رئيس التحرير
عصام كامل

ننافس أنفسنا وننتظر "التجلي"

تمنيت مع الإعلان عن حفل افتتاح طريق الكباش، ألا يقل في إبداعه وإبهاره عن موكب المومياوات الملكية، الذي أذهل العالم وتصدر الميديا العالمية لأيام عدة، وجاءت البشرى مع شعار الحفل، إذ بدا بديعًا جامعًا ومعبرًا رغم بساطته، معتمدا على مركب الشمس وكتابة اسم الأقصر بالإنجليزية مع رموز فرعونية، وكانت المفاجأة أنه تصميم مصري شبابي.

 

استخدم الشعار على نطاق واسع دون تحديد يوم الحفل، وبمرور الأيام وعدم إعلان الموعد خشيت من حدوث مشكلة، لأن المتربصين بمصر كثر والشامتين أكثر، تحدد الموعد وزاد الترقب والانتظار، إلى أن بدأ النقل المباشر ولاحت الروعة ليواكبها تفاعل كبير ورد فعل مذهل عبر منصات الميديا، التي تكشف في الغالب مكنونات النفوس، رغم وجود مدسوسين ومأجورين سواء من جماعة الإخوان وجنسيات عربية عدة، إنما المهم أن الآراء العالمية والمصرية والعربية أبدت انبهارا كبيرا بالإبداع الفني المصري في الحفل وعظمة الحضارة الفرعونية الضاربة بجذورها في أعماق الزمن وأثارها الشامخة.

 

تصدر وسم طريق الكباش مصر وكثير من الدول العربية والعالم، تغريدات تثلج الصدر وصور ومقاطع فيديو مبهرة من الحفل، لكن لم يخل الأمر من المتربصين والمأجورين، وثار جدلًا بينهم وبين بعض المصريين، إذ استنكر كارهي النجاح المصري الاحتفال من أساسه واعتبروه عودة إلى الوثنية وتشجيع مصري على عبادة الأصنام، داعين إلى تحطيم التماثيل، ما يعيد إلى الأذهان ما فعلته جماعات داعش وطالبان الإرهابية في آثار العراق وأفغانستان!

أكبر متحف مفتوح

 

رد المصريون عليهم واستدعى الجدل الاستشهاد برأي الدين، ومنها أن د.مختار محسن، من دار الإفتاء المصرية، إعتبر أن الاعتداء على الآثار جاء نتيجة الفكر الديني المشوه والتطرف العنيف، ولا يجوز شرعا هدم الآثار الفرعونية. وأعاد البعض تغريدة حساب الأزهر الشريف، عن كيفية حماية الإسلام الآثار وزائريها؟

وتناول البعض الآخر ما جاء في بيان فضيلة شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، عن أن الآثارُ موروثٌ ثقافيٌّ يُعرِّف بتاريخ الأمم والحضارات، ولا تُعدُّ أصناما ولا أوثانا، ولا يجوز الاعتِداء عليها ولا فعل ما يغيِّر من طبيعتها الأصلية، وهي ملك للأجيال كافة.

 

في المقابل لم تجد فئة من المصريين ما تنتقده في الحفل المذهل، غير أنه كان الأجدى الاكتفاء بالموكب الفرعوني والترانيم المصاحبة له، وفاتهم أن الحفل أقيم لافتتاح طريق الكباش وإعلان الأقصر أكبر متحف مفتوح في العالم، ما ينبغي الترويج له بدمج الحضارة الفرعونية مع الحاضر والترويج لمدينة الأقصر وتبيان أهميتها التاريخية والعصرية أيضا وما يمكن أن تقدمه للسياح والزائرين، من هنا كان العرض العربي والأجنبي بلدنا حلوة للفنانين محمد حماقي ولارا إسكندر، واستعادة الأغنية الشهيرة الأقصر بلدنا للفنان وائل الفشني، والأداء الفخم للفنانة هند الراوي في أحلى بلاد الدنيا وكل هذا صاحبه استعراضات مصرية أصيلة..

 

عناصر الإبهار

 

 فضلًا عن فيلم وثائقي تميز بالصدق والعفوية عن الأقصر وأسباب الارتباط بها والعيش فيها، وتتجلى الروعة في محاكاة موكب الآلهة من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر عبر طريق الكباش وما صاحبه من إبهار في الإضاءة والمراكب الفرعونية الذهبية والأزياء ولمبات الليد في أيدي تشريفة الموكب وحتى المسرح الذي أقيم تحت مياه البحيرة المقدسة لتؤدي عليه الاستعراضيات الرقصات المصاحبة للموكب، والمياه تغمر أرجلهن، كما أذهلت الموسيقى الفرعونية الجميع بروعتها وإحساس وفخامة أداء ثلاثي الترانيم هايدي موسى وشهد عز ووالدها عز الأسطول.

 

أثبت الحفل بجميع الأسماء المشاركة فيه أن مصر ولادة ومتجددة وعامرة بالمواهب، فكل ما في الحفل جديدا حتى على صعيد التقديم، مع وجود عناصر أساسية أبدعت الاحتفال وهي نفسها من تجلت إبهارا في حفل موكب المومياوات الملكية، من تصميم وتصوير وإضاءة وإخراج وتأليف موسيقي واختيار الأغنيات والترانيم. كما ينبغي التوقف عند مبدعي ترميم الآثار وما نفذوه بدأب وشغف لإعادة رونق وبهاء آثار الأقصر إلى أصلها، قبل أن تتدهور بفعل الغبار والأتربة والأمطار وغيرها، تولوا معالجتها وترميمها وتنظيفها وإعادة الألوان الرائعة على الأحجار إلى ما كانت عليه في الماضي واستخدام مواد حديثة تحافظ عليها من التلف ثانية.

 

 

وقبل أن ينس العالم حفل طريق الكباش المذهل، تفاجئه مصر بحفل من نوع آخر في شرم الشيخ، حيث اجتمعت الأديان الثلاثة وتعانقت في البقعة المقدسة بأرض سيناء، أسبوع واحد ويشاهد العالم حفل منتظر لافتتاح مشروع التجلي الأعظم فوق أرض السلام، الذي يضم 14 مشروعًا بمدينة سانت كاترين بكل ما تمثله من قداسة وقيمة روحية حيث كلم الله تعالى موسى تكليما في الوادي المقدس طوى وتجلى للجبل فجعله دكًا، تعيد مصر صياغة المنطقة لتصبح مزارا روحيا لدير سانت كاترين، جبل موسى، الطور، مقام النبى هارون وغيرها من الآثار الدينية، وتنشيط ما تشتهر به من سياحة السفارى وتسلق الجبال، والاستشفاء وغيرها.

الجريدة الرسمية