رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات: ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت | فيديو

منير نوبي
منير نوبي

يرتدي قبعته القماشية وبدلته البنية ذات الصديري الجلدي، في يده اليمنى "البايب" ينفخ دخانه بين الحين والآخر بطريقة تأسرك ويبدأ رأسك في طرح الأسئلة الكثيرة، حينما تنظر إليه للوهلة الأولى تظنه قادما من زمن بعيد، من حقبة لا تنتمي لتلك التي نعيش بها. 

الستيني ذو البشرة السمراء "منير نوبي" صاحب أحد أقدم محال بيع الأنتيكات في حي الزمالك بمحافظة القاهرة، هذا الرجل الذي يحمل معه حكاية تعود للعام 1940 رواها لنا بوجهه الأسمر الباسم وملامحه الهادئة.

حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (2)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (2)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (1)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (1)


طفل صغير تعلق قلبه بالأنتيكا

بدأت حكاية منير نوبي ابن محافظة الأقصر بصعيد مصر، منذ أن كان طفلا صغيرا ملتحقا بمدرية الجزيرة الملاصقة لهذا المعرض الذي ورصه عن والده، نشأ الابن في أسرة تنحدر من أصول صعيدية ولكن الأب أتى إلى مصر وهو في العشرين من عمره، وتحديدا في عام 1940، لم يجد الأب مهنة تناسبه سوى جمع وبيع التحف والأنتيكات: "والدي فتح أول محل بيع تحف وأنتيكات في الزمالك المنطقة هنا كانت فاضية مفيش غير كام محل ومعرض والدي". تعلق منير بمهنة الأب حتى أنه كانت يترك مدرسته ودراسته ويهرول إلى هذا المكان العتيق: "المكان ده فيه كل ذكرياتي أنا وهو مكتوبين على بعض!".

حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (4)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (4)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (3)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (3)


تشرب منير الصنعة من والده، ورغم صعوبتها ودقتها كونها تحتاج إلى شخص يقدر ويثمن كل قطعة تأتيه أو تعرض عليه، أصبح وهو في سن المراهقة والشباب قادرا على الذهاب إلى المزادات والمنازل في أحياء مصر الراقية كمصر الجديدة والدقي والزمالك، يجمع هذه القطع من أصحابها، "معظم الحاجات اللي هنا دي كلها جاية من بيوت مصرية 100%، أصحابها عرضوها عليا أو اشتريتها من مزاد". يعتز منير بكل قطعة متواجدة في المكان يحملها وينظفها أو ينظر إليها فتجد حبه لها متعلقا في عينيه لدرجة أن هناك بعض القطع التي رفض أن يبيعها مهما كانت العروض مغرية.

حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (6)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (6)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (5)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (5)

كل أنتيك له حكاية 

"فيه قطع عندي أنا اللي جمعتها بنفسي مع والدي غالية عليا جدا ومقدرش أبيعها مهما كان ثمنها إيه"، يشير منير إلى أن أهم ما يميز هذا المعرض عن غيره من المعارض الأخرى أنه يستحيل عليك أن تجد قطعتين متشابهتين في هذا المكان، كل قطعة منفردة بذاتها ها قصتها وحكايتها التي يحتفظ بها منير في صدره ولا ينساها، "الجميل في المهنة دي إن القطع مش بتقدم ملهاش تاريخ صلاحية أنا فيه حاجات جبتها من سنين ولسه عندي من دبلوماسيين وسفراء وشخصيات مرموقة في البلد".

حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (8)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (8)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (9)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (9)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (7)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (7)

كل قطعة في هذا المكان لها تاريخ تروي تفاصيل سنوات مضت عاصرت أشخاصا وعاشت معهم كل ما عاشوه بحلوه ومره، هذا التمثال أو ذاك التابلوه أو حتى الأطباق وأدوات المطبخ، كل قطعة منهم حين تنظر إليها تشعر وكأنك تعيش في عالم آخر غير الذي تحياه، تتمنى لو تنصت لهذا التمثال وتلك المزهرية لتخبرك بما خبأته بداخلها طوال سنوات بقائها في هذا المنزل أو ذاك، دموع فراق حبيب وفرحة بلقائه، أصوات تتعالى ضاحكة وأخرى تتعالى عند الشجار.

حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (10)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (10)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (11)
حكاية منير نوبي مع جمع الأنتيكات ورثتها عن والدي ومعها لحد ما أموت. (11)

ربما كانت تلك الذكريات التي تحملها كل قطعة من تلك القطع هو ما دفع منير نوبي ابن الأقصر ليتمسك بها كل هذه السنوات، رغم كسادها خلال الفترة الحالية: "المهنة مبقتش زي زمان وملهاش رواج لكن أنا لسه متمسك بيها وصعب جدا أغيرها ولادي اشتغلوا في مهن أخرى لكن أنا هفضل في المكان ده لحد ما أموت، وكفاية إنه زبايني لسه فاكريني بالخير مفيش حاجة هتعمليها حلوة وهيكون لها مردود وحش أبدا". 

الجريدة الرسمية