رئيس التحرير
عصام كامل

هل نعود إلى سيرتنا الأولى؟!

كل صعب سيمر قطعا مهما طال واشتد البلاء.. دعونا نتفاءل ونتخيل أن "كورونا" أزمة وعدت، وصار بمقدور الناس أن تخرج وتتلاقى مرة أخرى.. لكن هل نعود إلى سيرتنا الأولى، متخلين عن الحذر أو الدرس الذي تعلمناه من محنة كورونا.. هل سيصافح بعضنا بعضاً، ويعانق بعضنا بعضاً.. هل نتخلى عن العمل من المنزل ولو تدريجياً.

 

لقد بدأ علماء السياسة والاجتماع وعلم النفس يضعون سيناريوهات للمستقبل ويتوقعون التغيرات المنتظرة.. وها هو الكاتب ماتياس هوركس الباحث في التوجهات الحديثة يقول: "سوف تدهش بأن التضحيات الاجتماعية التي كان على الناس تقديمها نادراً ما كانت لتؤدي إلى العزلة. ومن عجيب المفارقات أن التباعد الجسدي الذي فرضه الفيروس أدى في الوقت نفسه إلى قرب من نوع جديد؛ التقينا أشخاصاً لم نكن لنلتقي بهم أبداً.

 

اتصلنا بالأصدقاء القدامى وتعززت صلات كانت  قد أصبحت ضعيفة وهشة. اقتربت العائلات والجيران والأصدقاء من بعضهم البعض ونحن مندهشون من مقدار الفكاهة والإنسانية اللتين ظهرتا بالفعل مع كورونا كما تسارعت وتيرة تلقي الأفكار والملاحظات عبر الشبكات الاجتماعية.

 

أما عالم النفس الاجتماعي فاجنر فيفترض أننا سنحافظ على الأرجح على تغيرات سلوكية لبعض الوقت، وسوف تتغير على سبيل المثال طريقتنا في تحية بعضنا بعضاً.. ولا أحد يعرف إلى متى سيستمر ذلك.. ويذهب خبير آخر إلى تصور عدة سيناريوهات، يتبنى أحدها رؤية متشائمة..

 

حيث نجد أنفسنا في عزلة تامة، ويصبح الناس متشككين وتتراجع ثقتهم في الآخرين وتعزل الدول والمجتمعات نفسها.. أو يصبح الوضع على النقيض من ذلك تماماً، وتلك رؤية متفائلة يصبح العالم وفقاً لها أكثر قوة بعد الأزمة حيث ينجح الناس في التكيف مع المستجدات الجديدة؛ فقد تعلموا أثناء فترة العزل كيف يتكيفون مع المتغيرات وكيف يتدبرون أحوالهم..

 

وهذا يعني أنهم يستطيعون ترتيب ما هو مهم وما هو غير مهم بالمرة، وأن يستوعبوا أن العلاقات والروابط الاجتماعية مع الآخرين هي الأساس الذي يصنع مجتمعنا.. ويميل هذا الخبير إلى أن السيناريو الأخير سوف يتحقق وسوف ينجح التكيف مع وجود القيود ويمكن للجميع المساهمة في تخطي الأزمة سريعاً إذا ما استثمروا فرص التعلم من الأزمة.. فمن رحم الأزمات تولد الفرص ومن رحم المحن تولد المنح.

الجريدة الرسمية