رئيس التحرير
عصام كامل

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. أطفال اليمن: الحوثيون يقتلوننا كل يوم كأننا حشرات

أطفال اليمن
أطفال اليمن

«المساواة- الحد من التفاوتات والدفع قدما بإعمال حقوق الإنسان»، شعارًا أطلقته الأمم المتحدة للاحتفال بمرور ثلاثة وسبعين عامًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تلك الوثيقة التاريخية، ذات الإلزام القانوني، والتي أقرتها ٤٨ دولة عضوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ١٠ ديسمبر ١٩٤٨، لإنقاذ العالم من ويلات الحروب التي شهدها منذ نهايات العقد الثاني من الألفية الثانية وحتى أربعينيات القرن المنقضي، متضمنة ٣٠ مادة، ترجمت لأكثر من ٥٠٠ لغة حول العالم. 

 

لم تكن اللبنانية أنجيلا جورداك، عضو لجنة صياغة الوثيقة، تدرك أن بعد ثلاثة وسبعين عامًا من إنجازٍ خلفته وقريناتها للبشرية، سيعود العالم من حيث بدأ إلى المربع صفر، لم تكن تستشرف أن المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه» أضحت حلمًا صعب المنال لطفل عربي من قاطني تعز والغوطة والأنبار. 

 

ويحتفل العالم بمرور ثلاثة سبعين عامًا على الوثيقة التاريخية، بينما اليمن الذي لم يعد سعيدًا، ينزف ويئن، يعيش مأساة مستمرة داخل وطنًا يتمزق بين مخالب التطرف والرجعية والانقسام. انتهاكات بالجملة ما بين قتل خارج القانون، وانتهاك للحريات الصحفية، واحتجاز تعسفي، وتهجير قسري، والتعذيب، ومصادرة للممتلكات، للأطفال منها نصيب كبير، وتقارير دولية عن حالة حقوق الإنسان، لا تعكس الحقيقة الكاملة على الأرض. 

 

مأساة أطفال تعز 

قتلى وجرحى، رؤوس مثقوبة، وأقدام اخترقها الرصاص، ركام وأنصاف أجسادًا تتشبث بتلابيب الحياة، مشهد مأساوي اعتادته تعز «مدينة الوعي»، تلك المدينة التي فقدت أناقتها قبل عدة سنوات، إذ غابت الثمار عن أشجارها، وجفت أرضها، بعدما انصرف عنها زراعها وحملوا السلاح بدلا عن المعول، عشرات الأطفال يتساقطون كأوراق التوت، ونداءات أممية تتكرر لم تلق آذان صاغية لدى صناع الحرب.  

 

بعينين تقاومان الإصابة خلف نظارة طبية، وبوجه خطت عليه شظايا اللغم وشومًا سوداء، يروي الطفل حسين على صالح، ١١ عامًا مأساته مع جحيم الحرب التي امتدت إلى قريته في «أرحب» يقول: «فقدت بصري أثر استهداف قلاب لنقل الأحجار يمتلكه والدي، اسعفوني إلى مصر، وأجروا لي عملية تغيير قرنية وعالجوا الشبكية» مستطردًا وهو يتكابر على جراحه الذي يعلم تمامًا أنها ستلازمه طيلة حياته: «الحمد لله أشعر ببعض التحسن ولي عودة».

 

تجنيد الأطفال

«أخذنا دورة في صنعاء، ثم نقلونا إلى البيضاء ومنها إلى تعز، مع عدد كبير كمدد» يروي الطفل ربيع محمد أبو هادي، والبالغ من العمر ١٥ عامًا، رحلته من البيت إلى الأسر، لم تكن أسرة أبو هادي تعلم خبر التحاقه بصفوف الحوثيين، ضمن الأطفال المجندين دون الثامنة عشرة، إلا أنها فور تأكدها من الخبر تواصلت معه لاقتناعه بالعودة إلى أهله ودراسته، لكنه رفض واختار طريق الأسر والموت.

 

موت الأم

«كل حارة وفيها مقتول، وكل ساعة قذيفة، ايش يريد منا الحوثيين، يقتلوننا كل يوم كأننا حشرات» قالتها شهد ابنه الثماني سنوات، وأجهشت بالبكاء، تذكرت يوم أن فقدت والدتها التي استهدفتها قذيفة أطلقتها ميليشيات الحوثي أمام منزلها في سوق الصميل بمدينة تعز، في شتاء عام ٢٠١٥ أودت بحياتها في الحال، ماتت الأم وبقيت شهد تنتظر الدور، ربما لم تصاب في هذه الليلة، لكنها كلما خلدت إلى النوم انفجر لغم في ذاكرتها، يعود بها للخطة فقدان الأم.

 

لوحة الحلم 

من زجاج نافذة سيارة والده، ظل الطفل جميل الحسني، ابن الأربع سنوات، يتابع سحر الطبيعة ويستلهم روعة الأشياء، يرسمها بأصابعه الصغيرة كفراشة على رذاذ النافذة، كعادته صباح كل جمعة، ولا سيما أن والده اعتاد اصطحاب عائلته إلى إحدى المتنزهات في العطلة الأسبوعية، بينما يرسم جميل بأصابعه على زجاج السيارة لوحته المنشودة، استهدفته قذيفة، قطفت أطرافه وتبعثرت بين شظايا الزجاج، ورسمت لوحة اسمها «المأساة».

لا تقبروناش

«لا تقبروناش» عبارة لازمت الطفل فريد شوقي، ٦ سنوات، يتوسل بها الأطباء لإنقاذه فور وصوله للمستشفى، بعدما أصيب بشظايا في مناطق متفرقة وخطيرة من الجسم، إثر قذيفة أطلقها الحوثيون على منزله، الواقع في حي الخياطين بمدينة تعز، توسلات «فريد» لم تجد نفعًا فمات بعد ساعات متأثرا بجراحه.

 

ويبقى السؤال "متى ستستنهض صرخة فريد وأقرانه من أطفال اليمن وليبيا وسوريا والعراق، الضمير الإنساني، متى سيمنحون حق الطفولة لبلاد العرب؟!".

الجريدة الرسمية