رئيس التحرير
عصام كامل

الشهبندر وطبيب الكلب

مشهدان توقف أمامهما المصريون في اليومين الماضيين، الأول كان لجنازة الحاج محمود العربي أو شهبندر تجار مصر، الذي بدأ حياته تاجرًا بسيطًا ثم أصبح رجل الصناعة الأول في مصر، وتم تكريمه في العديد من دول العالم، والمشهد الثاني كان بطله الطبيب عمرو خيري رئيس أقسام الجراحة بجامعة عين شمس، أو طبيب الكلب نسبة لمشهد الفيديو المتداول، والذي أمر فيه أحد الممرضين بالاعتذار للكلب وتقديم (تعظيم سلام) له، ثم السجود أمامه الكلب تكفيرًا عن ذنب ارتكبه الممرض ليس في حق الطبيب.. ولكن في حق الكلب.

 

بطل المشهد الأول أبكى رحيله ملايين المصريين، وشهدت جنازته المهيبة على حب الناس له، وأظهرت تسجيلاته حجم عظمته وبساطته والخير الذي يحمله للناس، والتواضع الذي يتعامل به مع العاملين في شركاته، وبطل المشهد الثانى أبكى ملايين المصريين بقسوة قلبه وكبره وغطرسته وإذلاله لممرض يعمل معه، فاجتمع الناس على مهاجمته وضرورة محاكمته.

سيرة الشهبندر  والطبيب

بطل المشهد الأول دأب على ستر عشرات الآلاف من العاملين في شركاته بتوفير الدعم المادي والمعنوي لهم، وكان حريصًا على أن يأتي الموظف إلى عمله مبتسمًا، ويخرج منه مبتسمًا، لا يفرق بين عامل ومهندس، ولا بين رئيس ومرؤوس، وبطل المشهد الثاني أصر على فضح الممرض، الذي توارى خجلًا وأسرته من أهل القرية بعد انتشار الفيديو على وسائل التواصل الإجتماعي، كما استعان طبيب الكلب بزميل له وأحد موظفى المستشفى في التنكيل بالممرض، فقتلوا عن عمد الإبتسامة في وجه أسرة وربها.

بطل المشهد الأول علم العاملين معه أن يتقوا الله، فكان يستغفر ويرددوا خلفه، وعلمهم فضيلة الصبر والعمل بجد ليحققوا أحلامهم، وبطل مشهد الكلب أصر على أن يسجد الممرض للكلب، وهو تحريض على الشرك بالله، ثم راح يقتل مرة أخرى أحلام الممرض وأسرته.

بطل المشهد الأول حول وسائل التواصل الاجتماعي إلى سرادق عزاء، ليترحم عليه من يعرفه ومن لا يعرفه، وبطل المشهد الثاني ثارت ضده نفس الوسائل ليطالب من يعرفه ومن لا يعرفه بالإسراع في محاكمته.

بطل المشهد الأول لم يحصل على الشهادة الإبتدائية لكنه أصبح ملء السمع والبصر، وبطل المشهد الثاني حصل على أعلى الدرجات العلمية فلفظته مسامع الناس وأبصارهم. بطل المشهد الثاني حزين على كلبه الذي مات، وحزنا نحن على قلبه الذي مات مع كلبه.

ذهب الشهبندر ليبقى بأعماله، وبقى الطبيب ليموت بأفعاله.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية