رئيس التحرير
عصام كامل

الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بتذكار اختيار البابا شنودة البطريرك الـ 117

 قداسة البابا شنودة
قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك الـ 117

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأحد، بتذكار اختيار القرعة الهيكلية لمثلث الرحمات قداسة شنودة الثالث البطريرك الـ 117 في 31 أكتوبر 1971 م.

 

وولد البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رقم (117) في تاريخ البطاركة، واسمه الأصلي نظير جيد روفائيل، في يوم الجمعة الموافق 3 أغسطس 1923 في قرية سلام بمحافظة أسيوط التابعة لإبراشية منفلوط.

 

وانتقل إلى دمنهور حيث عهد بتربيته إلى أخيه الأكبر روفائيل، فدرس في مدرسة الأقباط الابتدائية ثم بمدرسة الأمريكان ببنها، وانتقل مع الأسرة إلى القاهرة وسكنوا في حي شبرا، حيث درس بمدرسة الإيمان الثانوية، ونال إعجاب معلميه لتفوقه ودماثة خلقه. 

 

 أول بابا يحصل على مؤهل عالٍ

 

وبعد حصوله على شهادة الثانوية التحق بجامعة فؤاد الأول بكلية الآداب قسم تاريخ، وحصل على الليسانس في الآداب سنة 1947م، عمل بعد ذلك بالتعليم في المدارس الثانوية، ولكنه تركها لرغبته في تكريس وقته لخدمة الرب، ويعد البابا شنودة أول بابا يحصل على مؤهل عالٍ.

 

وتم تجنيده ضابطًا احتياطيًا بالجيش برتبة ملازم عام 1948، كما التحق بالكلية الإكليريكية، وتخرج فيها 1949م بتقدير (ممتاز) وكان الأول على دفعته، وقبل تخرجه حضر فصولًا مسائية في كلية اللاهوت القبطي، وكان تلميذًا وأستاذًا في نفس الكلية في نفس الوقت، ثم أصبح مدرسًا للكتاب المقدس واللاهوت بالكلية الإكليريكية، وكان يخدم بمدارس الأحد في أماكن كثيرة خاصة بكنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بشبرا، وكنيسة القديسة مريم بمسرة، وجمعية النهضة الروحية بشارع فؤاد بشبرا، كما كان يرأس ملجأ مدارس الأحد بشارع روض الفرج.

 

عضو نقابة الصحفيين

 

واختير مديرًا لتحرير مجلة مدارس الأحد، وكان عضوا بنقابة الصحفيين، وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة، كما كان من الأشخاص النشطين في الكنيسة، وكان خادما في مدارس الآحاد ولكنه اشتاق إلى حياة الوحدة والسكون، فترك العالم ومضى إلى دير السريان ببرية شيهيت، حيث لم يمضِ زمان طويل لاختياره، حتى رسمه الأنبا ثاؤفيلس أسقف الدير، راهبًا باسم الراهب أنطونيوس في يوم 18 يوليو سنة 1954م، وكان عمره 31 عامًا وقت رهبنته، فأخلى ذاته وتدرج في الخدمة في الدير أمينًا للمكتبة، ومسئولا عن المطبعة ونشر المخطوطات، وعن الضيوف الأجانب وأحيانًا كان مسئولا عن الزراعة والمباني. 

 

وقد اشتاق لحياة التوحد فاعتكف في قلايته داخل الدير، وتركها إلى أخرى بالحديقة خارج الدير الذي تركه بعد ذلك، فأرشده الله إلى مغارة أحد القديسين، تبعد عن الدير نحو 12 كيلو مترًا، وكانت تمر عليه فيها أسابيع لا يرى وجه إنسان، وكانت فرصة للخلوة مع الله والقراءة والتأمل والدراسة والتشبع بأقوال الآباء.

 

 10 سنوات في الدير

 

ثم رسم قسًا تحت إلحاح أبنائه الروحيين في 31 أغسطس سنة 1958 م، ليختاره الأنبا كيرلس السادس بعد ذلك للأسقفية، ولكن لعلمه أنه لن يقبل أن يترك البرية أحضره من هناك دون أن يعلمه بشيء، خوفًا من هروبه، فلما حضر الراهب أنطونيوس وركع أمام البابا كيرلس ليأخذ بركته وضع البابا كيرلس يده على رأس أبينا أنطونيوس، قائلا: “شنودة أسقفًا للإكليريكية، ومدارس التربية الكنسية، وسائر المعاهد الدينية”، فلم يستطع أن يهرب من يد البطريرك، وبكى كثيرا، وبعد ذلك أمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره. 

 

وتمت رسامته في كاتدرائية القديس مرقس الرسول بالأزبكية في 30 سبتمبر 1962م. صار أول أسقف للتعليم فاهتم بمدارس الأحد ومناهجها وتنظيمها واهتم بالإكليريكية ومستوى التعليم فيها وكان يقوم بعظته الأسبوعية لكل الشعب والتف الناس حوله في حب شديد، كما كان أول أسقف للتعليم المسيحي، وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962، وكان وهو أسقف للتعليم يقضي نصف الأسبوع في المدينة يعظ ويدرس، والنصف الآخر في الدير، على أن علاقة البابا بالرهبنة لا تقتصر على عيد رهبنته بل تمتد إلى حياته وعلاقته بالأديرة. 

 

البابا الـ117 في سلسلة باباوات الإسكندرية

 

وحينما تنيح “توفي” قداسة البابا كيرلس السادس يوم 9 مارس 1971 م، اجتمع المجمع المقدس برئاسة الأنبا أنطونيوس القائم مقام البطريرك، ليتدبر أمر اختيار البطريرك الجديد لمرات عديدة طال فيها النقاش، حتى استقر الرأي على اختيار خمسة من مجموع المرشحين، تمت بينهم الانتخابات واستقرت على اختيار ثلاثة منهم؛ هم نيافة الأنبا شنودة أسقف التعليم، والأنبا صموئيل أسقف الخدمات، والقمص تيموتاؤس المقاري، وأجريت القرعة الهيكلية يوم الأحد 31 أكتوبر 1971م، فاختارت العناية الإلهية الأسقف شنودة ليكون البابا الـ117 في سلسلة باباوات الإسكندرية.

 

وفي عهده بنيت كنائس كثيرة في داخل مصر وخارجها في كثير من بلاد العالم، واهتم قداسته بإكمال بناء الكاتدرائية، والمقر البابوي الجديد، ووضع حجر أساس مستشفى مارمرقس، كما تمت سيامة أكثر من 100 أسقف وأسقف عام؛ بما في ذلك أول أسقف للشباب وأكثر من 400 كاهن، وعدد غير محدود من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية، وكنائس المهجر.

 

وقد أولى اهتمامًا خاصًا لخدمة المرأة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وفى عهده أيضًا زادت الإبراشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس، سواء داخل أو خارج جمهورية مصر، لكن بسبب اعتراضاته التي أبداها أثناء كتابة الدستور المصري في عهد أنور السادات، حدد السادات إقامته في دير النطرون.

 

ومنذ ذلك الحين أصبح شنودة بطريركًا للكرازة المرقسية، ولم يفارقها إلا حين أبعده الرئيس الراحل محمد أنور السادات عنها في اعتقالات سبتمبر 1981 الشهيرة، إلا أنه عاد في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بعد حكم المحكمة. وقد رحل البابا يوم 17 مارس عام 2102، عن عمر يناهز 89 عامًا.

الجريدة الرسمية