رئيس التحرير
عصام كامل

هل هلالك شهر مبارك

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ). نستقبل غدا بمشيئة الله تعالى شهر رمضان الفضيل المبارك. شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بقوله: أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

 

شهر رمضان شهر الصيام والقيام والقرآن. فيه بدأ وحي الله تعالى بالرسالة الخاتمة والدين الذي إرتضاه الله تعالى لعباده. يقول عز وجل ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). وشهر رمضان هو شهر الصبر والتقوى والبر والإحسان وإطعام الطعام وجبر الخواطر والمواساة. ومن أفطر صائما فيه كان له مثله من الأجر. وهو شهر العبادة الخالصة لله تعالى التي لا مِراء فيها ولا نفاق. فيه  تتحق عبادة السر. والفريضة فيه بسبعون فريضة فيما سواه والصوم هو العبادة التي خص بها الله تعالى ونسبها آلله عز وجل لنفسه وأخفى الجزاء والأجر فيها لعظم عطاءه سبحانه وتعالى.

 

يقول عز وجل في الحديث القدسي (كل عمل إبن آدم لنفسه إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به). والصوم ركن من الأركان التي يبنى عليها الإسلام كما جاء في هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله حيث قال (بني الإسلام على خمس.  شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة.  وإيتاء الزكاة. وصوم رمضان. وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا). 

فضل الصيام

 

والصوم جنة. أي وقاية للصائم من النار. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال (من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا). وبه تكفر الذنوب والخطايا لقوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله (من صام رمضان إيمانَا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ما أجتبت الكبائر). وقوله (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا إجتبت الكبائر).

 

هذا وقد خص الله تعالى الصائمون يوم القيامة بميزة خاصة بأن جعل لهم بابا خاصا من أبواب الجنة لا يدخل منه أحد غيرهم. فعنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال (أن في الجنة بابا يُقال له باب الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم. يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد). هذا والصوم ليس معناه قاصر على الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من فجر اليوم إلى غروب الشمس. بل هو في حقيقته حفظ الجوارح وصيانتها من المعاصي والمخالفات ووضع كل جارحة حيث أمر الله تعالى.

 

فلكل جارحة من جوارح العبد صيام.فصيام العين بالغض عن النظر إلى ما حرم الله تعالى. وصيام جارحة السمع بإجتناب التجسس والتصنت والإستماع إلى الغيبة والنميمة. وللصيام بجارحة اللسان بإجتناب الغيبة والنميمة وشهادة الزور والقول الفاحش البذئ. والصوم بجارحة الأيدي بتجنب السرقة والبطش والإيذاء وأن لا تمتد إلى ما حرم الله تعالى. وصوم جارحة البطن بإجتناب المطعم الحرام والذي فيه شبهة. وصوم جارحة الفرج بإجتناب الزنا والفحشاء.  وصوم جارحة القدم بإمساكها عن خطوات المعاصي والسوء.

 

 

هذا وللقلب صيام. وهو صيامه عن حب الدنيا وطرحه للعلائق والأغيار وأن لا يكن له تعلق بغير الله تعالى. هذا وللنفس أيضا صوم وهو بتطهيرها من الكبر والحقد والحسد والغل والطمع والحرص والأنانية ومن كل وصف ذميم. الخلاصة أن حقيقة الصيام هى الصيانة. أي صيانة القلب من حب الدنيا.. والنفس والجوارح من المعاصي والمخالفات.. فمن صان صام..

هذا وفضل الصوم فضل عظيم والعطاء والفضل من الله عز وجل فضل جزيل. ولله في هذا الشهر الفضيل كل يوم عتقاء من النار.. وفي الختام اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادك وتقبل منا صالح الأعمال. وكل عام والأمة الإسلامية بخير وفي سلامة وأمن وعافية وعز ورخاء..

الجريدة الرسمية