رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا ترفض روسيا ضمان أمن أوكرانيا؟

ليس من الصعب بحال، فهم أن المفاوض الأمريكي هو الحاضر على الناحية الأخرى من الطاولة، حتى لو كانت إليكترونية، لبحث شروط وقف الحرب الروسية على أوكرانيا. من قبل، وفى بيلاروسيا، كانت الجلسات مباشرة. بالحضور الشخصى لممثلي البلدان المتحاربة.. ونقول البلدان عمدا لأنها حرب بين روسيا من ناحية والغرب من ناحية أخرى، وتركزت على إنقاذ المدنيين عبر ممرات آمنة فى الجنوب وفى الشرق من أوكرانيا.. 

 

ومع ما يتردد من تعثر أو بطء في تقدم القوات الروسية، ومع تحول القصف إلى مبان سكنية، بدأت المفاوضات تتحول إلى القضايا الجوهرية، عبر التحاور الإلكتروني، يظهر علي الشاشة للأوكرانيين المفاوض الروسي، ويظهر على الشاشة للروس المفاوض الأوكراني، ومن خلفه ومن تحته ومن فوقه، ومن داخله، بايدن وماكرون وشولتس وجونسون..  وأمين عام الناتو!

 

وقف الحرب

 

التفاوض إذن بين روسيا وأمريكا، وموضوعه ليس الدفاع عن أرض أوكرانيا، بل التأكيد على قيادة أمريكا للعالم من جديد، وهذا التأكيد يعني قبول أوروبا بالزعامة الأمريكية، بعد انحسارها بفعل سياسات ترامب لأربع سنوات قبل بايدن. ويمكن القول أن الروس والأمريكان دخلوا هذه الحرب، أحدهما ليؤكد انه الزعيم، والثاني، الروس، ليؤكد له ان عصره انتهى، وأنه صار من الماضي، وسيدخل متحف الامبراطورية البريطانية لمراجعة الذكريات!

 

لتأكيد المنازعة الروسية، من ناحية، ولتأكيد الزعامة الاحادية لأمريكا، من ناحية اخرى، تغيرت التكتيكات والأدوات، فمع تدفق السلاح الغربى بانواعه كافة، لقتل آلة الحرب الروسية، لجأ الروس إلى سياسة الارض المحروقة، والحق أن تطويق كييف العاصمة سيستمر طويلا ولن يجرى اقتحامها بقدر ما سيتم تفريغها بالقصف العنيف النوعى المستمر.. تجنبا لحرب المدن..

 

يتوازى مع هذا كله، حرص الأطراف على استمرار التفاوض. القضايا الخلافية الأساسية ثلاثة: وهى حياد أوكرانيا ونزع سلاحها، الضمانات الأمنية، الإقرار بشرعية ضم القرم ل روسيا، والاعتراف بجمهوريتي لوهانسك ودونتيسك، حيث الأغلبية روسية موالية لموسكو.

 

تريد أوكرانيا وقف الحرب وسحب القوات الروسية. وروسيا أكدت أنها لا تريد إحتلال أوكرانيا، وستنسحب. تريد روسيا عدم انضمام أوكرانيا للناتو، وأوكرانيا أعلنت التوبة. تريد روسيا تحديد عدد الجيش الأوكراني، لا يزيد عن ٥٠ ألف جندى ونزع سلاحه، وأن تكون أوكرانيا دولة محايدة، فكان السؤال الأوكراني: ما هي الضمانات التى ستقدمها لي حتى لا أتعرض للغزو والضم؟ ردت موسكو بأنها تضمن أمن أوكرانيا. طلبت أوكرانيا أن توافق روسيا على أن تضمن أمريكا والاتحاد الأوربي أمنها!

 


يرفض الروس أن يضمن الغرب أمن أوكرانيا، لأنه، بطبيعة الحال، سيعنى أن يكون للغرب، والناتو حق التدخل المباشر في الحرب إذا نشبت من جديد على الأرض. الطلب الأوكراني، هو طلب أمريكي في حقيقة الأمر، وهو يعنى ببساطة الإلتفاف على فكرة ضم أوكرانيا ل الناتو والإتحاد الأوروبي، وضمها بموافقة روسية دولية، بل أن موافقة روسيا علي ضمانات أمنية توفرها أمريكا لأوكرانيا، تعنى أن الاتفاقية تحت الحماية الدولية، ومن ثم فتدخل الناتو مشروع إذا حركت روسيا دبابة داخل أراض أوكرانية عند استفزازها!

هذه النقطة الأخيرة، الضمانات الأمريكية لأوكرانيا بموافقة روسيا، هي الصخرة التى تتكسر عليها موجات التفاوض عبر الفضاء الإلكترونى.. خسائر الأطراف جميعا ستفرض الحل الوسط.. كالعادة..

ونتابع

الجريدة الرسمية