رئيس التحرير
عصام كامل

هل يجوز الاغتسال والتطيب فى مدة الإحرام؟

حكم العطور بعد الاحرام
حكم العطور بعد الاحرام

الحج الأن فى شهور الصيف حيث يكثر العرق وتتغير رائحة الجسم، فهل من الممكن الاغتسال والتطيب فى مدة الإحرام؟

ورد هذا السؤال فى الجزء الرابع -العبادات - من موسوعة "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام" لفضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، فيقول:

معلوم أن من مظاهر الإحرام بالنسك تجرد الإنسان من كل زينة، والظهور بمظهره عندما يحشر إلى ربه كما قال تعالى {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} (الأنعام: 94)، وكذلك تحقيق معنى المساواة بالبعد عن المظاهر التى يحرص عليها بعض الناس ابتغاء وضع معين، كما يشير إليه الحديث الشريف "الحاج الشعث التفل" رواه البزار بسند صحيح. والشعث من عليه أثر التراب من السفر، والتفل البعيد العهد بالماء .

 

اقرأ ايضا:

حكم الشرع فى تكرار الحج
ويظهر تغير الرائحة إذا طالت مدة الإحرام، كالذى يحرم بالحج مفردا أو قارنا عند مروره بالميقات قبل يوم عرفة بوقت طويل فى موسم الحر، حيث لا يحل من إحرامه إلا يوم العيد أو بعده، أما المحرم بالعمرة أولا فمدة إحرامه قصيرة لا تتغير رائحته إلا إذا كانت وسيلة المواصلات بطيئة كالجمال التى كانت سائدة قبل الاختراعات الحديثة فى وسائل النقل .


وفى مواجهة تغير الرائحة شرع الغسل والتطيب قبل الإحرام حتى لو بقيت آثار الطيب بعد الإحرام، كما أبيح الغسل المجرد عن الطيب بل استحب أثناء الإحرام فى عدة مواطن.

أما التطيب بعد الإحرام فممنوع للحديث السابق الذى رواه البزار، ولأمر الرسول صلى الله عليه وسلم من وضعه بغسله وإزالته، ولنهيه فيمن مات محرما أن يمس طيبا عند غسله وتكفينه، ولا بأس عند الاغتسال باستعمال الصابون الذى له رائحة بقصد النظافة لا بقصد التطيب، وكذلك يباح شم الفواكه ذات الرائحة الطيبة كالتفاح فإنه لا يقصد للطيب ولا يتخذ منه، أما شم الورد والريحان والنعناع متعمدا فممنوع وما جاء من الروائح عفوا بدون قصد فلا ضرر فيه كالمرور بحديقة فيها أزهار أو بدكان من يبيع العطر، لمشقة التحرز من ذلك وانتفاء القصد والتعمد .

 

اقرأ ايضا:

حكم الشرع فى حج المعتدة لوفاة زوجها
ووضع الطيب في المطبوخ أو المشروب بحيث لم يبق له طعم ولا لون ولا ريح إذا تناوله المحرم لا فدية عليه، وإن بقيت رائحته وجبت عليه الفدية بأكله عند الشافعية وقال الحنفية: لا فدية عليه، لأنه لم يقصد به الترفه بالطيب .


ويلاحظ أن استعمال المحرم للطيب تلزمه الفدية إذا كان عالما بالحكم غير جاهل، وكان متعمدا غير ناس أنه محرم، وعند الجهل والنسيان لا فدية، فقد روى الجماعة إلا ابن ماجه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة وعليه جبة وهو مصفر لحيته ورأسه -أى متطيب- وقال: يا رسول الله أحرمت بعمرة وأنا كما ترى، فقال له "اغسل عنك الصفرة وانزع عنك الجبة، وما كنت صانعا في حجك فاصنع فى عمرتك" ولم يأمره بفدية، لأنه كان جاهلا بالحكم، وقال عطاء بن أبي رباح : إذا تطيب المحرم أو لبس -جاهلا أو ناسيا- فلا كفارة عليه . رواه البخاري .


والفدية عند تعمد التطيب والعلم بحرمته هى ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين صاع، أو صيام ثلاثة أيام، كما قال تعالى فيمن حلق شعره { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } البقرة : 196 والنسك أى الذبح .

 

اقرأ ايضا:

حكم الشرع في حج الزوجة بدون رضا زوجها 

وروى البخارى ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن آذته هوام رأسه "احلق، ثم اذبح شاة نسكا، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين" .


والإمام الشافعي قاس غير المعذور على المعذور فى وجوب الفدية، وأوجب أبوحنيفة الدم على المعذور إن قدر عليه .


الجريدة الرسمية