رئيس التحرير
عصام كامل

فضائل شهر محرم وسبب التسمية وحكم الصيام فيه

شهر محرم
شهر محرم

يحتلّ شهر مُحرّم  المرتبة الأولى بين الأشهر الهجرية، وهو أحد الأشهرالحُرم المُباركة التي ذكرها الله -تعالى- في كتابه الكريم؛ إذ قال: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ).


ويظهر تشريف الأشهر الحُرم في الآية الكريمة جليًّا واضحًا؛ فقد خصّها الله -تعالى- بتحريم الظلم فيها، علمًا أنّ الظلم مُحرَّم بشكل مُطلَق.

سبب تسمية شهر محرم


يُشار إلى أنّ الشهر المُحرَّم سُمِّي بهذا الاسم؛ لأنّه شهرٌ يحرم فيه القتال، إلى جانب أنّ العرب كانت تُحلّه عامًا، وتُحرّمه عامًا آخر؛ فسُمِّي بذلك؛ تأكيدًا على حُرمته.

 

أسماء شهر مُحرّم


ذكر أهل الأخبار عدّة أسماءٍ كان يُطلقها العرب على شهر مُحرَّم، وفيما يأتي ذِكر بعض هذه الأسماء: 
• الأصمّ: وقد سُمِّي بذلك؛ لخُلوّه من القتال؛ فلا يُسمَع فيه صوت الأسلحة، أو حركة القِتال.


• صفر: وهو اسم كان يُطلَق عليه في الجاهليّة؛ إذ كان يُسمّى صفر الأول؛ تمييزًا له عن صفر الثاني، ثمّ غلب اسم مُحرَّم عليه، فصار عَلَمًا له.


فضل شهر محرم

 

هناك العديد من الفضائل التي تتعلّق بشهر مُحرَّم، ومنها ما يأتي:

 

  يُعدّ صيامه أفضل الصيام بعد رمضان؛ وذلك لحديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ)، والمقصود بالصيام هنا صيام التطوُّع المُطلَق، وعليه فإنّ أفضل الصيام المُطلَق هو صيام شهر مُحرَّم.


  خصّصه الله بإضافته إلى نفسه، ممّا يدلّ على عظيم فَضله، وشَرَفه؛ ذلك أنّ الله -سبحانه وتعالى- لا يُضيف إلى اسمه إلّا أهمّ مخلوقاته، كما هو الحال قي نسبة البيت الحرام له، كما أنّ في إضافته إلى الله -سبحانه وتعالى- تأكيدٌ على حُرمته، فلا يجوز لأحد أن يُحِلَّه.


  يضمّ يومًا أظهر الله -عزّ وجلّ- فيه الحقّ، وأنجى موسى -عليه السلام- من فرعون، وجنوده، فأغرقهم؛ ألا وهو يوم عاشوراء.

 

فضل الصيام في محرّم

 

يُشرَع صيام اليومَين: التاسع، والعاشر من شهر مُحرَّم، أو اليومَين: العاشر، والحادي عشر منه، كما يُشرَع صيام الأيّام البيض، وصيام يومَي الاثنين، والخميس أيضًا، كما أنّ صيام الشهر كاملًا أمرٌ حَسَنٌ؛ وذلك لِما ورد عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: أيُّ الصِّيامِ أفضلُ بعدَ شَهْرِ رمضانَ ؟ قالَ: شَهْرُ اللَّهِ الَّذي تدعونَهُ المُحرَّمَ).

 

فضل صيام اليوم العاشر من شهر محرم


يُعَدّ عاشوراء اليوم العاشر من شهر مُحرَّم؛ وهو يومٌ عظيمٌ صامه موسى -عليه السلام-؛ شكرًا لله على نجاته من فرعون وجنوده -كما تقدَّم-، وصامه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أيضًا؛ اقتداءً بموسى -عليه السلام-، ويُشار إلى أنّ قريش كانت تصومه في الجاهليّة، وفي ما يأتي ذِكرُ بعض الأمور التي وردت في فَضل صيامه:

 

حرص الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على طلب فَضل صيام هذا اليوم على غيره من الأيّام؛ إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه: (سُئِلَ عن صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ فَقالَ: ما عَلِمْتُ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ علَى الأيَّامِ إلَّا هذا اليومَ وَلَا شَهْرًا إلَّا هذا الشَّهْرَ. يَعْنِي رَمَضَانَ).


  اعتبار صيامه مُكفِّرًا عن سنةٍ قَبله؛ لِما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (صومُ يومِ عرفَةَ يُكفِّرُ سنتيْنِ، ماضِيةٍ ومُستقبَلةٍ، وصومُ عاشوراءَ يُكفِّرُ سنةً ماضِيةً)؛ والمقصود تكفير صغائر الذنوب لا كبائرها؛ فالكبيرة تُكفِّرها التوبة، والرحمة من الله -سبحانه وتعالى-.


  حرص الصحابة على صيامه، وتعويد أولادهم على صيامه أيضًا.


الاقتداء بالرسول-صلّى الله عليه وسلّم-، وبموسى -عليه السلام-؛ شُكرًا لله -تعالى- على نجاة المؤمنين، وهلاك الكافرين؛ فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا ؟، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ).

الجريدة الرسمية