رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم صلاة وصوم المرأة في حالة اضطراب الحيض بسبب العلاج؟.. الإفتاء تجيب

أحكام حيض المرأة
أحكام حيض المرأة

ورد سؤال إلى دار الإفتاء تقول فيه صاحبته: "نحن في تخصصنا نحتاج لفتوى عامة في مسألة نتعرض لها كثيرًا، وهي: أن العلاج الكيماوي يسبب خللًا في الدورة الشهرية كأحد أعراضه الجانبية، فأحيانًا تأتي الدورة مبكرًا بضعة أيام عن عادة صاحبتها، وأحيانًا تتأخر عنها بضعة أيام، هذا فيما يخص موعد الحيض، أما فيما يتعلق بفترة الحيض: فإنها تارة تزيد وتارة تنقص؛ فكيف للمرأة المسلمة أن تصلي وتصوم في ظل هذا التغير؟”، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

الحيض: دم جِبِلَّةٍ؛ أي تَقْتَضِيهِ الطباعُ السليمةُ يخرج من أَقْصَى رَحِمِ المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، من غير سببٍ، في أوقاتٍ معلومةٍ. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 277، ط. دار الكتب العلمية).


ولهذا فإنه ليس كل دمٍ يخرج من رحم المرأة يسمى حيضًا؛ فقد يخرج من رحم المرأة الدم، ولكن لا على سبيل الصحة؛ بل لاعتلالها ومرضها، وهو ما يسمى بدم الاستحاضة، وقد يخرج الدم بعد فراغ الرحم من الحمل، وهو دم النفاس.

أحكام حيض المرأة 


ولذلك فقد نص الشافعية على أنه يشترط في دم الحيض أن يكون نزوله بعد مرور أقل مدة الطهر، وأقل مدة الطهر خمسة عشر يومًا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 376، ط. دار الفكر): [أقلُّ طهرٍ فاصلٍ بين حيضتين خمسة عشر يومًا باتفاق أصحابنا] اهـ.


وأكثرُ مدةٍ للحيض خمسة عشر يومًا، ولأن الشهر غالبًا لا يخلو عن حيضٍ وطهرٍ، فإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر لزم أن يكون أقل الطهر كذلك. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 278، ط. دار الكتب العلمية).


فإذا ما تقرر أن من شروط دم الحيض أن يكون بعد مرور أقل مدة للطهر، وهي الخمسة عشر يومًا ورأت المرأة دمًا قبل ذلك فإنه لا يكون دم حيض؛ وذلك لعدم مرور أقل مدة للطهر بين الحيضتين.


أما إذا تأخرت الحيضة عن موعدها المعتاد لها فإنها متى رأت الدم، وكان قد مرَّ على طهرها أكثر من خمسة عشر يومًا فإن هذا يكون دم حيض، تترتب عليه أحكام الحائض، من عدم الصلاة والصوم والوطء والاعتكاف وقراءة القرآن، ونحو ذلك مما يحرم على الحائض.


أما فيما يتعلق بزيادة مدة الحيضة تارة ونقصانها أخرى: فإن أقل مدة الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا بلياليهنَّ، وغالبه ستة أو سبعة أيام بلياليها؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية" (ص: 64، ط. دار الكتب العلمية): [(وأقل) زمن (الحيض) تقطّع الدم أو اتصل (يوم وليلة) أي: قدرهما متصلًا وهو أربع وعشرون ساعة، فما نقص عن ذلك فليس بحيض.. (وأكثره) زمنًا (خمسة عشر يومًا بلياليها) وإن لم يتصل (وغالبه ست أو سبع)، كل ذلك باستقراء الإمام الشافعي رضي الله عنه ومن وافقه؛ إذ لا ضابط له لغةً ولا شرعًا، فرجع إلى المتعارف بالاستقراء] اهـ.

أحكام طهارة المرأة 


فإذا رأت المرأة الدم ما يساوي قدر يومٍ وليلة ولو لم يكن نزوله متصلًا ما دام أنه في مدة لا تزيد عن خمسة عشر يومًا فإن هذا يكون دم حيض، فإذا كانت عادة المرأة ستة أيامٍ أو سبعة أيامٍ وهي المعتاد ورأت الدم أكثر من ذلك فإنها لا تزال في حيض ما دام أنها لم تتجاوز الخمسة عشر يومًا؛ وذلك لأنه أكثر مدة الحيض كما تقرر، ويكون الدم النازل بعد الخمسة عشر يومًا دم استحاضة، وعند ذلك لا يحرم عليها الصلاة ولا الصيام ولا الوطء ونحوه من المحرمات على الحائض.


قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 391): [وإن انقطع -أي الدم عن النزول- ليومٍ وليلةٍ، أو لخمسة عشر، أو لما بينهما فهو حيضٌ، سواءٌ كان أسود أو أحمر، وسواءٌ كانت مبتدأةً أو معتادةً، وافق عادتها أو خالفها بزيادةٍ أو نقصٍ أو تقدمٍ أو تأخرٍ، وسواء كان الدم كله بلونٍ واحدٍ أو بعضه أسود وبعضه أحمر، وسواءٌ تقدم الأسود أو الأحمر ولا خلاف في شيء من هذا] اهـ.


وبناءً على ما سبق: فإنه إذا رأت المرأة الدم قبل مرور خمسة عشر يومًا على طهرها من حيضتها الماضية فإنه لا يكون دم حيض، أما إذا رأته وكان قد مرَّ على طهرها خمسة عشر يومًا أو أكثر فإن هذا دم حيض، سواء كانت مدة هذا الحيض هي مدتها المعتادة أم أكثر أم أقل، بشرط ألا تزيد على خمسة عشر يومًا، وما دام أنه قد علمت أنه دم حيض فإنه يجب عليها أن تترك الصلاة والصيام ما دام أن هذه المدة لم تزد على خمسة عشر يومًا، فإذا زادت فإنها تتطهر بعد مرور الخمسة عشر يومًا ويحل لها كل ما حرم عليها بسبب الحيض؛ حيث إنها تكون مستحاضة وليست حائضة.

الجريدة الرسمية