رئيس التحرير
عصام كامل

جودة التشريعات.. بلاء عظيم

أصبح المواطن فى بلادنا يعانى بشدة فى تسيير حياته اليومية من كل الوجوه.. ليس فقط على مستوى تلبية احتياجات أسرته اليومية من مأكل وملبس وانتقالات، وإنما أيضا فى كل تعاملاته مع الخدمات الجماهيرية التى تقدمها الهيئات والجهات الحكومية وغير الحكومية، والسبب الرئيسى في ذلك سوء مستوى وجودة التشريعات واللوائح المنظمة للعلاقات بين الناس وتلك الأجهزة أو فيما بين الناس وبعضهم البعض.

الشفافية والاجتهادات الشخصية

فالمتابع لحركة تطور التشريعات والقرارات التنظيمية التى صدرت مؤخرا سواء من مجالسنا النيابية أو الجهات والهيئات الحكومية المختلفة سيجدها تسير من سيئ إلى أسوأ وعلامة ذلك عدم الوضوح والشفافية في الالتزامات المطلوبة من المواطن للوفاء بأحكام ومقاصد تلك التشريعات والقرارات، وأيضا استمرار ظاهرة الاجتهادات الشخصية في تفسير أحكام هذه القوانين من الجهات المنفذة بما يضاعف الخلافات والقضايا التى تنشأ بين أطراف الالتزام سواء في مراحلها الإدارية أو أمام القضاء بدرجاته.

والمتابع لن يجتهد كثيرا ليحصر كم كبير جدا من الصراعات وحالات المعاناة التى يواجهها المواطن مع التشريعات الحاكمة لنشاطه اليومى من قوانين تنظيم البناء إلى المرور الجديد ونقاطه وغراماته، إلى قوانين الضرائب وتعديلاتها المتلاحقة في وقت قياسى إلى قوانين حماية المستهلك التى لا يفهم حتى الخبير بتعاملات السوق كيف يستفيد منها لردع جشع بعض أو معظم التجار ومقدمى الخدمات بأنواعها، فى ظل ظاهرة رفع الأسعار الجنونية التى أصابت الأسواق المحلية من كل الاتجاهات بلا رقيب أو حسيب..

وأحد أسباب ذلك بلا شك سوء جودة التشريعات الحاكمة وعدم وضوح أحكامها للمستفيدين وخضوعها للاجتهادات الشخصية في التفسير ليطبقها كل واحد أو جهة على هواه وتفسيره وتتصاعد الخلافات والصراعات القانونية وتتراكم النزاعات أمام المحاكم، ويطول أمد الفصل فيها لسنوات تضيع معها العدالة الناجزة، وتتحول حياة المواطنين اليومية إلى كابوس ورواج فى سوق مهنة المحاماة والوساطة، وأيضا البلطجة لمن يريد أن يغتصب حق يراه بحسب تفسيره لتلك القوانين والتشريعات الغامضة..

وتعلو الوجوه الكأبة وتتصاعد معها المعاناة وسوء الاخلاق لتصبح ظاهرة يتحدث عنها الجميع الآن فى كل المجالس ولا يجد لها تفسير، رغم أن المتهم  ظاهر فى الأفق القريب والبعيد للعيان وعنوانه غياب العدالة الناجزة وسوء حالة التشريعات واللوائح الحاكمة لأغلب أنشطتنا اليومية، وخضوعها للاجتهادات الشخصية من جهات التنفيذ في معظم المواقع، لتصبح الاكراميات والرشاوى والواسطة هى الحل! وعجبى..

الجريدة الرسمية