رئيس التحرير
عصام كامل

متى نواجه فيروس «بوبوس»؟

عَوَّدتُ نفسي معكم بين حين وآخر أن أصحبكم في جولة تحليلية لبعض الأعمال الفنية في الدراما المصرية، والسبب في ذلك هو أن هذه الأعمال تتضمن أفكارًا هامة، ربما لا يلتفت إليها المُشاهد لانشغاله بالسياق الدرامي للعمل الفني الذي يشاهده.        

 

واليوم نستعرض فيلم «بوبوس» وهو فيلم كوميدي مصري إنتاج عام 2009، بطولة عادل إمام ويسرا وحسن حسني وعزت أبو عوف وغيرهم من الممثلين الشباب، ويتحدث الفيلم عن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على رجال الأعمال والمجتمع، وما يدور في ردهات رجال الأعمال في إطار كوميدي واجتماعي.

 

لماذا لا تظهر قدرات المصريين إلا في «الأزمات»؟

 

والمشهد المحوري في فيلم «بوبوس» حين توجه محسن بك رجل الأعمال «عادل إمام» إلى نظام باشا رئيس مجلس إدارة أحد البنوك «عزت أبو عوف» ليطلب قرضًا، رغم علمه بأن محسن بك متعسر في سداد قروض أخرى بمئات الملايين من الجنيهات، وهنا يدخل «بوبوس» إبن نظام باشا ويعرف أن القرض لبناء مدينة ملاهي، فيفرح «بوبوس» المدلل المترهل بدنيًا، ويطلب الذهاب للملاهي، فيكون رد الفعل التلقائي من محسن بك - الفنان عادل إمام بأسلوبه المعهود - ليؤكد أنها ملاهي «بوبوس» في دلالة على شراكة بينه وبين بوبوس في مدينة الملاهي.

 

لماذا يفتقد طارق شوقي الإجابة النموذجية؟ 

 

أما المشهد الأكثر أهمية في الفيلم هو الذى جمع بين محسن بك ومحاميه «حسن حسني»، الذي تعجب من تحسن الموقف المالي مع البنوك فيمدحه قائلاً «سيادتك لغز كبير يا محسن بك نفسي أحله»، فيجيبه محسن بك بأن حل اللغز هو «بوبوس».

 

عندما نتحدث اليوم عن فساد «بوبوس»، فقد يظن البعض أنه يعرفه، ولكن الحقيقة المؤلمة أن «بوبوس» هو نموذج موجود ومتكرر داخل أرجاء وجدران مؤسسات وجهات وهيئات كبرى وكثيرة، يتسم العاملون فيها بالاحترام، ولكن الواسطة والمحسوبية قد تُفسد المؤسسة بأكملها كما يفسد الطين وعاء اللبن النقي.

 

لماذا تهرب العقول المميزة من «محمد رمضان»؟ 

 

ومن يعرف نموذج «بوبوس» في أي مؤسسة يظن أنه كالصنم لا يضر ولا ينفع، وأن الخطورة تكمن في نموذج «أبو الشرف» الحرامي، وهنا نكشف النقاب عن حقيقة نموذج «بوبوس»، ذلك «الصنم» المفروض على كل اللجان إسمًا فقط دون عمل فعلي، ليحصل على مكافآت بمئات الآلاف من الجنيهات، بلا أقدمية ولا خبرة ولا كفاءة ولا عقل ولا مؤهل..

 

ثم تجد عقب ذلك المنافقين حول رئيس المؤسسة يُحدثونه عن قدرة الخالق في توزيع الأرزاق، ثم تجد السذج من البطانة المحيطة برئيس المؤسسة يُرددون ذات الكلام بين جموع العاملين ليُصدق من يُصدق، أما من يعترض فهو غير راضٍ بقضاء الله.

 

سن تقاعد القضاة ليس بيت القصيد 

 

والمشكلة الحقيقية لا تكمن في «الصنم» بقدر ما تكمن فيمن أتى به، والمنافق الذي بارك حضوره اسمًا فقط وصرف له المكافآت «الحرام» والدرويش الذي صدق أنها إرادة الله! فهل يرضى الله بالظلم؟ أو يرضى بالجهل؟ أو يرضى بتنحية الكفاءات لحساب العاهات؟ أيها الدراويش اتقوا الله.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية