رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. جدل بين الباحثين حول تحديد فرعون موسى.. نديم السيار: من الهكسوس.. زاهي حواس: رمسيس الثاني على الأرجح.. القرآن نأى عن ذكر الأسماء صونًا لكرامة الإنسان وخصوصيته

فيتو

قال الله تعالى "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون"، حينما ذكر فرعون مصر في أيام النبي موسى عليه السلام، وثار جدل كبير بين المؤرخين عن شخصية فرعون موسى، فبعضهم أكد أنه رمسيس الثاني، فيما اختلف معهم آخرون.


وأكد الدكتور نديم السيار في كتابه "قدماء المصريين أول الموحدين"، أن فرعون موسى لم يكن مصريًا، إنما هو واحد من ملوك الرعاة الهكسوس المحتلين.

نسب موسى
وفي سلسلة نسب موسى عليه السلام يذكر ابن خلدون: أنه موسى بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب، ونفس النسب قاله أبو الفدا والمسعودي، وغيرهم من المؤرخين فموسى هو ابن عمران بن قاهث، أي أن بين موسى وقاهث جيلين فقط.

وفي كتاب السيار يقول: إن قاهث دخل مصر مع يعقوب في عهد الفرعون الهكسوسي الثاني، مشيرًا إلى أن فرعون يطلق على كل من يملك الحكم في مصر سواء كان مصريا أو محتلا أجنبيا.

وأكد الكتاب أن موسى كان في عصر الهكسوس، وأن ثاني ملوك الهكسوس، الذي جاء في عهد قاهث، حكم مصر لمدة 44 عامًا، ثم بعده ملك الهكسوس الثالث، الذي حكم مصر لمدة 36 عامًا، ثم الرابع الذي حكم 61 عامًا، ثم الخامس الذي حكم لمدة 50 عامًا، ثم السادس حكم لمدة 49 عامًا.

أما عن مولد النبي موسى عليه السلام، بالتحديد المدة التي انقضت ما بين دخول بنى إسرائيل، وفيهم قاهث، حتى مولد موسى أي 135 عامًا، يعني أن "موسى" ولد بعد دخول جده "قاهث" إلى مصر، الذي كان في زمن الفرعون الهكسوسي الثاني، بعد "135" عاما.

ويذكر كتاب السيار أنه بمقارنة ذلك بمدد حكم ملوك الهكسوس، يمكننا تحديد الفرعون الذي ولد "موسى" في عصره، بأنه كان خامـس فراعنة الهكسوس.

ويقول الكتاب إن الآية "9" من سورة القصص: "قالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه"، في هذا الجزء من الآية دليل على استحالة أن يكون رمسيس الثاني، الموجودة مومياؤه بالمتحف المصري، هو فرعون موسى المقصود لعدة أسباب منها: أن رمسيس له خمس زوجات رئيسية و19 زوجة غير رسمية، و"100" مائة ولد ملكي، فكيف تطلب زوجته أن تتبنى طفلا، ويكون لها قرة عين لهما.

وثائق المصريين

في نفس شطر الآية "لا تقتلوه"، غريب لأن وثائق المصريين تخلو من أي قصة أو أسطورة أو نبوءة تتحدث عن قتل الأطفال، لكن تلك القصص يمكن أن تكون عند الهكسوس.

وقال زاهي حواس، وزير الآثار السابق، في إحدى مقالاته "لعل من أعظم أسرار الحضارة الفرعونية القديمة، التي لا يزال العلماء يبحثونها من كل أوجهها، قصة خروج بني إسرائيل من مصر، وتحديد شخصية فرعون موسى، فعلى الرغم من وجود القصة بتفاصيلها في التوراة والقرآن الكريم إلا أن شخصية فرعون لم تحدد بالاسم".

وأضاف حواس أنه ورد عن المفسرين قولهم: إن القرآن الكريم نأى عن ذكر الأسماء، وذلك صونًا لكرامة الإنسان وخصوصيته، فلم يذكر شخصية عزيز مصر الذي اشترى يوسف ورباه في بيته، أو حتى امرأته التي راودت يوسف عن نفسه أو شخصية ملك مصر الذي جعل من يوسف أمينًا على خزائن مصر، وغير ذلك من الأمثلة الكثير، ولعل السبب كذلك هو إعطاء العقل البشري مساحة من التفكير؛ لتعقل الرواية القرآنية بدلًا من تحديدها في نطاق أشخاص بأسمائهم، والبعد عن المعنى الشمولي للرواية وجعلها قصة دارت أحداثها بين أشخاص بعينهم والله أعلم.

وعن فرعون موسى يقول حواس "لا يزال العلماء يتباحثون فيما بينهم ما إذا كان هذا الفرعون شخصية واحدة أم شخصيتين؟ أحدهما تربى موسى في قصره ووسط أبنائه، والآخر ناصب موسى العداءَ بعدما أبلغه الأخير برسالة ربِّهِ إليه، وحارب بني إسرائيل حتى كان الخروج من مصر، وفي ظني أن فرعون موسى هو فرعون واحد، ولعل في قوله تعالى «قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ» الشعراء 18؛ ما يشير إلى كونه فرعونًا واحدًا هو الذي شهد قصة موسى وبني إسرائيل كلها حتى كان الخروج.

وأضاف أن فرعون موسى عاش وحكم لفترة كبيرة، ومثل هؤلاء في التاريخ الفرعوني القديم قليل مثل الملك «بيبي الثاني» الذي عاش أكثر من ثمانين عامًا، ولا يمكن أن تكون قصة موسى قد حدثت في الدولة القديمة.

و يتفق علماء المصريات والتاريخ أن موسى وبني إسرائيل عاصروا الدولة الحديثة بعد تاريخ 1550 قبل الميلاد، خاصة بعد أن أجمع هؤلاء العلماء على أن العبرانيين جاءوا إلى مصر مع الهكسوس بعد الدولة الوسطى، وعاشوا خلال ما نطلق عليه عصر الاضطراب الثاني، وبالتالي لا بد أن يكون فرعون الخروج أحدَ ملوكِ الدولة الحديثة، والملك الوحيد الذي عاش عمرًا مديدًا وحكم نحو 66 عامًا، هو الملك رمسيس الثاني الذي يميل إلى اعتباره فرعونَ الخروجِ معظم الباحثين.

تحديد فرعون الغرق
وقال حواس "أنا شخصيًا لا أستطيع تحديد مَنْ هو فرعون الخروج من دون وجود دليل لغوي أو أدلة أثرية تثبت ذلك، ولكن أستطيع أن أقول إن السبب الذي جعل الفراعنة لا يتحدثون عن أنبياء الله الذين زاروا مصر من: إبراهيم ويوسف وموسى عليهم جميعًا السلام، هو أن المصريين بنوا المقابرَ ورتبوا عقائدهم الدينية والجنائزية ترتيبًا استغرق آلاف السنين، نرى في جوهره مبدأ الوحدانية ظاهرًا، وفي مظهره الخارجي تعدد المعبودات والآلهة، وهذا النظام لا وجود فيه لأنبياء وديانة واحدة، وسيظل البحث مستمرًا عن شخصية فرعون موسى".
الجريدة الرسمية