رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة يوضح أسباب شق صدر الرسول قبل رحلة الإسراء والمعراج

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

أكد الدكتور علي جمعة، المفتى السابق للجمهورية، أن صدر رسول الله، صلى الله عليه وسلم شُق ثلاث مرات، إحداها وهو طفل عند مرضعته حليمة السعدية، وواحدة عند التهيؤ لرحلة الإسراء والمعراج، حتي يصبح جسده مهيأ للرحلة التي سيعرج فيها إلي بيت المقدس ثم يصعد إلى السماء ليصل إلى العرش، مشيرًا إلى أن هذه الرحلة لا يمكن للجسد البشري العادي أن يقوم بها.

شق صدر رسول الله

وقال علي جمعة إن حالة شق صدر الرسول، صلى الله عليه وسلم، أيضًا جاءت حتي لا تأخذه رحمة بالشيطان، فيطلب منه أن يتوسط إلى الله فيرحمه، وحدث ذلك مع النبي موسي، عليه السلام، لكن الشيطان خذله عند ربه وأبى أن يسجد لقبر آدم عليه السلام. 
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "لقد شق الصدر الشريف لسيد الخلق ﷺ مرتين مرة وهو في بني سعد عند مرضعته حليمة، ومرة قبل الإسراء، وقيل أن شق الصدر وقع ثلاث مرات؛ المرة الثالثة عند المبعث عن ميسرة أنه قال له متى وجبت لك النبوة يا رسول الله؟ فقال: وآدم مجندل في طينته"
وقال جمعة "وشق الصدر يتكلم عنه علماء المسلمين بأنه تهيئة لهذا الطفل الوليد ليتحمل الجهد البليغ الذي عليه، فقد كان قيام الليل فرضًا عليه وليس نافلة كما هو في حقنا، وفي الصيام الذي كان يصومه حتى إنه كان يصل بين يومين ويقول: "إنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني"
وعن إجهاد رحلة الإسراء قال "ورحلة الإسراء والمعراج مجهدة للغاية، لأن طبقات الجو فيها ضغط، وهذا الضغط المفروض إن الجسم البشري لا يتحمله، فكيف يتحمل هذا؟ ثم في الوحي كان إذا نزل عليه الوحي وهو على دابة- جمل قوي-، الجمل ينخ من ما يحدث في جسده من تلقّي الوحي، إذًا هذه عملية مجهدة للغاية، ولذلك كان شق الصدر".

روايات شق صدر الرسول

وأضاف "في بعض الروايات أن شق الصدر كان هدفه نزع نصيب الشيطان من قلبه، والناس تفهم هذه العبارة على ظاهرها كأن قلب رسول الله فيه جزء مثل ما هو موجود عندنا يعني تسمع للشيطان وكذا إلى آخره، لكن أهل الله قالوا: لا ليس معناها هكذا لأن قلبه كله رحمة، وهذا هو الجزء من الرحمة الذي كان يخص الشيطان، يعني لو لم يتم نزع هذا الجزء كان الرسول سيرحم الشيطان، فأخرج الله من قلبه الرحمة لمن لم يرحمه الله سبحانه وتعالى، لأن الله الحكيم لم يرحم إبليس بعد كل طغيانه هذا"
وتابع علي جمعة قائلًا: "وفي التراث الإسلامي أشياء تُفهم هذا المعنى، هل يمكن لأحد أن يرحم إبليس؟ روي أن موسى عليه السلام لقيه إبليس فقال له: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليما، وأنا خلق من خلق الله أذنبت وأريد أن أتوب، فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي. فقال موسى: نعم. فلما صعد موسى الجبل وكلم ربه عز وجل وأراد النزول قال له ربه: أد الأمانة. فقال موسى: يا رب عبدك إبليس يريد أن تتوب عليه.فأوحى الله تعالى إلى موسى: يا موسى قد قضيت حاجتك، مره أن يسجد لقبر آدم حتى يتاب عليه. فلقي موسى إبليس فقال له: قد قضيت حاجتك، أمرت أن تسجد لقبر آدم حتى يتاب عليك. فغضب واستكبر وقال: لم أسجد له حيا أسجد له ميتا. [إحياء علوم الدين]
وقال "لا فائدة {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:34]  إذًا سيدنا النبي ﷺ بقلبه الرحيم كان ممكن يحصل معه هكذا فنزعوا له نصيب رحمته لإبليس، فبقى كل قلبه رحمة باستثناء ما يخص إبليس فكان كاملًا مكمّلًا"

التهيؤ لرحلة الإسراء والمعراج

وعن شق الصدر قال "فشق الصدر له فوائد كثيرة، منها طهارته ﷺ ظاهرًا وباطنا، فكان طاهرًا بكله عرقه طاهر، ودمعه طاهر، ودمه طاهر، كله طاهر، وهكذا كان شأن الأنبياء"
وأضاف "حدثت مرة أخرى تهيئة لسيدنا النبي ﷺ لهذا الحدث الجلل #الإسراء_والمعراج؛ لأنه سيخترق السماء، واختراق السماء لا يتناسب مع الجسد البشري، فلابد من إعداد خاص، وسيرقى إلى سدرة المنتهى، ثم إلى البيت المعمور، ثم إلى العرش. وهذا شيء لا يتحمله البشر المعتاد قبل التهيئة، فكان لابد من تهيئة ذلك الجسد الشريف لهذا الحدث الجلل".
وتابع قائلًا: "فحدث حادث آخر لشق الصدر، فجاءت الملائكة، وشقت صدره الشريف، مثل ما حدث له وهو صغير؛ تهيئةً لتنزل الوحي وللنبوة"
وعن التهيئة للصعود للسماء قال جمعة: "الناس الماديين يقولون لا أحد يستطيع أن يرقى في مراقي ومعارج السماء بهذا الجسم، يجب أن يلبس أشياء تقيه الضغط، وهناك مرض اسمه "مرض الصندوق"؛مرض الصندوق أن تعرق دمًا، وهذا يأتي عندما تصعد في السماء بدون تهيؤ، وبدون لبس مخصوص، فيحصل مرض الصندوق. فكان ولابد أن يتهيأ هذا الجسم الشريف الْمُنِيف لهذه الرحلة العجيبة التي تحتاج إلى مزيد استعداد"
وأضاف "ثم حدث أن أسري برسول الله ﷺ، وذلك أن جبريل جاء النبي ﷺ وهو نائم في فراشه، فأخذه وذهب به إلى الكعبة، وكان البراق وهو دابة، يكون حيث ما يكون نهاية بصره؛ نهاية البصر المعتاد 30 كيلو، فأنت عندما تقف تري قبة السماء نازلة على الأرض، هذه حوالي 30، 40 كيلو، ولكن كلما ارتفعت زادت مساحة الرؤية، يمكن أن يرى لـ 60 كيلو لأنه مرتفع، فيأتي فورًا، يعني أقل من ثانية يكون حيث ما يكون نهاية بصره"

رحلة الإسراء والمعراج

واستطرد قائلًا: "ومعنى هذا هو في المدينة، هينتقل بسيدنا إلى بيت المقدس، هذه المسافة لا تزيد عن 1800 كيلو إلى 2000 كيلو، من مكة لبيت المقدس 2000،2300 كيلو، عندما تقسمهم على 60، يبقى فيها 40 ثانية، معنى ذلك إنه عمل 120 كيلو في الثانية، يعني أقل من سرعة الضوء"
وأضاف "وصل سيدنا رسول الله ﷺ، وربط البراق، «اعقلها وتوكل»، ربط البراق في حلقة في الجدار، وهو ما يسمى الآن بـ "حائط البراق" في المسجد الأقصى. ربط البراق في حلقة، وهي الآن باب المغاربة".
وتابع جمعة قائلًا: "وصل سيدنا ﷺ إلى المسجد الأقصى، ولم يكن هناك هذا البناية التي بناها فيما بعد "عبد الملك بن مروان" ولا هذه القبة التي عليها الصخرة، ولكن كانت تلة، وصلى رسول الله ﷺ هناك، وربط البراق في الحائط الغربي، إلى أن انتهى من الصلاة بالأنبياء. ولما كان ﷺ يسير بالبراق، فإنه رأى قبر موسى عند الكثيب الأحمر، على مرمى رمية حجر من القدس، وهو يصلي." 
وقال "إذن النبي ﷺ كان في حالة انكشف فيها حائط الغيب، فأصبح ما وراء المنظور، منظورًا عنده. البراق دابة لا وجود لها في الأرض، بل هي دابة سماوية، وسيدنا جبريل معه، وهذه الأحداث، وما سيكون، لا تكون إلا من عند الله، فارتفع حائط الغيب، وحائط الغيب يمنع عنا النظر إلى ما وراء المنظور. فشاهد موسى يصلي في قبره، عند الكثيب الأحمر. قال: «مررت على موسى وهو قائم يصلي عند الكثيب الأحمر».

الصعود للسموات السبع

وعن رحلة الإسراء قال: "والنبي عليه الصلاة والسلام، صلى بالأنبياء. ثم خرج، وركب البراق ثم أخذه جبريل، وفتح له أبواب السماء. فنظر إلى السماء الأولى، فوجد فيها: آدم، فسلم عليه، واعترف ببنوته، ونبوته، إن هو من الأنبياء، وناداه بالنبوة: السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته"
وأضاف "طلع السماء الثانية، وجد فيها: سيدنا يحيى، وسيدنا عيسى، «فوجدت ابني الخالة». طلع الثالثة، فوجد سيدنا يوسف، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فسلم عليه، ونداه بالنبوة أيضًا. طلع الرابعة، وجد سيدنا إدريس، وهو أخنوخ، أو هرمس الهرامسة، أو حكيم الحكماء، ويقال في التراث: إنه سيدنا إدريس حي باق، كسيدنا عيسى، بجسده العنصري، في السماء الرابعة"
وتابع "وطلع السماء الخامسة، فلقى سيدنا هارون فسلم عليه، وناداه بالنبوة. طلع على السماء السادسة فلقى سيدنا موسى، فسلم عليه، وناداه بالنبوة. وفي السابعة، لقى سيدنا إبراهيم".

أما بكاء موسي فقال عنه: "موسى بكى، وهو في السماء السادسة، فلما بكى، قالت له الملائكة: لِمَ تبكي؟ قال: هذا غلام، يأتي من بعدي، يدخل من أمته، أكثر مِمَّا يدخل من أمتي الجنة. يعني هو كان حريصًا على أمته، لكن لما بدلوا، وحرفوا، وخرفوا، وأفسدوا، أُخِذَت منهم القيادة، وأعطيت القيادة للمسلمين. ولذلك تجد سورة الإسراء، فيها آية واحدة فقط تتكلم عن الإسراء، والباقي عن بني إسرائيل، لماذا؟ لأن هذه أمة قد خانت، وانتهت، واستوجب من خيانتها أن نعطيها للأمناء، فحملها المسلمون. {وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: 21].
وعن فرض الصلاة قال جمعة: "ذهب النبي ﷺ في العلو إلى سدرة المنتهى، ثم صعد إلى البيت المعمور، ثم صعد إلى العرش، {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]. {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11]. فرضت الصلاة خمسين، فنزل، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي "[البخاري].  ففرضت الصلاة على هذه الهيئة.


واختتم جمعة حديثه قائلًا: "وفي هذا اليوم: عرض له اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقال: اخترت لأمتك الفطرة. وفي هذا اليوم: رجع ﷺ إلى فراشه، فوجده ما زال دافئًا. وهذا معناه أنه لم يزد عن ربع ساعة، كيف؟ بالخلق، لا بالانتقال، كن فيكون، كن في السماء الأولى فيكون، كن في السماء الثانية فيكون،..... كن في سدرة المنتهى فيكون".

 

الجريدة الرسمية