رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: من لم يشكر الله على نعمه قد يتعرض لزوالها

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن الكون كله مائدة الرحمن، مشيرًا إلى أن الله منحنا كثير من النعم التي توجب حمده وشكره، لكننا لم نعرف كيف نحمد الله لولا أن الله أرسل الرُسل، ومنعنا من الوقوع في الاختلاف.

الكون مائدة الرحمن

وأضاف جمعة إن من لم يشكر الله على نعمه، فقد يتعرض لزوالها، موضحًا أن من أسباب بقاء النعمة وعدم زوالها هو شكر الله عليها، فشكر الله على النعمة بمثابة عقال البعير الذي يربطها حتى لا تفر منه. 
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "كل هذا الكون هو مائدة الرحمن، ومِنَنُه كثيرة علينا، ولكننا ما كنا نعلم كيف نقابل هذه النِعَم؟! هل نظل نقول له: الحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله، أم يغضب منا؟! ولذلك إذا لم يكن قد أرسل الرسل لاختلفنا".
وقال: "وإذا قال إنسان لآخر: احمد الله، فيرد الآخر: أنا أخجل من هذا، كيف أقول له الحمد لله على شئ تافه، فالكون كله هذا تافه لأنه سبحانه وتعالى يقول للشيء كن فيكون. فيرد قائلًا: ولكنه مستوجب الحمد لذاته، فيرد الآخر ولله المثل الأعلى: مَلِك وهو يسير سقطت من عربة القمح الخاصة به حبة قمح فهل أجرى خلفه وبصخب وأقول شكرًا يا ملك، وإذا رد علىّ متسائلًا وعلى ماذا الشكر؟! فأخبره على حبة القمح فيقول لى وهل تستهين بى؟! هل أعطيتك شيئًا؟!. إذًا كل هذه النعم فى قِبَل القُدْرَة لا شئ، فهل نحمد أم لا نحمد؟".

الاختلاف على شكر الله

 وأضاف جمعة "كاد يكون هناك اختلافًا حول ذلك لولا نزول الوحى فبين لنا وقال {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. عندما نَزَلَ الوحى قال إمام الحضرة القدسية ﷺ: (لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) (يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك)، (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته)، وأمرنا ﷺ أن نَحَمِدَ الله فِى دُبِرِ كَلِّ صَلاَة مع التكبير والتسبيح. إذًا عرفنا من الوحى وليس من العقل- لأن العقل ممكن يختلف- أن نَحْمَد الله {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}.
وتابع علي جمعة قوله عن شكر الله على النعمة فقال: "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النِّعَمَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِزَوَالِهَا، ويقول رسول الله ﷺ: (مَنْ لا يَشْكُرِ النَّاسَ لاَ يَشْكُرِ الله) وَمَنْ شَكَرَهَا فَقَدْ قَيَّدَهَا بِعِقَالِهَا عندما يكون معك دابة كمن دخل على سيدنا رسول الله ﷺ وقال له: يا رسول الله أَعْقِلها أو أطلقها وأَتَوَكَلّ؟ قال له:(اعْقِلْهَا وَتَوَكَّل) اربط الدابة وتوكل على الله لأنه من الممكن أن يأتى الذئب ويأكلها. إذن توكل على الله ولكن بعد فعل الأسباب."

سر بقاء النعم

وعن أسباب بقاء النعمة فقال "فمن أسباب بقاء النعم ودوامها شُكْرُ الله- فَمَنْ شَكَرَهَا فَقَدْ قَيَّدَهَا بِعِقَالِهَا- فهل تستطيع الدابة أن تفر وهى مقيدة؟ بالطبع لا، وكذلك النعم لا تستطيع الهرب منك وهى مقيدة بالسلسلة.. وما هو سلسالها؟ إنه شكر الله".

واستطرد قائلًا: "جاء أحد البدو الجفاة إلى سيدنا عَلِىّ وقال له: اعطنى فأعطاه بعضًا من التمر- أى إنه شئ بسيط- فلم يتقبل الرجل ذلك، فدخل سيدنا عَلِىّ إلى بيته وجعل يبحث عن شئ- وكان من سادة الكُرَمَاء- فلم يجد سوى درعه- وكان بحوالى 400 دينار أى 4000 جنيه تقريبًا الآن- فخرج وأعطاه الدرع وقال له: خذه فأنا ليس عندى غيره، فتعجب الرجل من هذا الكرم وقال بيتين من الشعر: "وَمَا كَانَ شُكْرِى وَافِيًا لِجَمَالِكُم... وَلَكِنِّى حَاوَلْتُ فِى الشُّكْرِ مَذْهَبًا.. أَفَادَتْكُم النَّعْمَاءُ مِنِّى ثَلاَثَةً... يَدِى وَلِسَانِى والضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَ" أى أننى لا أعرف كيف أشكرك".


وأضاف جمعة: "والعطاء والحب والسخاء والجود من صفات النبوة، وهذا الكلام لم يكن فى الصحابة فقط ولكننا شاهدناه فى مشايخنا. فشاهدنا من مشايخنا من لا يُحْصِى النقود لا دخولًا ولا خروجًا. يضع يده فى جيبه ويُعْطِى". 

الجريدة الرسمية