رئيس التحرير
عصام كامل

يوميات في الحجر (١)

بعد مرور أول أربع وعشرين ساعة في الحجر الصحي نستطيع أن نتحدث عن أول يوم في تلك التجربة التي ربما لن تمحى من ذاكرة كل من عاشها ومر بها في ظل الأزمة الراهنة.

لن أتحدث عن تأخير طيارة مصر للطيران لمدة ساعتين ونصف الساعة، مما تسبب فى تكدس الركاب أمام البوابة التي يمرون من خلالها لركوب الطائرة المخصصة للعودة ولكن ما بعد الوصول هو الأهم أن نتحدث عنه، موقعة الحجر الصحي الإلزامي والذي تكلفته تتعدى العشرة آلاف جنيه في حالة تواجدك في غرفة مزدوجة، ويتخطى الواحد والعشرين آلفاً في حالة الغرفة الفردية.

اقرأ ايضا: "الكوتشنج" في مصر

بالطبع لم يكن يتوفر لدى ما يجعلني أن أقيم في غرفة فردية فقررت أن أكون في غرفة ثنائية، ولكن فور وصولي إلى الفندق المخصص للحجر الصحي، تفاجئت بموظف الاستقبال يرفض تسكيني حتى يجد شريكاً لي في الغرفة، في البداية نظرت له نظرة تعجب..

فهو يرى إنني أتحرك بعكاز ولا أستطيع الحركة بسهولة وتظهر عليَّ متاعب ومشقة السفر حتى وصلت إلى مرسى علم، لأن الرحلة استغرقت حتى وصولى إلى الفندق ما يزيد عن 30 ساعة، ولكنه استمر في معاملته الفظة حتى خرجت عن شعوري، وكدت أن أبكي ولكن في تلك اللحظة تدخل مدير الفندق ويدعى أبوالحجاج العمارى، الذي استمع إلى مشكلتى وأمر بتوفير الغرفة المناسبة لي..

اقرأ ايضا:السنكسار يبكي

مما تسبب فى احتواء حالة الغضب التى تملكتنى، وقال للموظف في حالة تواجد شخص آخر يرسلوه فيما بعد، وتلك نقطة إحترمتها في الادارة المسئولة عن الفندق، حتى لو كان ذلك ما يحدث في أي مكان في العالم في حالة حجز سرير في غرفة ثنائية.

ولكن المشكلة بعدها مثلا إننى اتصلت بالإستقبال أكثر من عشر مرات لطلب الصيانة لإصلاح الثلاجة وإكتملت مأساتى حين علمت إننى نسيت دواء السكر فى مطار مرسى علم.

ولأننى بالطبع لن أستطيع البقاء بدون دواء السكر الخاص بي فاتصلت بالاستقبال لأطلب بديلاً له حتى لو اشتريته، فتم تحويلي إلى الطاقم الطبي، ليخبرني بأن الدواء ليس متوفرا لديه وحولني هو أيضاً بالصيدلية الموجودة في الفندق، لأتفاجأ بأنها مغلقة!، ولن تفتح قبل عشرة أيام من الآن!!

ففكرت هل نحن في حجر صحي أم في عزل عن العالم والحياة؟، وماذا لو دخلت في غيبوبة سكر في أي وقت؟، ما الذي سيحدث؟، وماذا عن الأسر التى لديها أطفال صغار وهم أيضاً في حاجة لشراء كوافيل وشراء الألبان!

ولن أتحدث عن ماكينة السحب النقدي الموجودة في الفندق ولكنها لا تعمل وعقب ادخال الكرت وادخال قيمة السحب تصمت قليلاً لبعض الدقائق وبعدها تخرج الكرت وتكتب خارج الخدمة!، ولكن ذلك أمراً عادياً فالماكينات كثيراً لا تعمل حتى في القاهرة!

 

اقرأ ايضا: "7 برمهات.. الحياة على كفة ميزان"

 

ولكن لا يمكنني أن أنكر أنني هنا وجدت كثيرين يسعون لمساعدتي ومساعدة المتواجدين مثل كيرلس صفوت الذي يعمل في السوبر ماركت ويحاول بقدر المستطاع أن يساعدني أو يساعد غيري.

 

فكل الأحوال لا نستطيع أن ننكر الدور الذي تقوم به السلطات ولكن أتمنى لو يصبح هناك اهتماماً أكثر من ذلك، فنحن كلنا بشر وكلنا في حاجة لمن يحنو علينا ولا يشعرنا بما ليس لنا ذنب فيه.

 

الجريدة الرسمية