رئيس التحرير
عصام كامل

لمن يقولون إن الإخوان انتهوا!

لعل التسريب المفبرك الذى كشف أمره الأمن أمس ودور الإخوان فيه يجعل البعض منا يراجعون أنفسهم فيما يرددونه من تطمينات لنا بأن الإخوان انتهوا وأن جماعتهم تحتضر الآن على فراش الموت.. لقد طرح هذا الأمر على الزميل ضياء رشوان فى أولى حلقات برنامجه التليفزيونى الجديد وقلت إن جماعة الإخوان تبدو انتهت تنظيميا وسياسيا؛ لأن الأمن المصرى تمكن من تصفية الهيكل التنظيمى للجماعة، وقادتها الآن إما مسجون أو لاذ بالخارج، أما أغلب أعضائها فقد لزموا بيوتهم وحاولوا إنهاء أمر انتمائهم للجماعة، ولم يعودوا قادرين على الفعل والنشاط.

ولأن الجماعة افتقدت القيادة التى تملك قدرات سياسية تجعلها تتجاوز الأزمة وتعيد بناء هيكلها التنظيمى، على غرار ما فعل المستشار الهضيبى بعد أن أصبح المرشد الثانى لها فى أعقاب اغتيال حسن البنا، وما فعل عمر التلمسانى بعد أن سمح السادات للجماعة بالعمل فى بداية السبعينات.. فإن الأول اعتمد على سيد قطب وعدد من الكوادر الشبابية للجماعة لإحياء تنظيمها المسلح، والثانى اعتمد على خطة مختلفة تبناها وهو فى السجن فى مواجهة خطة سيد قطب تقوم على اختراق المجتمع ومؤسساته المختلفة.

 

فقه المحنة

 

لكن فى مقابل ذلك فإن الإخوان ماليا وفكريا ما برحوا يملكون القدرة على تجاوز أزمتهم ويملكون أسباب إعادة إحياء جماعتهم مجددا.. فهم يملكون، جماعة وتنظيما دوليا، أموالا ضخمة ولديهم مصادر تضخ لهم أموال غزيرة حتى الآن، أهمها التبرعات التى أنشئوا مؤسسات ومنظمات مجتمع مدنى فى أوروبا وأمريكا لجمعها، والاستثمارات المنتشرة أغلبها فى دول أوروبية والتى يجمعون أرباحها الكبيرة.

 

كما أن الفكر المتطرف دينيا الذى قامت على أساسه جماعة الإخوان ما زال يفتقد المواجهة الثقافية الفاعلة له حتى الآن، وهذا الفكر يمنح الإخوان وبقية الجماعات والتنظيمات الإرهابية حتى الآن الفرصة لتجنيد مزيد من الشباب.. فضلا إلى أن الإخوان تربوا على ما يمكن تسميته بفقه المِحنة الذى ساعدهم على العودة مجددا عقب كل مرة تعرضت فيها من قبل جماعتهم للحل والتصفية.

 

 

خلاصة الأمر أن جماعة الإخوان تلقت بالفعل ضربة قوية ومؤثرة، لكنها مع ذلك ما زالت تملك أسباب مغادرة فراش الموت والوقوف مجددا على قدميها والقيام بأعمال تؤذينا، والتسريب الأخير المفبرك يكشف ذلك.

الجريدة الرسمية