكروا عدة اختراعات مفيدة.

كما ازدهرت الفلسفة الإسلامية، واكتمل تدوين المذاهب الفقهية الكبرى الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية عند أهل السنة، والجعفرية والزيدية عند الشيعة، وبرزت الكثير من الأعمال الأدبية والفنية مثل كتاب ألف ليلة وليلة وغيرها، وأسهم أهل الكتاب من المسيحيين واليهود والصابئة في هذه النهضة الحضارية، وبرز منهم علماء وأدباء وفلاسفة كبار.

تنوَّعت الأسباب التي أدّت لانهيار الدولة العباسية، ومن أبرزها بروز حركات شعبوية ودينية مختلفة في هذا العصر، وأدت هذه النزعة إلى تفضيل الشعوب غير العربية على العرب، وقام جدل طويل بين طرفَي النزاع، وانتصر لكل فريق أبناؤه فتكوّنت فرق دينية متعددة عارضت الحكم العباسي، وكان محور الخلاف بين هذه الفرق وبين الحكام العباسيين هو «الخلافة» أو إمامة المسلمين، وكان لكل جماعة منهم مبادئها الخاصة، ونظامها الخاص، وشعاراتها وطريقتها في الدعوة إلى هذه المبادئ الهادفة لتحقيق أهدافها في إقامة الحكم الذي تريد.

قسَّمت هذه الفرق الناسَ طوائف وأحزابًا، وأصبحت المجتمعات العباسية ميادين تتصارع فيها الآراء وتتناقض، فوسَّع ذلك من الخلاف السياسي بين مواطني الدولة العبّاسية، وساعد على تصدّع الوحدة العقائدية التي هي أساس الوحدة السياسية.

ومن العوامل الداخلية التي شجعت على انتشار الحركات الانفصالية، اتساع رقعة الدولة العبَّاسية؛ وزيادة المسافة المترامية بين أجزاء الدولة، وصعوبة المواصلات في ذلك الزمن؛ ما جعل الولاة في البلاد النائية يتجاوزون سلطاتهم ويستقلون بشؤون ولاياتهم، دون أن يخشوا الجيوش القادمة من عاصمة الخلافة لإخماد حركتهم الانفصالية، والتي لم تكن تصل إلا بعد فوات الأوان، ومن أبرز الحركات الانفصالية عن الدولة العباسية "حركة الأدارسة وحركة الأغالبة، والحركة الفاطمية".

انتهى الحكم العباسي في بغداد سنة 1258م، عندما أقدم المغولي هولاكو خان على نهب وحرق المدينة، وقَتل أغلب سكانها بما فيهم الخليفة وأبناؤه، وقد انتقل مَن بقي على قيد الحياة من بني العباس إلى القاهرة بعد تدمير بغداد؛ حيث أقاموا الخلافة مجددًا في سنة 1261م، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز لوحدة الدولة الإسلامية دينيًّا، أما في الواقع فإن سلاطين المماليك كانوا هم الحكَّامَ الفعليين للدولة. 

الجريدة الرسمية