رئيس التحرير
عصام كامل

رائد الفلسفة الوضعية فى مصر

في ذكرى رحيل زكى نجيب محمود.. حكاية صعيدي سحرته ثقافة الغرب ليتمرد على تراث أجداده

الدكتور زكى نجيب
الدكتور زكى نجيب محمود

 الفيلسوف والمفكر المصري والناقد الفكري والأدبي المصري العربي الكبير، رائد مشروع بناء فلسفة مصرية جديدة تقوم على أساس نقد التراث الفلسفى والفقهى، لقبه عباس العقاد بفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة.


ولد الدكتور زكى نجيب محمود عام  1905بإحدى قرى محافظة دمياط لأسرة بسيطة والتحق بالمدارس الحكومية المجانية.

 وفى عام 1914 سافر مع أسرته إلى السودان حيث عمل والده بالخرطوم وأمضى المرحلة الثانوية هناك بكلية جوردن، وعاد إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة المعلمين العليا وسافر في بعثة إلى إنجلترا وعاد ليعمل مدرسا عام 1939 

مرحلة التأليف والترجمة 

انتقل الدكتور زكى نجيب محمود  إلى العمل في إدارة الثقافة وكانت النواة الأولى لهيئة الكتاب وكان قد أنشأها الدكتور طه حسين، وسافر مرة أخرى إلى بريطانيا وحصل على الدكتوراة وعاد عام 1947 عاد ليعمل أستاذا للفلسفة بجامعة فؤاد الأول ـ القاهرة حاليا ـ ليواصل بعدها رحلته في التأليف والكتابة والترجمة.


توصل في كتاباته الفلسفية إلى أن التحليل المنطقى للغة هو الأداة لتحقيق المعرفة ويقول: " المعرفة متجسدة في اللغة وتتركز في مفاهيم عامة، ولكل نوع من المفاهيم مجاله ونوع تعبيره وعلى رأسها المعرفة الرياضية والعلوم الطبيعية حيث تكتسب اللغة النقاء والدقة والوصف المحايد للعالم وهذا يؤكد نوعين من المعرفة العقلية والوجدانية ".


حرص الدكتور زكي نجيب محمود على المشاركة في الحياة الثقافية بمقالاته وكتبه وآرائه الناقدة للأوضاع في المجتمع وأصدر العديد من الكتب في الفلسفة والآداب منها: فلسفة العلم، قصة الفلسفة اليونانية، شروق من الغرب، تجديد العقل العربي، الشرق الفنان، "المنطق الوضعي، وخرافة الميتافيزيقا".

معارك فكرية 

أشعل الدكتور زكي نجيب محمود الكثير من المعارك الفكرية وكانت رحلته الفكرية في حد ذاتها مثار جدل لدى النقاد والمفكرين، دعا خلال فترة الستينيات إلى رفض التراث بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات، ولكن ما إن بدأ الغوص في بحار التراث حتى أدرك أنه كان مخطئا في رأيه بعدما تأكد أن التراث فيه من الإيجابيات ما يمكن الاستعانة به في بناء نهضة حضارية جديدة مثل النهضة التي صنعها العرب خلال القرون الأولى للإسلام في حين كانت أوربا تعيش في نفق مظلم من الجهل والتخلف فدعا إلى الجمع بين التراث والعلم.

الشجاعة فى الراى 

اتسم زكي نجيب محمود بشجاعة نادر أن يتسم بها أحد في مجال الفكر، وهى القدرة على الاعتراف بخطأ الفكر والاعتقاد والعمل على تصحيحه حتى ولو أدى هذا إلى اتهامه بالتناقض الفكري، خاصة حين بدأ ينتقد كتاباته السابقة بنفسه فكتب يقول (وماذا في أن أزداد تفكيرا فأتغيرفى أفكارى ؟ إن المرء ليزداد بفكرته إذا ما جاءت بعد فحص شامل متعمق دقيق، لقد نقضت برأي اليوم رأي الأمس، فبعد أن كنت مخمورا بشيء اسمه ثقافة الغرب جاءت صفحتي الجديدة لتقول ثقافة العرب مصقولة مع أصول الثقافة العربية.. لقد تمنيت لأمتي فيما سبق أن تكون قطعة من الغرب، لكنى اليوم أريد لها أن تكون أمتي هي أمتي وعروبتى هى عروبتى.

جائزة الثقافة العربية 

أسس مجلة الفكر المعاصر في وزارة الثقافة وفيها قدم الجيل الثانى من الفلاسفة المصريين فؤاد زكريا وحسن حنفى وغيرهم، وسافر لتدريس الفلسفة بالكويت عام 1968 ثم عاد عام 1973 ليقدم كتبه تجديد الفكر العربى، المعقول واللامعقول، ثقافتنا في مواجهة العصر، تحديث الثقافة.
عين الدكتور زكى نجيب محمود كاتبا متفرغا في جريدة الاهرام وعضوا بالمجلس الأعلى للثقافة وحصل على جائزة الدولة عام 1975 ومنحته الجامعة العربية جائزة الثقافة العربية عام 1984، ورحل في مثل هذا اليوم 8 سبتمبر عام 1991.
 

الجريدة الرسمية