رئيس التحرير
عصام كامل

والمهنة لا مؤخذة إعلامي

مصطلح إعلامي استنفد قيمته وهيبته ورونقه بعد أن أصبحت الساحة الإعلامية مرتعًا لكل من هب ودب، فكل من فشل في مهنته تحول إلى الإعلام، بداية من المحامي والمطلقة وانتهاء بالممثل والطبيب والراقصة،  فلم نسمع يومًا أن شخصًا غير مهندس لقب بـ مهندس أو طبيبًا منح لقب محامي أو غيرهما من المهن، فلماذا الإعلامي وحده مهنته معروضة للبيع لتسويق جلسات المقاهي أو صالات الاسترخاء، أليس لهذه المهنة قيمتها ووضعها؟، أم باتت سهلة المنال في ظل سرعة الانتشار عبر الإنترنت، وأصبحت صفة ووظيفة إعلامي متاحة للجميع ومن دون أي شروط وباتت القنوات الفضائية تستسهل الطريق لجلب فنانين وراقصين ومطربين ليقدموا البرامج وهي المهنة الجديدة التي حلت محل المذيع الذي يتطلب منه إتقان اللغة والإطلاع والتحلي بقدر كبير من الثقافة العامة والرؤية.

 

أصبحت البطاقة الأكثر استعمالا من الإعلام  العشوائي هي بطاقة الإعلامي، قلما تجد بطاقة مزورة للمحامي أو الطبيب أو المهندس أو الصيدلي ولكن تجدها بكثرة حين يتعلق الأمر ببطاقة الإعلامي، نجدهم يشهرونها في جهات الفشخرة والموائد الدسمة لاحتفالات السفارات في الفنادق والتمسح بتلابيب رجال المسؤولين وتلقي الإكراميات مقابل تبييض تاريخ أسود للصوص المال العام أو يشهرونها لابتزاز المواطن على مختلف مستوياته الوظيفية..

 

 وتجدهم في سباق ماراثوني مهين في الأفراح والجنازات لدرجة أن بعض المشاهير ظنوا أن هذا هو الإعلام وأولئك هم الإعلاميون بمنطق أن الحسنة تخص والسيئة تعم.. الكل يسمي نفسه إعلاميًا، كل مواطن أنشأ منصة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي وكوّن قاعدة جمهور خاصة به يسمى نفسه إعلاميًا! كمٌ هائلٌ وحمولةٌ كبيرة من الإعلاميين والصحفيين كلُّ من يقوم بتأسيس موقع إخباري إلكتروني لا يعرف منه إلا إسمه وبعده كلمة نيوز يصبح إعلاميًا، وكلّ من يكتب خبرًا أو تعليقًا أو مقالًا لا طعم له ولا لون في موقع من المواقع الإخبارية المجهولة فهو إعلامي.. وكلّ من يعمل في إذاعة تجارية مغمورة ويجلس خلف الميكرفون يصرخ ويتملق وينافق ويشتم ويهدد ويجري بعض المكالمات الهاتفية يصبح إعلاميًا والمصيبة في بعض مقدمي البرامج الرياضية دعاة الفتنة والشائعات والنميمة والفبركة والترند.. لاعب يعاني مرارة الاعتزال يخرج ليصب حاب غضبة علي اللاعبين والمدربين ولاعب خفيف الظل يصبح مهرجا علي الشاشات وآخر غير مؤهل ينشئ قناة علي اليوتيوب ليمارس الصراخ والإبتزاز.. 

 

معايير محددة 

 

بعضهم بمجرد أن يتخصص في مجال الإعلام بالجامعة وبمجرد يتعلم أن الاتصال «مرسل ورسالة ومستقبل»، تتكون لديه قناعة تامة بأنه أحد أفراد الجسم الإعلامي في البلد وربما المنطقة العربية، فيظهر هنا وهناك بصفة إعلامي..

 

 كل المهن محمية وتحاط بصرامة عالية إلا الإعلامى، ثم إن إنتشار التطفل على هذه المهنة من غير المتخصصين لها، وممارسة أدعياء المهنة والعبث بالصحف الإلكترونية، والتي تشكل خطرًا على المتلقي بصورة عامة من خلال تداول المعلومات والأخبار بأنواعها على أنها حقائق استنادا إلى أن الصحيفة مصرح لها، وأن الدخلاء على المهنة لن يلتزموا بأساسيات العمل الصحافي وهذا طبيعي وكما قيل «فاقد الشي لا يعطيه»، فضلًا عن أنهم مصدر رئيسي للشائعات لعدم حصولهم على المعلومات الصحيحة وحتى إن أيقنوا بأنها صحيحة ربما لا يكلفون أنفسهم بالتحقق من صحتها، وهم بذلك يتسببون بإرباك المجتمع لتحقيق السبق بين الصحف بعيدًا عن المصداقية.

ويبدو مهمًا في هذا المقام البحث عن حرّاس المهنة الذين يبدون وكأنهم يغطون في مسرحية ( شاهد ماشفش حاجة) والامر كذلك فإن المهنة بحاجة إلى مزيد من التنظيم المحلي والدولي لإعتماد قانون خاص بمهنة الصحافة والإعلام ومن يتصف بها وفقًا لمعايير محددة.

الجريدة الرسمية