رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا لا تدفع أندية الشركات ثمن الإعلانات؟!

لماذا لا تدفع أندية الشركات ثمن الإعلانات لوسائل الإعلام والضرائب للدولة عن أنشطة رياضية تتخفى وراءها مكاسب مالية كبرى، وتتفاوت من شركة عامة أو خاصة؟! راودني هذا السؤال منذ أيام وأنا أتابع بعض مباريات الدوري العام المصري، وكان أحد أطرافها ناديا لشركة صعد حديثا إلى الدوري الممتاز، فقد تردد اسم الشركة أثناء التعليقات على المباراة مئات المرات، وبعد ذلك مرات ومرات في البرامج الحوارية وفي الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية.. إلخ، ولو كانت إعلانات مدفوعة لكان المقابل كبيرا جدا لخزانة الدولة والمؤسسات الإعلامية.

والسؤال المباشر هل يتم تحصيل رسوم إعلان من هذه المنشآت التجارية نظير الإعلان عنها في كل هذه الوسائل الإعلامية مثلما تدفع بعض الشركات التجارية نظير الإعلان عن اسمها في وسائل الإعلام؟! طبعا الإجابة: لا 

نشاط اقتصادي

نعم، قد يقول قائل ومعه حق هذا نشاط رياضى يستلزم الإعفاء الضريبى، وأنا معه إذا كان الهدف رياضيا بحتا ولا ينعكس بالكسب والفائدة التجارية للشركات، خاصة إذا كانت الملكية عامة وقبل الفصل بين الهيئات والوزارات في المعاملات المالية، بدليل أن الحكومة ممثلة في هيئاتها ووزاراتها تدفع رسوم الإعلام عن أنشطتها للصحف ووسائل الإعلام، بل ووصل الأمر مؤخرا بأن بدأت دفع استهلاك الكهرباء والمياه بعد أن ظلت لسنوات طويلة مجانية لها.
وأضيف عندما تقيم الشركات التجارية وأنشطة رياضية واجتماعية وثقافية للعاملين فيها يكون أمرا محمودا، بل ومطلوبا لأن ذلك يصب في نهاية المطاف لصالح المجتمع بتثقيف وترفيه فئة منه، ويعود على الشركة بالنفع لأنه يرفع في النهاية من كفاءة وقدرة العاملين فيها على الإنتاج، لكن حين يتحول إلى نشاط اقتصادى.. الأمر يختلف!
والتاريخ الرياضى يشير إلى ذلك فقد شاركت أندية الشركات في المسابقات الرياضية في مصر منذ ضربة البداية وعلى مدى تاريخها.. ومنذ إنشاء مسابقة كأس مصر عام 1921 والدورى المصرى عام 1948 وحتى الآن.
والمشاركات عديدة ومتنوعة ومتغيرة للدرجة التي وصلنا فيها مؤخرا أن من بين 18 ناديًا هي قوام أندية الدوري المصري، تمثل أندية الشركات والمؤسسات نحو 70 %، بمعدل 12 ناديًا.. وهذا العام انضمت أندية 3 شركات أخرى لمسابقة الدورى الممتاز لأول مرة في تاريخهم.. ومن خلال الإبحار في تاريخ مشاركة أندية الشركات في المسابقات الرياضية أتوقف عند البداية التي كانت على ما أعتقد مع نادى الترسانة وهو تابع للشركة المصرية العامة لورش الري (الترسانة)، ونادى الترام الذى تأسس عام 1928 بمحرم بك بالإسكندرية، ويعد من أقدم الأندية التي أنشئت في مصر وهو تابع للهيئة العامة لنقل الركاب بالاسكندرية.
وبنظرة إلى أول نسخة للبطولة موسم 1948–1949، نجد أن المشتركين بها 11 فريقًا، من بينها نادى أكثر من شركة بما يعادل نحو 25 %، وهم الترسانة والترام والسكة الحديد، ومن هنا نخلص أن أندية الشركات ساهمت بشكل متميز في مسابقات الرياضة المصرية لكن هناك بعض الملاحظات التي لابد من عدم إغفالها الآن وهي: 

ملاحظات مهمة

أولا: الرياضة كانت الهدف الخالص لهذه الشركات في الماضى دون أن تحصد مكاسب تجارية أو مالية وإن حصدت مكاسب فهى معنوية وهذا مقبول ولا غبار عليه.
ثانيا: إنها قدمت الرياضة بصورتها الخالصة للعاملين فيها وشجعت الإنتماء لهذه الشركات من خلال هذه الأندية.
ثالثا: ملكية الشركات في مجملها عامة وبالتالى أى مكاسب ستعود على جموع الشعب المصرى وليس شركات خاصة تهدف إلى الربح. 

رابعا: تغير أنواع وأشكال الملكية في مصر، بين العام والخاص والاستثمارى.. إلخ، بل وفرض بعض أنواع الفصل بين الإدارة والملكية التي وصلت لمطالبة بعض الهيئات العامة بسداد مستحقاتها من الضرائب واستهلاكات المياه والكهرباء.. الخ 
سادسا: الهدف الظاهر من هذه الأنشطة الرياضية في الشركات هو جيد ومحمود لكن حين يتحول إلى عائد تجارى بشكل مباشر أو غير مباشر فلا بد من دفع حقوق الدولة والمجتمع. 
سابعا: الإنتقال إلى سياسة الإحتراف والعقود بالملايين للاعبين والمدربين.. الخ، وصفقات الإعلانات والرعاية.. إلى غيرها من أنشطة اقتصادية بالملايين ما كانت ستتم لو لم يكن هناك تغطيات إعلامية لها، وليس للنشاط الرياضى فحسب، بل يتحول هذا الزخم الإعلامى الرياضى إلى زيادة النشاط الاقتصادى لهذه والشركات، ولكن الشركات التي تتخفى وراء هذه الأنشطة فتذكر الآف المرات يوميا في نقل المباريات وتحليلها والجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية، يعنى إعلانات غير مدفوعة الثمن وتحصد من ورائها مليارات الجنيهات في أنشطة اقتصادية أخرى.
صعود 3 أندية للشركات للدورى الممتاز العام القادم والإمكانيات الكبيرة المخصصة لأندية الشركات تضع باقى الأندية الأخرى في مأزق مالى كبير، يجعلنا نطالب بحقوق الدولة من أندية هذه الشركات ليذهب بعضها في دعم الأندية التي ليس لها أنشطة تجارية أخرى مثل أندية الشركات.

أخيرا لو كنت مكان الدكتور محمد معيط، وزير المالية لطالبت هذه الكيانات بالضرائب عن الإعلانات وما يفيد قيمتها بالطبع والتي سددتها للجهات المعنية، والسبب أن العائد من هذه الأنشطة لا يقتصر فقط على الرياضة بل ترويج لمنتجات وأنشطة هذه الهيئات والشركات والتي لو دفعتها بشكل مباشر عن أنشطتها لدفعت مئات الملايين، ولكنها جاءت للرياضة لتتخفى وراءها.
ولو كنت مكان الكاتب الصحفي كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والاعلامى حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام والمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة لطالبت بحقوق الإعلان عن أسماء هذه الشركات التي تذاع يوميا في وسائل الإعلام المختلفة ليل نهار.
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية