رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ الشعراوى يشرح المقصود من حديث أنتم أعلم بشئون دنياكم

الشيخ محمد متولى
الشيخ محمد متولى الشعراوى

تدور أحاديث بعض الحلقات النقاشية وعلى لسن بعض الفقها أمر الاجتهاد في الدين فالكل يدلى برأيه المتخصص والغير متخصص والفقيه والجاهل استنادا الى الحديث (انتم اعلم بشئون دنياكم ) فما القول الفصل في قضية الاجتهاد ؟
يقول فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى:اذا افترضنا ان القوم المتحررين دينيا يريدون ان يخضعوا كل شيء في الدين للاجتهاد وكذلك الاخرون، فكرهما مخطئ، فمعنى الاجتهاد ان تبذل الجهد في ان تعرف الرأي، وهذا لا يعنى انها تحتاج الى بحث ولكن المحكمات غاية النفس، والعالم لا يفسد بأى من الآراء في المسموح فيه بالاجتهاد، لكنه يفسد بالاول..فالذى يفسد به أولا هو الذى قال لا..أنا الذى سأتحمله، ويريد الناس ان يخضعوا قضايا الدين الى ( انتم أعلم بشئون دنياكم ).


واضاف الشعراوى: أن كل شيء يريدون ان يدخلوا فيه هذا الحديث، وعلينا ان نفهم ميلاد هذا الحديث، فالحديث ورد في أمر علمى تجريبى، وأمر التجربة ليس منوطا بالسماء، لكنه منوط بالاسباب والمسببات المادية لأن الله ضمن انه لا يدخله الهوى.
التجربة المادية لا يدخلها الهوى، فالعالم يدخل معمله التجريبى وليس في نفسه الا ان يصل الى الحقيقة، لكن ماهى الحقيقة ؟ هي ماتهدى اليه العناصر الصماء، والتفاعلات لا يدخل اليها الهوى، ولكن في الأمور النظرية يأتي الهوى في الأمور النظرية قسمين، قسم يتدخل فيه تدخلا لا يسمح لكم بالاجتهاد فيه، وقسم آخر من أجل أن يعطيكم حرية البحث فيه حتى لا تكونوا قوالب حديدية، وأخذ التكاليف على أنها هكذا.

التجربة المادية 

كل هذا ليصبح عندك حرية حركية وحيوية اختيار، حيوية اختيار بديلات، لكن التجربة المادية يختلف فيها الناس، لا أحد يختلف فيها لماذا ؟ لأن الهوى لا يدخل فيها.
يجئ واحد ويقول ( نبيكم محمد قال: انتم أبصر بشئون دنياكم ) وهى التجارب المعملية التي انت حر فيها.
لقد وضع الإسلام مبدأ العلم التجريبى ولكن الأمور النظرية التي تختلف فيها الاهواء يحملها الله شكلين: الشكل الأول: شكل محكم..ان اختلفنا فيه نتعب، والشكل الثانى: ان اختلفنا فيه لا نتعب، وان كنا سنتعب من ناحية التعصب، والتعصب كما نقول دائما: انه جبروت الضعيف، اذن فيجب ان نستقبل قضايا الإسلام على ان الإسلام معناه أولا أسلم يقتضى مسلما وهو الانسان، ومسلما اليه ومسلما فيه.
انا لا أسلم نفسى الى مساو من البشر ن وإنما لا أسلم زمامى إلا لمن أثق أنه أقدر منى وأحكم.

الشجاعة الايمانية للرسول 

هذا هو معنى الإسلام..اسلامى اننى القى زمامى بيدى للحق سبحانه وتعالى، وكل عملى أوثق ماصدر من الله ومن رسوله الذى هو المشرع الثانى، عند هذا الحد انتهت المسألة.


تأمل دقة الرسول عليه السلام ن تأمل الشجاعة الايمانية في ان النبى عليه الصلاة والسلام الذى أشار بالا يلقحوا النخيل حين قال لهم ( ان لم تفعلوا فإنه أيضا يصلح بدون تلقيح فلم يفعلوا ولم يصلح، تأمل كيف تحمل التجربة العملية المادية لا تقبلوا حتى كلام محمد بن عبد الله.هل هناك اكثر من ذلك.

الامور اللاهوائية 

لكن في الأمور اللاهوائية نجد في الواقع انه اعطانا منطلقا يؤيد الواقع..كيف ؟الى المسائل النظرية التي اختلفوا فيها ثم انظر الى المسائل المادية تجد ان صاحب المسائل المادية هو العالم المعملى الذى لايعلم الناس شقاءه الذى يعيشه وهو وحده، ولا أحد يدرى به ن ولا يشعر الناس به الا عندما تنتهى تجربته الى مبتكر او شيء جديد، ثم نبدأ نحن نحصل على خير التجربة،لكن التجربة في الكلام النظرى ينعم بها صاحبها ويشقى بها المجتمع الى ان يثبت ان كلامه ضار او يجئ شخص آخر يغير من كلامه.

الرب الخالق 

اذن لقد تحمل الله عنا ما يشقى، صحيح ان التجارب سترغمكم فيما بعد على ان تصلوا الى مايريد الله، ولكنه أراد ان يريحكم عناء التجربة لأنه رب وخالق، ولا يوجد صانع يريد ان يحطم صنعته.. كل صانع يحب صنعته، والله يحب صنعته، ولذلك فقد منع عنها المسائل الهوائية، وأباح لها الاجتهاد، والاجتهاد يعنى ان هذا جائز وهذا جائز والله تعالى اعلم.
 

الجريدة الرسمية