رئيس التحرير
عصام كامل

حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي (13)

تواجه الدولة بكل أجهزتها فيروس كورونا وتنفذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية لحماية الجميع الذين يقضون أغلب أوقاتهم في المنازل وهناك مواجهة من نوع آخر للقوة الناعمة المصرية ضد الأفكار المتطرفة ومن خلال المتابعة لبعض الأعمال الدرامية أقف كثيرا أمام مسلسل "الاختيار"..

المسلسل يتناول حياة أحمد المنسى قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذى استشهد فى كمين مربع البرث فى مدينة رفح عام 2017 أثناء التصدى لهجوم إرهابى فى سيناء، فيما يُظهر العمل العديد من الجوانب الاجتماعية والإنسانية فى حياة البطل الراحل، ورجال الجيش المصري على أرض سيناء، في مواجهة الإرهابيين وخوارج العصر جعل المسلسل يتصدر قائمة المسلسلات الأعلى مشاهدة على موقع "يوتيوب"..

وأعتقد أن هذا العمل الدرامي وما يحتويه من إبداعات فنية صُنعت بحرفية عالية فى مجمل تفاصيلها ومصداقيته المرتبطة بالأحداث الواقعية يشارك في رفع وعى المواطن فى مواجهة فئة الإرهابيين والداعمين لهم، وهذا وضح كثيرا من ردود الأفعال للكتائب الإلكترونية للجماعات الإرهابية في بداية العرض للمسلسل، ومدى الكره في وجود عمل فني يوضح ويشرح ما حدث وما الذي فعلوه وهذا ما أصابهم في مقتل لأنها جاءت من القوة الناعمة "الدراما المصرية".

اقرأ ايضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي "10"

ومن أول حلقة انطلقت الشائعات من الكتائب الإلكترونية والقنوات المعادية للوطن والداعمة للجماعات الإرهابية ومنها عن طريق التشكيك فى موافقة أهل الشهيد ‏منسى على إنتاج عمل يتناول سيرته وبطولاته، لأنهم يعلمون جيدا ماذا يمكن أن ‏تحدثه القوى الناعمة فى نفوس متلقيها..

فعمل درامى  يعرض خلال شهر واحد يمكن أن يهدم أفكارا سامة ‏حاولوا دسها للبسطاء من خلال منابرهم لأن هذه الجماعات الإرهابية تعيش على المزايدة والكذب ومحترفة التدليس وترويج الشائعات، لنشر الإحباط والبؤس داخل المجتمع، لكي يسهل عليهم نشر الفوضى الثقافية والاجتماعية والسياسية وفي كافة المجالات وصولا للفوضى الأمنية..

لذلك لم يعد بعيدًا عن الشعب أن هناك ترابطًا قويًّا بين ما يفعله الإرهابيون وما يصرح به العملاء في قنواتهم الخارجية المحرضة كلهم في النهاية من نفس الوعاء؛ وكرههم الشديد لهذا العمل وأعتقد أن الدولة المصرية انتبهت إلى دور الدراما في المواجهة الفكرية مع الجماعات المتطرفة، وإنها استطاعت أن تؤكد على أن دور القوة الناعمة لابد أن يسير مع القبضة الأمنية التي باتت تحاصر جماعات الإرهاب في مصر.. 

 

اقرأ ايضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي "9"

وقد صرح كبار أطباء الطب النفسي أن مسلسل الاختيار استطاع أن يقدم معالجة نفسية لعدد من المشكلات النفسية أبرزها "الحاجة إلى الانتماء" وهو يصنفه الطب النفسي من ضمن الاحتياجات النفسية الهامة خصوصا لفئة الشباب..

وهذا العمل الدرامي "الاختيار" يعد مواجهة فكرية ناجحة في معركة الوعي وفعالة ضد الإرهاب وأعوانه وما ينشره عبر التضليل الفكري الذي أصاب أصحاب النفوس الضعيفة، وسيطرتهم علي عقولهم بإفساد عقيدتهم وإيمانهم بالانتماء للوطن؛ ليصبحوا الفئة الضالة المضلة في عصرنا في ضلال مبين إلي يوم الدين ليخسروا دينهم ودنياهم..

ومن خلال أحداث "الاختيار" والمضمون الفكري والمحتوي المقدم  ندرك تماما أنها قصفت جبهات مدوية لهذا الفكر المتطرف، واستهدفت أصول الأفكار المتطرفة لأهل الشر التي يستخدمها المضللون لتغييب العقول والقلوب، وكل حلقة من مسلسل "الاختيار" احتوت على تفاصيل دقيقة لها دلالات فكرية أشارت وأصابت أكاذيب أهل الشر، وأيضا كشفت تفاصيل الحرب في سيناء وكيف يختبئ الإرهابيون في المزارع وأماكن المخابئ والأنفاق..

وكشفت أيضا أن الفئة الضالة لا تحركها سوى مصالحها الشخصية والمنافع التى تعود عليها فقط، ولو ضد مصر، ويجب ألا يتصور البعض مننا أن حالة الاستقرار الحالية والأمان والإنجازات التى حلت بالبلاد، تعنى أن المخططات ضد مصر قد زالت وانتهت، بل إن هذه المخططات والمؤامرات، داخليا وخارجيا تشتد ضراوة وقسوة كلما تقدمت البلاد فى مشروع  أو إنجاز اقتصادي..

اقرأ ايضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي (8)

حتى ولو كان هذا الانجاز هو مسلسل مثل "الاختيار" الذي أعاد الروح الحماسية لدي المواطنين والتفاف جموع  المصريين حول الشاشة لمتابعة الأحداث البطولية التي قام بها رجال القوات المسلحة في شمال سيناء، والذي أجاب أيضا على تساؤلات المصريين حول ما يدور في سيناء ومواجهة الإرهابيين وفكرهم، لأن الإرهاب هدفه ضرب الروح المعنوية للشعب المصرى..

ومع تصاعد نسبة المشاهدة بـ"الاختيار" واستعادة سيرة أبطال الجيش المصري، وسيرة العقيد المنسى وزملائه الشهداء، وهي قصة جيش بأكمله ضحى وحمى وصد كافة أشكال العدوان وبينما حالة الالتفاف الشعبى حول الدولة والجيش، أيقنت اللجان الإلكترونية للجماعات الإرهابية أن الهجوم والتشويه والسخرية والتشكيك وضخ الشائعات لن يكسر تلك الحالة الوطنية المستمرة والروح المعنوية والمتصاعدة..

فكانت عملية بئر العبد التي أسفرت عن استشهاد وإصابة 10 من أبطال القوات المسلحة لينضموا إلى قائمة الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوطن، وهذا ما هو إلا دليل على أن خوض معركة الوعي مهمة مع معركة قوات الجيش والشرطة؛ لأن الانتصار على هذه الفئة الضالة أيضا يتم عن طريق الوعي والإدراك، وفهم أدوات حروب الجيل الرابع لأنها الفيصل في دحر خفافيش الظلام وحماية الوطن والحفاظ عليه وأعتقد أن مثل هذه الأعمال الدرامية الوطنية ستظل لها دور كبير في استكمال معركة الوعي وفضح كل الأكاذيب والشائعات المغرضة ضد البلاد.

#وللحديث بقية

الجريدة الرسمية