رئيس التحرير
عصام كامل

لعب بالنار!

زرت كابول قبل سقوط حكومةَ نجيب الله ببضعة أسابيع قليلة.. وكانت العاصمة الافغانية تتعرض لهجوم مدفعي وصاروخي من قبل بعض منظمات (المجاهدين الافغان)، وطال هذا الهجوم حتى مطارها، وعندما حطت طائرتى للمطار رأيت على أرض المطار طائرة أخرى أصابها أحد الصواريخ، كما حدث تفجير على بعد أمتار من الفندق الذى أقمت فيه.. كان هذا حال أفغانستان عندما زرتها ولعله يشبه حالها الآن.. فقد صارت قوات حركة طالبان على بعد ١٥٠ كيلومتر من العاصمة كابول، وهى مسافة تقل عن المسافة بين القاهرة والإسكندرية.. أى إنها فى سبيلها لمحاصرة العاصمة الافغانية فى غضون أيام قليلة بعد أن سيطرت على نحو عشرة أقاليم أفغانية، وربما ذلك هو الذى دفع الحكومة الافغانية لتقديم عرض لطالبان بتقاسم السلطة معها !

 

 

ويحدث كل ذلك فى أفغانستان وسط موقف شبه سلبى من واشنطن بعد أن قررت إدارة بايدن أن تمضى قدما فى تنفيذ سحب القوات الامريكية من الأراضى الافغانية تنفيذا للاتفاق الذى توصلت اليه واشنطن مع طالبان.. وهذا أمر يثير التساؤل ويدعو للريبة.. فهل لا تستشعر إدارة بايدن بخطورة سقوط أفغانستان بالكامل تحت سيطرة طالبان والتى من المتوقع أن يصاحبها عودة تنظيم القاعدة للتواجد بقوة فيها، فى وقت لم تتخلص فيه من خطر تنظيم داعش؟! 

 

هناك من يرى أن واشنطن بما تفعله تزيد من الضغوط على إيران التى بدأت تستشعر فعلا  بخطر عودة سيطرة طالبان على الأراضى الافغانية.. غير أن ذلك هو لعب بالنار الذى يهدد من يقوم به بخطر أن تحرق النار يده.. وهناك من يرى أن المستهدف بذلك هى روسيا بشغلها بمواجهة خطر سيطرة طالبان على أفغانستان، فى ظل الاستراتيجية التى تتبناها أمريكا لإضعاف روسيا بإعتبارها عدوا أساسيا لها مثل الصين.. أما إذا كان موقف واشنطن هذا يرجع إلى الرغبة فى وقف الاستنزاف الامريكى فى أفغانستان، فإن هذا سوف تدفع أمريكا ثمنه باهظا، حينما ستواجه قريبا نشاطا واسعا فى النشاط الإرهابى فى منطقة مهمة من العالم.   

الجريدة الرسمية