رئيس التحرير
عصام كامل

مهرجان الكشك للجميع

في الوقت الذي كانت فيه سيدة مصر الأولى في العهد البائد سوزان مبارك تروج فيه لمهرجانها الشهير القراءة للجميع عبر أثير الإذاعات وأبواق الإعلام في صيف كل عام من تسعينات القرن الماضي حيث كنا صغار، كانت سيدات الصعيد تستعد صيفا لإطلاق مهرجان الكشك للجميع حيث كانت الاستعدادات لإعداد الكشك تجري على قدم وساق، هناك في الصعيد كانت توضع أنصاف البراميل من المياه والقمح فوق المواقد الطينية (الكانون) وتشتعل الأخشاب تحتها حتى يتم سلق القمح ويتحول إلي بليلة وسط جو من الفرحة والبهجة التي ترسم على وجوه الأطفال..


حيث كانت فرصة رائعة تتجمع فيها نساء العائلة والأبناء ويتناول الجميع البلبلة بعد إضافة السكر لها، يلي ذلك نشر البليلة بعد تصفيتها من الماء على الحصر فوق سطح المنزل لمدة ٣ أيام، وهنا أتذكر حال كنا صغار حيث كنا نقيم خيمة صغيرة فوق السطح بجوار البليلة والكشك بعد ذلك لحماية البليلة أو الكشك من هجوم العصافير والغربان أحيانا!

وبعد انقضاء الأيام الثلاثة ينشف القمح ويتم تعبئته في أجولة حيث التوجه إلى الطاحون لجرشها لنعود بالقمح مجروشا جاهزا للمرحلة التالية وهي مرحلة الحم، وفي مرحلة الحم يتم إضافة اللبن الحامض الذي تقوم السيدة بتخزينه في الأزير على مجروش القمح ليكون الناتج مخلوط الحم ويترك المخلوط ليختمر لمدة ٣٠ ساعة، بعدها يكون المهرجان الأكبر..

تخزين الكشك
وهو يوم تحويل الحم لكور كشك حيث يتم تتجمع السيدات وتزاحمها الأطفال في إعداد الكشك حيث يلتقط الجميع قطع الحم من المواجير بعد تخمرها ويستمروا في إعداد كور الكشك ووضعها في الأطباق الكبيرة المصنوعة من زعف النخيل ثم يتم وضع الكشك على الحصر أعلى الأسطح لمدة أربعة أيام أو أكثر حسب درجة الحرارة ثم يتم جمعه وتوزيع جزء منه على الأقارب والجيران..

يلي ذلك تخزين جزء منه في الصوامع الطينية فوق أسطح المنازل، ورغم أن الكشك تراث مصري أصيل وهذه هي طريقته في الصعيد إلا أن هناك طرق مختلفة تحمل نفس الاسم ولكن ليست بالطريقة الصعيدية المميزة.

وكان الكشك مع الشاي وجبة إفطاري المفضلة، وكثير من الصعايدة يفضلون الكشك مع البيض والزبدة، وكثير ما يعتقد إنه مفيد جدا للأمعاء وحالات المغص والإسهال، وللحديث بقية عن سطور تنسج صورة عن تراثنا إن كان في العمر بقية.
الجريدة الرسمية