رئيس التحرير
عصام كامل

لبنان.. الاختيار المستحيل

لا أتوقع حدوث إصلاحات فى لبنان طالما اختيرت ساحة الصراع ما بين أمريكا وإيران، ولن يتوقف كل طرف عن إفشال أية محاولة للإصلاح لا تحقق مصالحه التى تتناقض تماما مع مصالح الطرف الآخر.


ولا أمل فى إنقاذ لبنان الذى وصل إلى حالة من الانهيار طالما مازال يتصدر المشهد السياسى قيادات لا يعنيها سوى مصالحها الخاصة ومصالح التيار الذى ينتمون إليه، وما زالت أصوات اللبنانيين رافضة لجميع القيادات الموجودة على الساحة (كلن.. يعنى كلن).

احتل لبنان بفضل هؤلاء القيادات مراكز متقدمة فى الفساد على مستوى العالم وأصبحت مصارفه مفتوحة أمام الأموال غير المشروعة دون أى جهد فى البحث عن مصادرها وجاء حريق مرفأ لبنان كاشفا لتلك الأوضاع الفاسدة ودفع الشعب اللبنانى إلى الثورة والمطالبة بمواجهة الفساد وانسحاب القيادات من الساحة السياسية..
الأخوة يتصارعون.. وإسرائيل تتفرج
وكان الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون أول من زار لبنان والتقى بقياداته مشترطا تشكيل حكومة من الاختصاصيين بعيدا عن التيارات السياسية المرفوضة شعبيا والتى قادت لبنان إلى المصير المزعج الذى وصل إليه. والغريب أن القيادات السياسية رضخت لمطالب ماكرون تحت ضغط الشارع..

ولكن سرعان ما تراجعت عن وعودها وأصرت على وجودها داخل التشكيل الوزارى وهنا بدأت الخلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبين الشارع وحزب الله وحركة أمل لأنهما أصرا على تعطيل التشكيل بإصرارها على الاستئثار بحقيبة المالية، وبين الرئيس الفرنسى والثنائي الشيعى، الذى لم يلتزم بما وعد.. من جهة أخرى وبين أمريكا والشعوب الأوروبية التى رفضت أن تعطى لبنان شيكا على بياض.. طالما حزب الله الذى تعتبره إرهابيا يفرض إرادته على لبنان، ووقف رئيس الجمهورية فى صف حزب الله، وخرجت المظاهرات تطالبه بالرحيل.. وتحمل مسئولية ما جرى فى لبنان.

وهنا يجد الشعب اللبنانى فى اختيار صعب، إن لم يكن مستحيلا بين كل تلك التناقضات فلو لم يتحقق الشرط الذى وضعه رئيس الوزراء المكلف لقبول المنصب، وهو ألا يتدخل أحد فى اختياراته، وأن تقتصر على الخبراء فقط، فإنه سيستقيل..
كلن يعنى كلن
وتقود الاستقالة إلى دمار لبنان، ولو استجاب رئيس الوزراء المكلف لضغوط رئيس الدولة والثنائي الشيعى، فإن ذلك يعنى أنه لا تغيير حدث فى التركيبة اللبنانية، وطالما ان حزب الله يشترط تحديد وزارة معينة (المالية) ليتولاها ولا يتنازل عن هذا الشرط فإن باقى الأحزاب ستقلده وتختار أيضا الوزارات والوزراء الذين يتبعون تيارهم.. ومعنى ذلك ان "رجعت ريمة لعادتها القديمة" ولم يتغير شيئ على الواقع.. وستمتنع الدول التى أعلنت عن رغبتها في المشاركة فى إعمار لبنان، وإصلاح أوضاعه الاقتصادية.

وما يدل على أن لبنان يواجه اختيارا مستحيلا إن كل قرار تتخذه حكومة مصطفى أديب، يتم رفضه من جانب رئيس الجمهورية. حيث طالب رئيس الوزراء توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم لإعفاء مدير عام الجمارك المحسوب على تيار عون "الوطنى الحر" فرفض رئيس الجمهورية التوقيع وهو ما يتناقض مع أحد شروط رئيس الوزراء وهو محاسبة المتهمين والمقصرين على قدم المساواة.. إنه الاختيار المستحيل.
الجريدة الرسمية