رئيس التحرير
عصام كامل

العالم أصبح بائسًا.. جوجل: الأخبار السلبية الأكثر تصفحًا خلال 2021

تصفح الهاتف المحمول
تصفح الهاتف المحمول

كشف محرك البحث الشهير جوجل في تقريره السنوي وجود هوس تصفح الأخبار السلبية والاستمرار في قراءة الأخبار السيئة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوقّع المزيد منها.  
وأشار تقرير جوجل إلى أنه رغم وجود هذا المصطلح منذ عام 2018، إلا أن عمليات البحث عنه زادت أكثر من أي وقت مضى في يناير 2021.  

متعة مطالعة الأخبار السلبية

وخصص الكثير من الناس في العام الماضي وقتا ما لمطالعة الأخبار والموضوعات السلبية على شبكة الإنترنت، بالتزامن مع بدء تطبيق إجراءات الإغلاق العام المرتبطة بتفشي فيروس كورونا، لكن ذلك لا يعني أن هذا السلوك جديد من نوعه. فطالما تبنى الناس عقلية "العجز عن توجيه النظر بعيدا عن حادث السيارة" التي ذكرتها برنستاين، عندما يتعلق الأمر بمطالعة الأخبار حسبما ذكرت  BBC. 

ويرى دين مكاي، أستاذ علم النفس بجامعة فوردهام الأمريكية والباحث المتخصص في دراسة السلوك القهري واضطرابات القلق. فهذا الرجل يعتبر أن إقدام الناس على مشاهدة نشرة أخبار الساعة الحادية عشرة مساء، والتي كانت ذات تأثير مرعب في ضوء ما تتضمنه من أخبار عن كوارث وحروب، شكَّل نذيرا بإمكانية إقبالهم على تصفح الإنترنت، لمطالعة أخبار من النوع نفسه. 

إذ إن مشاهدة هذه الأخبار المفزعة من موقعك الآمن كـ "مشاهد يجلس مستريحا على أريكته" ينطوي على تأثير مُهدئ. فالمرء يشعر في هذه الحالة، حسبما يقول مكاي؛ إنه يجلس آمنا مرتاحا، رغم أن "الأمور مروعة للغاية، وهو ما يعني أنه سيكون بوسعي أن أنعم بنوم هادئ الليلة، عالما (أن بمقدوري الشعور بالارتياح حيال) وضعي في هذه الحياة". 

ويشير مكاي إلى أن "مطالعة الأخبار السيئة على الإنترنت"، ربما يكون "معادلا عصريا" لمشاهدة تلك النشرة الإخبارية التي تحدث عنها سابقا، لكن الفارق يتمثل في أن الأمر هنا، لا يقتصر على مجرد نشرة تُبث في موعد بعينه وتستمر لمدة ساعة مثلا، بل أنه يتمثل في تصفح متواصل دون توقف. 

وهكذا، فلم يكن مستغربا أن يعكف أُناس مثل برنستاين وغيرها، على مطالعة الأخبار على الإنترنت حتى في ساعات الليل، خلال تلك الأوقات الاستثنائية التي شهدناها في 2020، واتسمت بأنها مروعة وحافلة بالشكوك. فقد كان الناس بحاجة للمعلومات في تلك الآونة؛ فهي كانت شحيحة فيما يخص الفيروس الذي يهددهم أولا، ولأنهم باتوا عالقين بعد ذلك، في دوامة لا تنتهي من الأخبار الخاصة بهذا الوباء. 

وتقول باميلا روتليدج، مديرة مركز أبحاث علم النفس الإعلامي في ولاية كاليفورنيا، إن السلوك الخاص بـ "الانهماك في مطالعة الأخبار السيئة على الإنترنت"، يعبر "بحق عن حاجة ملحة وقاهرة، يشعر بها المرء وهو خائف، وتدفعه لمحاولة الحصول على إجابات" للأسئلة التي تشغله. 

ويتعين علينا دائما في هذه الأحوال - وقبل كل شيء - تقييم ما إذا كانت المعلومات المتاحة حول ذاك الوضع الجديد الذي نمر به، تشكل تهديدا لنا أم لا. وتقول روتليدج في هذا الشأن: "إننا كبشر مدفوعون بحكم تركيبتنا البيولوجية، للتركيز على أمور مثل هذه، وهو ما تستغله الصحافة بدرجة ما، للأسف الشديد". 

كما أن العناوين والموضوعات المثيرة تجتذب القراء لأنها تبعث في نفوسهم الشعور بالخوف، وتُشعرهم بأن هناك ضرورات ما، تفرض نفسها عليهم، وتقول برنستاين إن هناك من يتصورون أن معرفة أحدث التطورات ستجعلهم قادرين على حماية أنفسهم وأُسَرِهم بشكل أفضل. 

ورغم أن هذا الشعور منطقي، فإن غالبية الناس يتجاوزون في مطالعتهم للأخبار والموضوعات، القدر الذي يمكن أن يشكل مصدرا لمعلومات قيمة ومهمة بالنسبة لهم. 

فبرنستاين، مثلا، بدأت ممارسة هذه العادة بقراءة الأخبار وحدها، لكن المطاف بات ينتهي بها بانتظام، إلى تجاوز ذلك، لتقرأ القسم الخاص بتعليقات القراء، على الموضوعات الإخبارية. 

وتقول في هذا الصدد: "أعلم أن ذلك لن يعدو (قراءة تعليقات) أشخاص مضطربي العقل، وهم يهينون آخرين يعانون من الاضطرابات نفسها. لا أعرف حقا لماذا أفعل ذلك".

ويعتبر مكاي أنه قد يكون هناك "تفسير تطوري ما" لهذا الأمر. فكل الحالات العاطفية التي يمر بها البشر، ظهرت نتيجة تأقلمهم بشكل أو بآخر، مع الأوضاع التي يمرون بها. لذا قد تكون الرغبة في أن نحس - عبر مطالعة الأخبار والتعليقات - بمشاعر بعينها تنتاب آخرين، مثل الغضب واليأس، مجرد أسلوب نتبعه لـ "ممارسة آليات تكيف متطورة"، قمنا ببلورتها للتعامل مع الأحداث السلبية التي تواجهنا في الحياة.

فالشعور بالخوف مثلا يضعنا في أقصى حالات التأهب، وهو أمر مفيد في المواقف الخطرة، وفي هذا الإطار، يمكن أن يشكل "الانهماك في مطالعة الأخبار السيئة على الإنترنت" - كما يقول مكاي - نهجا لـ "جمع المعلومات وتجميع الاستراتيجيات المختلفة".

وفاقم اجتياح الوباء للعالم، من هذا الاحتياج المفترض للمعلومات، وللمشاعر التي تثيرها الأخبار والموضوعات الإخبارية كذلك. كما أن العجز عن التواصل سواء مع المجتمع المحيط أو مع زملاء العمل نتيجة للبقاء في المنازل، بسبب القيود التي فُرِضَت جراء الوباء، أدى إلى أن يصبح لدى الناس وقت أكبر للتصفح.

وأظهرت دراسة استقصائية أُجريت في ألمانيا أواخر مارس وأوائل إبريل 2020 وجود صلة بين "تكرار التعرض لوسائل الإعلام ومدته وتنوعه" وزيادة أعراض الاكتئاب ومشاعر القلق سواء كانت ناجمة عن الوباء أم لا.

كما وجد باحثون من كلية دارتموث الأمريكية، أن هناك صلة بين تزايد استخدام طلاب الكلية لهواتفهم، والنزوع بشكل أكبر لممارسة سلوكيات ترتبط بالقلق والاكتئاب والركون للسكون وإيثار عدم الحركة، وذلك بالتزامن مع تفاقم المخاوف المرتبطة بفيروس كورونا في مارس من العام الماضي.

الجريدة الرسمية