رئيس التحرير
عصام كامل

لا بارك الله لكم أيها اللصوص

لا أستطيع أن أصف الارتفاع الهائل وغير المبرر في أسعار كل السلع الأساسية وغير الأساسية في مصر خلال الأيام القليلة الماضية سوى بالاستهبال والاستعباط والجشع، ومحاولة تصدير أزمات لا وجود لها لإستغلال المواطنين وزيادة أوجاع الفقراء لصالح طبقة من المصنعين والتجار اللصوص، في ظل تحركات تفتقر للحد الأدنى من الجدية من البرلمان والحكومة لوقف كارثة تضرب الأمن الاجتماعي المصري في مقتل.

 

فكأنهم تعاهدوا على أن يزيدوا من معاناة المصريين، أو أن إستغلال الأزمات والجشع بات ثقافة لدى القطاع الأكبر من مصنعى وتجار مصر، شهدت البلاد خلال الأسبوع الماضي ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار كل السلع الأساسية وغير الأساسية، محلية الصنع منها والمستوردة، داخل منافذ البيع الخاصة والحكومية، بحجة إرتفاع الأسعار عالميا، كان أبرزها رفع سعر رغيف العيش السياحى بقيمة 50%  على الرغم من إقرار الحكومة بوجود احتياطي استراتيجي من الدقيق يكفى البلاد ل 9 أشهر قادمة، بل واستعداد البلاد لإستقبال شحنات جديدة من القمح خلال أيام تم التعاقد عليها مسبقا بالأسعار القديمة.

 

ولعل ما يدعو للجنون في أمر ما يحدث في هذا البلد، أن الحرب الروسية الأوكرانية التى من المفترض أنها السبب الرئيسي والمحرك لتلك الارتفاعات لم يمر على اندلاعها سوى أيام، أى أن آثارها الاقتصادية لم تطول مصر بعد من قريب أو بعيد، كما أن كل السلع المطروحة بالأسواق في الوقت الحالى موجودة بالمخازن والمتاجر منذ فترة، ولم يطرأ على مكونات تصنيعها المحلية أيه إرتفاعات، بل ويتوفر بالبلاد مخزون استراتيجي منها يكفى البلاد لشهور.

 

جشع التجار

 

ورغم ذلك شهدت سلع مثل الأعلاف إرتفاعات جنونية، تبعها ارتفاعات مستفزه فى أسعار اللحوم والدواجن والبيض، وكأن إقامة جاموس ودواجن مصر خلال الشهور الأخيرة كان فى فنادق 5 نجوم. لم يتوقف أمر الاستهبال والاستعباط عند هذا الحد، بل إمتد إلى رفع أسعار سلع موجودة بالأسواق والمخازن منذ شهور وتمتلك البلاد منها ما يكفي لنهاية العام مثل الأرز والمكرونات والزيوت والسكر، لدرجة أن الارتفاعات طالت حتى معجون الحلاقة بالصيدليات.

 

ولا أدرى ما دخل الخضروات المزروعة محليا بالأزمة الروسية الأوكرانية حتى تشهد أسواق الخضروات فى مصر مثل هذه الارتفاعات غير المسبوقة، لدرجة جعلت الباذنجان الذى كان سعر الشكارة منه لا يتعد 20 جنيها يصل سعر الكيلو جرام الواحد منه إلى 10 جنيهات. ولم يتوقف حجم الجشع عند هذا الحد، بل امتد إلى كل السلع المستوردة والمتواجدة في مخازن التجار منذ شهور، وكأننا قمنا باستيرادها بالأمس فقط من قلب كييف أو موسكو.

 

المشهد العبثى في الأسواق المصرية خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد أن هذا ليس بسوق حر يخضع لسياسة العرض والطلب، بل سوق تسيطر عليه سياسة الاحتكار والجشع والسرقة والابتزاز، دون وجود أدنى رقابة أو قوانين منظمة، وهو ما يستدعى تدخل فورى وعاجل من البرلمان والحكومة لحماية الأمن الاجتماعي المصرى الذى بات بالفعل في خطر.

 

الواقع يقول أن القانون المصري وضع عقوبات رادعة لإحتكار وإخفاء السلع فى المادتين 8 و71 من قانون حماية المستهلك، شملت الحبس مدد تتراوح بين عام وخمسة أعوام، وغرامة تتراوح بين 100 ألف جنيه ومليونى جنيه، لكل من احتكر أو أخفى سلعا استراتيجية معدة للبيع أو منع تداولها، إلا أن حالة الفوضى التى تشهدها الأسواق المصرية هذه الأيام تؤكد أن تلك العقوبات باتت في حاجة إلى مراجعتها وتغليظ عقوبنها لتتماشى مع خطور ما يهدد فقراء مصر وأمنها الاجتماعي.

 

 

أؤكد انه لا يوجد مصرى واحد لديه قناعة بما سوقته الحكومة من إجراءات للسيطرة على الأزمة وردع المحتكرين -لا بارك الله لهم- وليظل قرار وقف تصدير الفول والعدس والقمح والدقيق والمكرونة ومعه تصريحات رئيس الوزراء مجرد مسكنات لا تتعدى الكلام، مادامت الأسعار فى إرتفاع، ومادام اللصوص يعبثون بالأسواق ويهددون سلام مصر الاجتماعي.. وكفى.

الجريدة الرسمية