رئيس التحرير
عصام كامل

وجهوا اللوم لأنفسكم أولا !

عفوا لن أنضم لهؤلاء الذين إنتفضوا وصبوا كل غضبهم على أهالى إحدى القرى فى الدقهلية لأن مجموعات منهم رفضوا دفن طبيبة أودى بحياتها فيروس كرونا وتجمعوا ليمنعوا عملية الدفن.. ولن إجارى هؤلاء فى توجيه أقذع الشتائم والسباب لأهل القرية..

 

رغم أن ما حدث أصابنى بصدمة كبيرة مثلما حدث للأغلب الأعم من المصريين لأننا لم نتخيل أن يحدث ذلك فى بلدنا التى يقال عن أهلها إنهم متدينون بطبيعتهم!  

اقرأ ايضا: الإخوان وكورونا!

 

فأنا لا أستطيع أن أعفى نفسى وكل من إستنكر تلك السقطة الإجتماعية من مسئولية ما حدث.. فإذا كان الجهل هو السبب الأساسى لما إقترفته مجموعة من أهل تلك القرية، فهذا يعنى إننا لم نقم بما يتعين علينا القيام به لمواجهة هذا الجهل بصفة عامة، والجهل بأمر ذلك الوباء بصفة خاصة.. أى إننا مشاركون مع هؤلاء الذين تجمهروا لمنع دفن الطبيبة التى ماتت بعد إصابتها بفيروس كرونا فى تلك الجريمة النكراء التى إرتكبوها وتحقق معهم فيها الأن النيابة.

 

إننا نتغنى كثيرا بالقيم الإيجابية وبالأخلاق ولكننا لم نبذل الجهد الكافى والضرورى لنشر هذه القيم الإيجابية والاخلاق فى المجتمع.. ويطلق البعض منا على أنفسهم وصف مثقفين وقادة رأى، ويتبارون بحماس فى مناقشات الفنادق الفاخرة حول العديد من القضايا الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، بينما مازال الجهل والتخلف يضرب بجذوره فى التربة المصرية ويحاصر قطاعات واسعة من المجتمع..

 

اقرأ ايضا: فتاوى كورونا!

 

وبسبب هذا الجهل والتخلف حدثت تلك الجريمة النكراء، جريمة منع دفن جثمان طبيبة لانها توفت بعد إصابتها بفيروس كرونا.. فحتى لو كان هناك محرضين فإنهم إستثمروا جهلا وتخلفا عتيدا.

 

لذلك قبل أن تلومو هؤلاء الواقعين فى أسر الجهل يجب أن تلوموا أنفسكم أولا لانكم لم تقوموا بواجبكم فى إنقاذهم من هذا الجهل بينما بددتم وقتكم فى لقاءات فنادق الخمس نجوم والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعى.. وياليت ماحدث ببشاعته ينبهنا كلنا لخطورة الجهل فى المجتمع والذى صنع لنا التعصب والتطرف والعنف والإرهاب، ويجعلنا جميعا نهتم بمواجهة هذا الجهل، لا نكتفى بمطالبة غيرنا بفعل ذلك، أو بلعن الجهلاء!   

       

الجريدة الرسمية