رئيس التحرير
عصام كامل

هل التدخين ينقض الوضوء؟

التدخين
التدخين

لم يرد في أيّ مذهب من مذاهب أهل السنّة والجماعة، أو عند أي عالمٍ من علماء المسلمين الموثوقين أنّ شرب الدّخان أو التدخين بأنواعه من الأراجيل أو السجاير أو غيرها أنّ ذلك من نواقض الوضوء، أو أنّ مُمارسة تلك الأعمال تُؤدّي إلى نقض الوضوء، وأنّ على فاعل ذلك أن يتوضّأ إذا أراد الصّلاة بغض النظر عن طهارته الحسيّة من عدمها، سواءً بذلك من قال بحرمة التدخين أو من قال بغير ذلك.

دار الإفتاء المصرية 

وصرّحت دار الإفتاء المصريّة بعدم نقض الدّخان للوضوء ما لم يكن المُدخّن مُحدثًا بالأصل، ومما جاء في الفتوى أنّ: (التدخين لا ينقض الوضوء، غير أنّه يُستحبّ للمسلم أن يُطهّر فمه من رائحة التّدخين عند الصّلاة حتى لا يُؤذي إخوانه المُصلّين)، فينبغي للمُدخِّن أن يُزيل ما عَلق بفمه من رائحةٍ كريهةٍ إذا أراد الذهاب إلى المسجد؛ وذلك حرصًا على دفع ضرر تلك الرائحة وأذاها عن المُصلّين، قياسًا على ما جاء من نهي من مسَّ فمه ثومٌ أو بصلٌ من الذهاب إلى المسجد؛ لما في ذلك من إزعاجٍ للمصلين، مع أنّ أكل الثوم والبصل مبُاحٌ لا بأس فيه، فيكون الحكم الأولى في من مسَّ فمه رائحة دُخان مُحرَّمٌ أن يتجنّب الصلاة في المسجد حتى يُزيل ما أصابه من الرّائحة التي حتمًا ستُلحق الضرر بالمُصلّين، وكذلك الأمر إذا تعلّق الحكم بمكانٍ عامٍ يجتمع فيه المُسلمون؛ فإن الأولى عدم إلحاق الضرر بالنّاس

التدخين هو عبارة عن عمليّة استنشاق وابتلاع الدُّخان الناتج عن حرق نبات التبغ، أو ما يُعرف بالتّنباك، ويُسمّى بين النّاس بالسَّجاير أو الأرجيلة، والتبغ هو نبات عشبيّ له ساق تنمو على جوانبه أوراق عريضة لونها أخضر، وتُقطَف هذه الأوراق وتُجمَع مع بعضها وتُجفّف.

حُكم التَّدخين 


ذهب كثيرٌ من العلماء الثقات في العصر الحاضر إلى القول بحرمة التَّدخين، حيث إنّه لم يكن موجودًا في عصر الفقهاء والتّابعين، ناهيك عن عدم وجوده زمن الوحي والرسالة، وقد استدلّ القائلون بحرمة التدخين على مجموعةٍ من الأدلة من الكتاب والسُنّة، وذلك لما يترتّب عليه من الضرر، وما يُسبّبه من أمراض وأوبئة، وقد ثبت ضرر التّدخين طبيًّا وعلميًّا، ومن أدلة أصحاب هذا القول ما يأتي:

قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)؛ فدلَّت الآية على أنّه لا يحِلُّ إلا ما كان طيِّبًا، وبالنّتيجة فإنّ كلَّ خبيثٍ مُحرَّم، ولا يختلف اثنان على أنّ التّدخين من الخبائث. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)؛ فقد جاء في مفهوم المُخالفة الوارد في الآية النهي عن أكل أو شرب أو استخدام كلّ ما كان خبيثًا.

صَحَّ عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنه قال: (لا ضَررَ ولا ضِرارَ)، ثبت قطعًا بشهادة أهل الاختصاص من الأطباء والعلماء أنَّ التدخين سببٌ في إصابة تسعة من بين كلّ عشرة من المرضى الذين يُصابون بسرطان الرئة في العالم، كما أنّ التدخين سببٌ رئيسٌ في حدوث أمراض القلب والجلطات الدماغيّة، وانتفاخ الرئة، والتهاب القصبات الهوائيّة، ويُسبّب الإصابة بالعِنَّة أو ما يُعرَف بالضعف الجنسيّ وضعف الانتصاب عند الرجال.

وقد وصف أطبّاء النيكوتين بأنّه شبيهٌ بالمُخدِّارت من حيث الصفات، ورأوا ضرورة مُعاملة النيكوتين الموجود في التّبغ كنوعٍ من أنواع المُخدّرات الخطيرة، كالهيروين والكوكايين. 

استدلّوا كذلك بالحديث المرويّ عن أم سلمة رضي الله عنها حيثُ قالت: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ)؛ واستنادًا إلى رأي العلماء الثقات الذين قالوا بأنّ التدخين يحوي موادًا مُسكرةً فيكون حكم التدخين الحرمة قياسًا على حُرمة المُسكرات جميعها.

الجريدة الرسمية