رئيس التحرير
عصام كامل

عيد؟ بأي حال عدت يا عيد !

جاء العيد الصغير، ومضى، ولا أحس به الناس قدر إحساسهم بالخطر. كيف يكون عيد مع خطر؟ العيد فرحة وبشارة والخطر إنذار وآلام. ويجيء العيد الكبير. والناس مسحوبين، مهمومين.

 

الذين لديهم حاسة الإدراك العالية يتوجعون، ويتعجبون كيف لمئات الألوف ينطلقون في الشوارع والعربات، ولا خوف، ولا تحسب من فيروس يواصل إصابة الملايين في العالم وقتلاه تجاوزوا الستمائة ألف وفاة.


كنا استبشرنا بموسيقي الأرقام في عشرين عشرين. لكنها برزت لنا سنة الشياطين الملاعين. كنا تهيأنا ليلة الكريسماس لسنة حلوة، رغم العلامات الأولى قرب أواخر ديسمبر علي انفلات فيروسي وقع في مختبر ووهان الصيني.. تأخرت منظمة الصحة العالمية في الاعلان عنه والتحذير منه.

الخلاصة: إثيوبيا خصم يستحق العقاب
مضى الناس يفرقعون الزجاجات، ما كان منها روحيا (لا افهم كيف تكون روحية وهي مغيبة للوعي وسارقة للروح) وماكان منها غازيا.


شخصيا أمضى هذ الليلة عادة في فرقعة عقدى ومصائبي، واراجع نفسى مراجعة الجلاد القاسي. لها طلة كئيبة هذه السنة التى رقصنا لها وتمنينا.. فإذا بها سنة كل المصائب، من فيروسات لزلازل لجرائم غريبة لخراب اقتصادي.

 

احتشدت لنا هذه السنة بكل أسلحتها، ونزلت في مبارزة غير متكافئة مع الإنسان المغرور المفتون بعلمه وقوته المادية، فإذا هو اعجز من دودة قز! تحولت صفحات الفيسبوك إلى البقاء لله. وإلي إدعوا معي، وإلى فلان علي أجهزة التنفس. فلانة تحتضر. رحيل النجم. رحيل النجمة. كل يوم كل يوم كل يوم من يناير حتى اليوم، وقفة عرفات.


أدبنا الله تأديبا بأضعف مخلوقاته.. سلط علينا أنفسنا. إفترق الأحباب. وتباعد الازواج. وبات الجد يخشى معانقة حفيده. والابنة يخاف أبوها وأمها أن يقتربا فتمرض أو يمرض والداها. حياة اجتماعية تفسخت وعلاقات اختبرت في مقتل .


هذا عام المحنة بحق. ولا مبالغة. هو عام الآلام. كنا نقرأ أرقام الاصابات في نشرات وزارة الصحة.. مجرد أرقام. الفزع وقع حين كان جارك وقريبك من بين هذه الأرقام. من رأي ليس كمن سمع.


ورغم أهوال المرض الفيروسي ومضاعفاته، فإن المصريين، وعلى نحو يستحق الفحص والتمحيص، باتوا يتعاملون معه بروشتة تتمتع بشعبية هائلة إسمها خليها علي الله. قول يا باسط. تهليلات العيد الكبير.. ترطب النفس وتزرع الأمل. رفض الناس الإنكسار أو الإنحسار.. يقوي المناعة الجماعية.

..ويدخل ترامب في المشهد الاثيوبي التركي!
لكن لا ريب أن بيوتا كثيرة فقدت أبا أو ابنا أو جدا أو أما. وبيوت أخرى كثيرة خائفة. تطرأ علي المرء ساعات رغبة في التمرد علي الخوف وكسر حالة الترصد الذاتي والتحرر من غسل اليدين ستين مرة في اليوم.. لكن أنظر إلى الوساوس والهواجس لاحقا تحتل عقلك وعقلي، وتفسر أقل صداع بأنه عرض للفيروس القاتل!


يا الله! يا الله ! يا الله !
بحق عرفات، بحق حبيبك النبي. بحق حبك لمخلوقاتك. بحق أنك أنت الله العزيز الاعظم. بحق جلال نورك. وبحق سلطانك القديم. وبحق ضعفنا. وهو إننا وعجزنا. بحق عبوديتنا لك طائعين..

 

سامحنا وإغفر لنا وخفف عنا وأذقنا منك رحمة ولن ننأي بجانبنا ولن نعرض عن السجود وعن ذكرك يا رحمن يا رحيم. أعد إلينا بهجة الاعياد فأنت خلقتها للبهجة.. وما أكثر ساحات الأحزان في صدورنا. فرحنا يارب فرحة تغسل وتمحو كل حزن، وكل خوف، وكل وجيعة .
اللهم استجب. اللهم استجب


الجريدة الرسمية