رئيس التحرير
عصام كامل

فى ذكرى وفاة "أم المؤمنين" السيدة خديجة عليها السلام

بمناسبة ذكرى وفاة أم المؤمنين السيدة خديجة عليها السلام أكتب هذا المقال، حيث توفيت عليها السلام  في العاشر من شهر رمضان المبارك.. السيدة خديجة هي أول أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

 

وهى إحدى سيدات نساء العالمين الأربع اللاتي ذكرهن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الحديث النبوي بقوله: "كمل من الرجال الكثير ومن النساء أربع، مريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد"..

 

وللسيدة خديجة مناقب وفضائل عظيمة وسيرة طيبة حميدة، فهي رضي الله تعالى عنها أول من صدقت وآمنت بالرسول والرسالة، وأول من نطقت بكلمة التوحيد وشهدت أنه لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله، وهي أول من ناصر وأيد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وهي بحق حاضنة الرسالة والرسول..

 

ولقد شهد لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك عندما قال لأمنا الصديقة ابنة الصديق السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها يوم أن أخذتها الغيرة كشأن النساء من السيدة خديجة، لكثرة ذكر الرسول الكريم لها بعد وفاتها، فقالت السيدة عائشة: "يارسول الله ما أكثر ذكرك لخديجة كأن لم تكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فقد أبدلك الله بخير منها- تقصد نفسها- فغضب النبي وقال لها، والله ما أبدلني الله بخير منها، فقد صدقتني إذ كذبني الناس، وآمنت بي إذ كفر الناس، وواستني بمالها إذ منعني الناس، ورزقت منها الولد".

 

اقرأ أيضا: بل أحياء عند ربهم يرزقون

 

هذا والسيدة خديجة لم تكن مجرد زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل كانت بمثابة الأم والحاضنة والممدة والمواسية والداعمة والمدافعة والمثبتة له عليه الصلاة والسلام، وهي التي نزل الوحي في بيتها، وهي التي ثبتت النبي الكريم في بدء تلقيه للرسالة وخاصة عند لقائه مع الأمين جبريل عليه السلام أول مرة بغار حراء..

 

ومما ورد في ذلك أن النبي بعدما جاءه الأمين جبريل في غار حراء أثناء خلوته وقال له اقرأ فقال النبي، ما أنا بقارئ رددها عليه ثلاث، ثم قال جبريل أول آيات الوحي الإلهي، وهي آيات سورة العلق، أخذته صلى الله عليه وسلم رعشة شديدة وإحساس ببرد شديد فعاد إلى بيته وهو يقول للسيدة خديجة وأهل بيته، "زملوني، زملوني، دثروني دثروني"، وقص عليها ما حدث معه في الغار..

 

فما كان منها رضي الله تعالى عنها إلا أنها ثبتت فؤاد النبي وأكدت أن ما جاءه ليس بشيطان ولا جني وإنما هو ملك ودللت على ذلك بقولها، أبشر يا ابن العم فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق القول وتحمل الكل وتقري الضيف، أي تكرم الضيف، وتعين على نوائب الدهر.

 

هذا وهي التي أكدت للنبي إن الذي يأتيه ملك من السماء وليس شيطان عندما قالت يا محمد إن جاءك وأنا معك فأخبرني، وذلك لأنه كان إذا جاء للنبي ومعه أحد لا يراه إلا النبي، فلما جاء جبريل وكانت السيدة خديجة بجوار الرسول، قال لها صلى الله عليه وسلم، جاء يا خديجة إني أراه فكشفت عن رأسها فاختفى جبريل، فسألت النبي، أتراه، قال، لا، فغطت رأسها وسألت النبي أتراه، قال نعم، قالت والله إنه لملك وليس بشيطان فإن الملائكة عندها حياء، هذا والسيدة خديجة رضي الله عنها هي أول من بشرها الله تعالى ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب كما جاء في الحديث الصحيح..

 

اقرأ أيضا: الذين يحبهم الله

 

وهي التي خصها الله بالسلام والتحية على لسان جبريل عليه السلام، وهي التي جاء منها أولاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عدا إبراهيم ابن أمنا مارية رضي الله عنها، وتفرع من نسل الرسول الكريم منها السادة الأطهار آل البيت رضي الله عنهم، وهي أم سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء البتول شبيهة أبيها خلقًا وخُلقًا المكناة بأم أبيها وأم القمرين النيرين الإمامين الجليلين الإمام الحسن والإمام الحسين والسيدة زينب رضي الله عنهم وعن آل بيت رسول الله وصحابته، وهي زوج فتى الفتيان وإمام المتقين وباب مدينة علم الرسول الكريم الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه..

 

هذا ولشدة محبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للسيدة خديجة ووفائه لها لم يتزوج عليها أثناء فترة مقامها ووجودها معه والتي امتدت إلى أربعة وعشرين سنة وستة أشهر، وكان بعد وفاتها يكرم جيرانها وصحيباتها من النساء ويحسن إليهن، وكانت إذا سألته السيدة عائشة عن ذلك، كان يقول: "إنهن صحيبات خديجة كانوا يأتوننا زمن خديجة"..

 

وكان صلى الله عليه وسلم يزورها في مرقدها الطاهر ويأمر من معه من الصحابة ببناء خيمة له عند مرقدها الطاهر فيقول: "اضربوا لي خيمة عند خديجة"، فرضي الله عنها وأرضاها، وحشرنا معها ومع آل بيت الحبيب وصحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، جميعا.

 

الجريدة الرسمية