رئيس التحرير
عصام كامل

أنا وشيخى والذكريات

عندما أخلوا بنفسي أراجع جلساتي وحواراتي مع أستاذي وشيخي مولانا الشيخ البيه رضوان الله عليه، وأتذكر أقواله ونصحه التي هي النبراس والمنارة التي  أنارت لي طريقي في رحلة إقبالي على الله تعالى وسلوكي طريقه..


وأتذكر كلماته البسيطة التي تحمل من المعاني الكثير والكثير والتي منها قوله: إذا أردت الوصول إلى الله تعالى فعليك أن تعبده وتقبل عليه بوصفه عز وجل.. فسألته متعجبا؟ كيف أعبده سبحانه وأقبل عليه بوصفه؟ فقال: وصفه تعالى التنزيه المطلق اللائق به سبحانه وتعالى وغير المدرك وغير معلوم للخلق فأعبده عبادة التنزيه..

أي بلا علة وبلا مطمع وبلا تطلع لفضله ولا لجنته بل أعبده حبا في ذاته بإخلاص من سرك وهذه العبادة هي أسمى العبادات فهي عبادة الأحرار الصادقين في محبته تعالى، الذين تنزهت نفوسهم وطهرت من الأغراض والعلل.. لا عبادة التجار الذين يتطلعون إلى الأجر والثواب والجنة.. ولا عبادة العبيد الذين يعبدونه تعالي خوفا من العقوبة في الآخرة وخوفا من النار وفوات الجنة..

في ذكرى مولد شيخ العرب
وأذكر أنه قال لي يوما: من عبد الله تعالى بلا علة ولا مأرب ولا مطلب أعطاه الله تعالى بلا حساب وحظى بالمقام في حضرة القدس والتمتع بأنسه عز وجل  وكان من أهل المشاهدة وهؤلاء هم عباد الله المقربون السابقون السابقون أصحاب روح وريحان وجنة نعيم. وجنة نعيم إشارة إلى الأنس والمشاهدة.. هنا سألته: سيدي هل هناك فرق بين جنة التنعيم وجنة نعيم؟ قال؛ نعم هناك فرق بين جنة التنعيم وهي لعامة أهل الإيمان والتي يتنعم فيها المؤمنون بالقصور والحور والحلي والزينة والملبس والمفارش والمآكل والمشارب وغيرها وكلها متع الأبدان وحظوظ الأنفس.. 

أما جنة نعيم هي جنة خاصة لأهل القرب والمحبة وهي التي ينعم فيها القلب والروح بالأنس والمشاهدة.. وأذكر أن قال لي يوما: في سيرك إلى الله تعالى وإقبالك عليه سبحانه لا تركن ولا تقف ولا تلتفت فمقصودك أمامك وهو تعالى لا سكون ولا ركون فيه ولا توقف.. وأخلص عقيدتك وإياك والالتفات.. فمتشكك لا يفلح وملتف لا يصل..

وأذكر أن قال لي يوما: إياك . أياك . إياك أن تفارق حظيرة العبودية مهما فتح الله على قلبك ومهما خصك بالتجليات وأقامك في المنازل والمقامات ومنحك من الكشف والشهود. فإياك أن تلتفت للعطاء وترى نفسك او ترى لك فضل فيكن العطاء حجابك.. وعليك أن تستقبل فضل الله بالشكر وإظهار افتقارك وعوزك إليه سبحانه وأجعل لسان حالك.. ربي بما مننت علي فقير..

احذروا أدعياء الولاية والمشيخة
وتواضع لخلق الله تعالى ولا ترى لنفسك ميزة عليهم ولا مكانة فوقهم وكن بهم شفوقا رحيما.. عند ذلك يرفع الله تعالى قدرك ويعلوا مقامك.. وأتذكر أني سألته يوما عن علامات محبة الله تعالى للعبد؟

فقال: علامات محبة الله تعالى للعبد كثيرة منها: أن يرزقه الإستقامة ويفتح له باب التوفيق ويحببه سبحانه  في الطاعة ويرزقه محبة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله ومحبة آله وإتباعه ويرزقه حب القرآن، ويوفقه للعمل به وفهمه ومعرفة مراده عز وجل والإهتداء بهديه ويمنحه الصدق والإخلاص ويوفقه للشكر عند النعمة والرضا بالقضاء والصبر عند البلاء والزهد في الدنيا، ويفتح له باب الذكر والتفكر في بديع صنعه عز جل ويجعله من أهل الرضا والتسليم ويرزقه محبة الأولياء والصالحين ويعلق قلبه به سبحانه ويرزقه حب لقاءه سبحانه وتعالى..

عزيزى القارئ.. يمر شريط الذكريات وأجد قلبي يهتز وعيني تدمع وأجدني أقول رحمك الله ياشيخي ومنحك الرضى والرضوان فقد كنت ولازلت النور والنبراس الذي أهتدي به في سيري وإرتحالي إلى الله تعالى..
الجريدة الرسمية