رئيس التحرير
عصام كامل

رجال من معدن.. يوم في ورشة الألومنيوم بالدويقة..كيف يطور هؤلاء أقدم الصناعات؟

ورشة صناعة الألومنيوم
ورشة صناعة الألومنيوم

في ممر ضيق بمنطقة المقاولون العرب بالقرب من مستشفى الشيخ زايد آل نهيان في القاهرة، تصدر أصوات الطرق من هنا وهناك تخبرك أنك وصلت إلى المربع الذي يحوي بين جنباته واحدة من أهم الصناعات المصرية التي ظهرت في ستينات القرن الماضي، وهي صناعة الألومنيوم، فمنذ السابعة صباحًا وحتى غروب الشمس لا يتوقف صوت المطارق والماكينات عن العمل، وفي كل ورشة ثمة رجال صبغت وجوههم وجلود أيديهم باللون الفضي اللامع، بينهم ورشة أو مصنع الطاووس هذا المكان الذي دخلنا إليه لنكتشف من خلاله ما يدور داخل ورش صناعة الألومنيوم في مصر.

"الرجل المعدن" بقلبه الأبيض

خاضت “فيتو” تجربة التجول في داخل إحدى ورش صناعة الألومنيوم التي تأسست منذ أربعين عامًا في حي الجمالية بالقاهرة، وبحلول عام 2010 انتقل مقر العمل إلى حيث نحن في منطقة المقاولون العرب بالقرب من مربع الدويقة، في بداية جولتنا أكثر ما لفت انتباهنا رجل في نهاية عقده السادس انحنى ظهره قليلًا بجسد نحيل وقامة قصيرة وعين زرقاء لامعة تختبئ خلف طبقة فضية لامعة، فهو أقدم العاملين في الورشة يأتي منذ الصباح الباكر يقف أمام آلة خرط الألومنيوم يعاون زميلة في الإمساك بقطعة الألومنيوم لتشكيلها في أولى مراحل الصناعة وهي "خرط المعدن" لتتحول القطعة إلى آنية بأحجام وصور متعددة.

العمل لا يتوقف في هذا المكان حتى نهاية "الوردية"، على الأضواء الخافتة ووقع الموسيقى الصاخبة وبين جدران يحمل الكثير من أركانها معالم هذا المكان الذي يجمع بين جنباته 20 عاملا  ينتمون إلى نسيجي الأمة منهم المسلم ومنهم المسيحي، وهي الديانة ذاتها التي يدين بها أصحاب هذه الورشة العم ثروت ومن قبله فوزي وميلاد مؤسسي هذا المكان، "المكان ده بقاله عمر، افتكر إني وأنا عندي 15 كنت باجي هنا وأنا صغير مع والدي واشوف الناس شغالة إزاي وبعد كل السنين دي وبعد نقلنا هنا في الدويقة مازلنا محافظين على الطريقة التقليدية في صناعة الأواني الألومنيوم ورثنا المهنة عنهم من 40 سنة".

 

مراحل صناعة الألومنيوم

تمر صناعة الألومنيوم وفقا للعم ثروت بالكثير من المراحل المختلفة التي يكون مسئول عن كل مرحلة بها عاملا أو عاملين على الأكثر، أهمها وأصعبها المرحلة الأولى وهي مرحلة "الخرط" أو تشكيل معدن الألومنيوم وتحويله إلى آنية قابلة للاستخدام في العديد من الأغراض المختلفة، "مازلنا نستخدم الأدوات القديمة في الصناعة، في معظم المراحل يتم استخدام الماكينات الحديثة، سواء في مرحلة الخرط، والمرحلة التي تليها وهي مرحلة الصنفرة وهي تلميع الآنية ثم مرحلة الفرشة لتنظيفها تماما بعد دق ختم المصنع على الآنية"، يلي ذلك مرحلة تركيب الأيدي للأواني التي تحتاج إلى اليد وتسمى "البرشام"، ثم مرحلة النقش على الأواني وتعد واحدة من أسهل مراحل صناعة الألومنيوم وفقا للعم ثروت.

 

ومرحلة المخرطة أو الخرط وهي المرحلة الأصعب في مراحل صناعة الألومنيوم تكمن صعوبتها وفقا للعم ثروت في أنها تعمل باليد ويستخدم فيها العامل جسده كله لتحريك ما يسمى "المسائل" فيحتاج بنية قوية من العامل ويقظة مستمرة حتى لا يتعرض لإصابة قد تعرض يديه لخطر البتر!، ولكن العم ثروت يحرص على الحفاظ على كل عامل من خلال تأمينه وحمايته لنفسه ولعائلته.

حلل السيراميك تضرب الألومنيوم

ويؤكد العم ثروت صاحب ورشة صناعة الألومنيوم في منطقة المقاولون العرب بالقاهرة، على دخول العديد من الأواني ذات الخامات المختلفة التي ساهمت في تهميش دور الألومنيوم كعنصر مهم له دور فعال في أي مطبخ أو مطعم مصري، فيقول لفيتو:" استخدام الأواني الحديثة مثل السيراميك والتيفال وما دون ذلك غطى على صناعة الألومنيوم ولكن الأمر المؤكد أنه لا يُستغنى عن الألومنيوم في أي بيت مصري، لأنها ستظل هي الأفضل والأصح!". 

الجريدة الرسمية