رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تزايد عدد التكفيريين 4 أضعاف أسلافهم في 2001

التيارات الجهادية
التيارات الجهادية

مرَّ ما يقرب من عقدين من عمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة ضد التكفيريين لكنها لم تصمد أمام الضخ المستمر في ‏صفوف السلفية الجهادية، الذي وصل إلى ما يقرب من أربعة أضعاف عدد أسلافهم الذين شكلوا ملامح الفكرة وأظهروا نتائجها للعالم في أحداث 11 سبتمبر 2001 الشهيرة التي هزت أمريكا، بحسب مركز ‏الدراسات الإستراتيجية والدولية. ‏


وتتمركز جماعات العنف والتكفير التي تستورد الإسلاميين الجهاديين من كل أنحاء العالم في سوريا وأفغانستان والعراق ‏ونيجيريا والصومال وباكستان، وهو ما يثير عدة أسئلة عن كيفية تفريخ كل هذا العدد من التكفيريين الجدد، وبأي طريقة ينشط هذا النوع من ‏الفكر، الذي وصل عدد أتباعه لأربعة أضعاف العدد الذي كان عليه أباء الفكرة في شكلها الذي نعرفه منذ  2001. ‏


السلفية أصل التطرف ‏

بابكر فيصل، الكاتب والباحث والمفكر السوداني، يرى أن الفكر السلفي والتيارات التي تعمل على تمكينه في المنطقة، هي السبب ‏الأول في ازدهار بيئة العنف والتطرف وزيادة عدد التكفيريين وتصديرهم إلى البلدان العربية والعالم.  ‏


ولفت الباحث إلى أن السلفية تعتبر ممر توريد  للشباب الملتزم إلى التطرف، حيث تأخذه من يده ليتعرف عن قرب ‏على ‏أيدلوجيات العنف، ويختار ما يناسبه من تيارات جهادية وتكفيرية لا تؤمن بأي منهج آخر يخالف ‏رؤيتها، ‏وتسعى لاستئصال الآخر حتى لو كان إسلاميا مؤمن بدولة الخلافة، لكن على مذهب وتنظيم آخر. ‏


وأشار فيصل إلى أن السلفية تقوم بعملية تهيئة لعقول الشباب وتوجههم نحو التطرف، حتى إن ادعى أصحاب هذا ‏الفكر ‏أن ‏منهجهم سلمي ولا يحض على استخدام العنف، موضحا أن الكثير من الشباب الذين يستمعون لخطب ودروس ‏السلفيين ‏يتسللون إلى صفوف الجماعات الجهادية المتطرفة، فالخطاب الكلاسيكي للسلفيين يحرك ‏عواطف ‏الشباب نحو صناعة التدين وربطهم بالآخرة دون غيرها.‏


ولفت الباحث إلى أن السلفيين لايهتمون بالأساس بمشكلات الناس اليومية ولا قضايا الآخر والعيش معه، ولا التأصيل ‏لرؤية ‏إنسانية للعالم نعامل فيها الناس بمختلف ‏أشكالهم وأنواعهم بالعدل والمساواة، فالخطاب السلفي يدعي أصحابه أنه ‏يمثل ‏التأويل الأوحد للنص المقدس "القرآن"، على حد قوله.‏


وأضاف: لا يعترفون بنسبية الحقيقة، بل يحصرون تفسيرها في ثنائيات الصواب والخطأ، الأسود والأبيض، الكفر ‏والإيمان، ‏موضحا أن أصحاب هذا الخطاب يعتقدون أن السلفية هي الترجمة الحرفية للقرآن على أرض الواقع، وأن ما عندهم ‏هي ‏العلوم ‏الشرعية الحقيقية، لذلك يرفضون أي تأويل آخر يحتمله النص، ويرون أنفسهم وحدهم جديرون بتقديم الفهم الصحيح ‏للدين، ‏وفي ‏المقابل لا يرون في الخطابات الأخرى سوى مجرد تجديف وزندقة وهرطقة.‏

 

الخطاب السلفي والإيمان والكفر 

ولفت فيصل إلى أن الخطاب السلفي لا يأبه بالآخر غير المسلم، فهو يقسم العالم إلى فسطاطين، المؤمنين والكفار، ‏ويضيف ‏مفاهيم ‏فرعية وثانوية إلى العقائد المركزية ويجعلها من اليقينيات التي لا بدَّ من الأخذ بها، ومن خلالها يستمد الكيفية ‏التي يتعامل ‏بها مع غير ‏المسلمين، يوالى ويعادى عليها ويقف في مقدمتها مفهوم "الولاء والبراء"، فيعجز الخطاب السلفي ‏بالضرورة عن ‏التأصيل ‏لرؤية إنسانية للعالم، على حد قوله.‏


ويؤكد فيصل أن التيار السلفي لديه أفكار مركبة ومتناقضة عن كيفية تحقيق العدل وبسط الحرية ‏والتسامح مع الآخر، ‏لافتا ‏إلى أنه يؤسس لغياب البعد الإنساني في الخطاب السلفي ‏والتركيز على صناعة الشخص المتدين المالك للحقيقة المطلقة ‏لتكوين ‏نفسية المؤمن المحارب، الذي لا يتورع عن استخدام ‏العنف والقتل والتفجير من أجل الحفاظ على دينه.‏

الجريدة الرسمية