رئيس التحرير
عصام كامل

ارحموا مصر من الفضائح

يأتينا الإمداد والإنقاذ من الرئيس وقواتنا المسلحة دائما وأبدا، وبالمقابل تأتي الفضائح والأزمات من بعض أعضاء الحكومة والمواطنين، وإذا كنا نلوم المواطنين ونطالب بتشديد العقوبة على المتجاوزين ومتعمدي الإساءة لمصر، فكيف يكون الحال إذا تسبب المسؤولون في أزمة تمس البلد؟!

 

تابعنا أمس بفخر شديد، ما عرضته شاشات التليفزيون، عن الإجراءات التى اتخذتها القوات المسلحة لمجابهة انتشار فيروس كورونا، من استعداد لإنشاء مستشفيات ميدانية تضم مئات الغرف ومجهزة برعاية فائقة، وأحدث الأجهزة والمعدات لتقديم العلاج والعزل الطبى لمعاونة القطاع المدني.

 

إلى جانب الجهد الكبير في تطهير وتعقيم المنشآت المدنية والشوارع يوميا، ولم تغفل القوات المسلحة معاونة الدولة في تأمين السلع الاستراتيجية لمواجهة تداعيات الجائحة العالمية، والمساهمة في تخفيف الأعباء عن الشعب.

 

اقرأ أيضا:

لا تسامح مع المسيئين لمصر!

 

في مقابل هذه الدقة والإنجاز السريع، هناك عشوائية وارتباك في الأداء الحكومي خصوصا الصحي وما يرافقه من قرارات، وكذلك الإعلامي ما تسبب في الإساءة لمصر والسخرية منها والتندر عليها.

 

 بدأت أزمات الأسبوع الماضي، مع تصريح متلفز لمتحدث الحكومة، عن “وجوب إقامة العائدين من الخارج في فنادق الحجر الصحي على نفقتهم الخاصة، بينما توفر لهم الدولة الرعاية الطبية مجانا، وأن ما حدث من المصريين العائدين من الكويت ورفضهم للحجر الصحي لا يليق، وكل عائد إلى مصر لن يصعد الطائرة إلا بعد توقيع إقرار يلزمه بالحجر الصحي على نفقته"، داعيا إلى التخلي عن الأنانية والتفكير الضيق.

هذا الكلام يفترض ألا يصدر من الحكومة ومتحدثها، خصوصا أن العائدين إلى مصر، جميعهم من العالقين وتقطعت بهم السبل، وكانوا في زيارات مؤقتة، أو من الذين تم ترحيلهم من الكويت لمخالفة شروط الإقامة وغيرها، بمعنى أنهم لا يملكون المال للإقامة في فنادق، وهنا انهمر سيل تدوين المصريين، ضد قرار الحكومة وأسلوب المتحدث بإسمها، دون مراعاة ظروف المواطنين، الذين عرفوا أن الإقامة في الفندق تكلفته اليومية 2000 جنيه.

اقرأ أيضا:

"كورونا" والحقد الدفين

كان بإمكان الحكومة "التخلي عن التفكير الضيق"، وتجهيز مجموعة من المدارس المغلقة حاليا، وتخصيصها للحجر الصحي بدلا من إجبار الناس على تكلفة لا يتحملونها.

تزامنت أزمة فنادق الحجر الصحي، مع تصريح انفعالي للفنانة الكويتية حياة الفهد، أبدت خلاله غضبها مما يحدث نتيجة تحمل أعباء العمالة الوافدة، في ظل انتشار "كورونا".. داعية حسب تعبيرها إلى "ترحيل الوافدين للحد من انتشار المرض وتخفيف العبء على الكويت لأن المستشفيات امتلأت.. الوافدين ديرتهم ما تبيهم وإحنا نبتلي فيهم.. والله المفروض نقطهم في البر (نرميهم في الصحراء)".

 

أثار تصريح الفهد جدلا واسعا، أيدها البعض واتهمها كثر بالعنصرية، فأجرت مداخلة تلفزيونية ثانية، موضحة أنها قالت "نقطهم في البر" في لحظة عصبية، ولو تكرر الموقف كانت ستعبر عن رأيها بنفس الهدف والمعنى ولكن بانفعال أقل، وأنها قصدت بكلامها العمالة المخالفة..

وقالت: مثلما تحرص الكويت على رعاياها في الخارج وتعيدهم من دون تحميلهم شيئا، فعلى كل دولة أن تتكفل برعاياها، لكن هناك دولا "لا تقبل رعاياها أو يأخذونهم ويلزمونهم بأمور ما يقدرون عليها، احنا في أزمة وكل ديرة أولى بأولادها".

 

اقرأ أيضا:

أين نحن من «معارك» مهاتير؟

 

من حق حياة الفهد الدفاع عن بلدها ومواردها، ولا يحق لأحد لومها في ذلك، لكن العبارة الأخيرة كان فيها غمز ولمز على موقف مصر، لإلزام العائدين بالحجر الصحي في فنادق على نفقتهم الشخصية.

الغريب أن كثيرًا من الصحف المصرية نقلت كلام الفهد، مشيرة إلى أنها تراجعت عن تصريحها الأول وأنها لا تقصد المصريين، دون التدقيق في مغزى ودلالة ما قالته، وحتى في مداخلتها مع التلفزيون المصري، كان الهدف منها أن تقول: "لم أقصد المصريين"، في حين أن اللوم والخطأ تتحمله الحكومة المصرية ومتحدثها، وكالعادة تدخل الرئيس السيسي لحل الأزمة بأن يتحمل صندوق "تحيا مصر" تكاليف الحجر الصحي للعائدين من الخارج.

أيضا لم تتدخل الحكومة لإيقاف مهزلة فيديوهات عدة نشرها بعض العائدين من أوروبا، اعتراضا على نوعية الأكل المقدم لهم، وكان على الحكومة معاقبتهم للتشهير بالدولة ليكونوا عبرة لغيرهم.

 في الأداء الإعلامي المسيء لمصر، جرى تداول مقطعين لطبيبين يتحدثان فيه عن علاج لفيروس كورونا المستجد في برنامجين مختلفين، قال أحدهما: إن "الفول" علاج فعال للفيروس، ونصح الثاني بتناول "الشلولو" لعلاج الفيروس ذاته، ما أثار سخرية كبيرة من مصر وأطبائها.

اقرأ أيضا:

جهلاء الفن أخذونا إلى الحضيض

 

من المشاهد المثيرة للحزن والمسيئة للبلد نتيجة الإهمال وعدم مراعاة إجراءات الوقاية والمعايير الصحية، ما نشر عن نقل جثمان متوفى بالفيروس على عربة مكشوفة، وقالت ابنته: إن المستشفى والجهات المختصة رفضت نقله بعربة مجهزة لعدم العدوى، فاضطر إخوتها إلى نقله على عربة مكشوفة لدفنه.

لم تقف الفضائح عند هذا الحد، بل امتدت إلى معهد الأورام بعد اكتشاف حالات إصابة في الهيئة الطبية والتمريضية، وما صاحبها من تبادل اتهامات بين ممرض مصاب ومدير المعهد وتعدد الروايات وتضارب الأرقام الصادرة عن المصابين، ولإيقاف المهزلة أمر الرئيس السيسي، الحكومة "بفحص جميع العاملين بالمعهد من أطباء وأطقم تمريض، وجميع المرضى الذين ترددوا على المعهد وحصر المخالطين لأي حالة إيجابية لفحصهم، وتوفير الرعاية الكاملة والعلاج للحالات المصابة”.

والسؤال هنا: إذا كان الرئيس يتدخل لحل جميع المشكلات والأزمات، فما دور الحكومة وهي المتسبب في كثير مما يحدث؟!

الجريدة الرسمية