رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف بن علوى.. وزير الحياد الإيجابى

كان عمره ستة وعشرون عاما عندما إستدعاه السلطان الجديد لسلطنة عمان قابوس بن سعيد لينضم الى قافلة شباب عمان البنائين في تجربة النهضة العمانية، ليصبح واحدا من لجنة النوايا الحسنة الموفدة من قبل السلطان إلى العواصم العربية عام ١٩٧١م..

 

لينتقل بعد ذلك للعمل بسفارة السلطنة في بيروت، وبعدها بعامين تتم ترقيته ليصبح واحدا من أصغر السفراء سنا في يوليو من عام ١٩٧٣م، وبعدها بعام واحد يصدر قرارا بتعيينه نائبا للأمين العام لوزارة الخارجية.

 

إقرأ ايضا: يعقوب.. رسالة في الزمن الصعب

 

هذا هو يوسف بن علوى وزير الشئون الخارجية لسلطنة عمان، الذي أصبح واحدا من أعمدة الدبلوماسية العالمية بحكم خبرة السنين والعمل الدءوب، وفق منهج دبلوماسي إستطاع أن ينحت سبيلا راسخا من دبلومسية الحياد الإيجابى، التى تبناها الراحل السلطان قابوس بن سعيد عليه رحمة الله، ويوسف بن علوى بحكم ما عاصره من أحداث دولية وإقليمية ومحلية واحد من الدبلوماسيين الذين لديهم مخزون دبلوماسى غاية في الأهمية.

 

مع نخبة من ممثلى الإعلام المصري اقتنصنا فرصة للحوار المتبادل معه حول ما تتعرض له الأمة العربية، وما تمر به المنطقة من ظروف وتحديات خطيرة، فالملفات العربية ساخنة ومتقاطعة وحادة إلى درجة تعدت مرحلة الغليان، وإنتقلت إلى دوائر التفاوض خارج حدود الوطن، لتصبح العواصم الأوربية هي مناطق إدارة هذا الصراع تفاوضا أو بحثا عن حلول، مع غياب مريب لأزمة أصبحت خارج حدود البحث عن حلول في ليبيا واليمن والعراق وسوريا.

 

إقرأ ايضا: رجل لم يخاصم أحدا

 

بن علوى تفاءل بهذا العام ونظن إنه عندما يقول الرجل بوضوح أنه متفاءل، فإن هذا يعنى إنه يلمس جديدا في العلاقات العربية العربية، خصوصا مع تولى سلطنة عمان رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية، وما تحظى به من خصوصية في علاقاتها مع كافة الأطراف، سلطنة عمان لم تقطع علاقاتها بأية دولة على مدار تسعة وأربعين عاما، رسخت خلالها لمبادئ الحياد في سياستها الخارجية بشكل تحول الي طريق وطريقة.

 

علي لسان بن علوى "لم نقطع علاقاتنا ولم نغلق سفارة لنا حتي لو أغلق طرف ما سفارته لدينا.. لا نغادر بلدا نقيم فيه علاقات دبلوماسية إلا لو أعلن هذا الطرف عدم رغبته في بقائنا"..

 

يقول وبهدوئه الحيوى المعهود "إذا كانت لديك مبررات تقودك إلى موقف ما فلابد وأن تحترم مبررات الاخرين"، هذا هو مفهوم الحياد الايجابى، وتلك هي الطريقة التى تحافظ بها على مساحات الاتفاق مهما كان بحر الخلافات واسعا وهائج الامواج.

 

إقرأ ايضا: أمريكا- إيران.. والخطوط الحمراء

 

"لابد وأن يفكر العرب في طريقة جديدة للتعامل مع الجوار العربى".. رؤية يطرحها "بن علوى" متناولا فكرة التعامل مع بعض التيارات التى نعتبرها آفة ضالة.. لابد من طريقة فالغرب يتاعمل مع اليمين المتطرف ويتعامل مع اليسار وفق نظم وقوانين تلزم الجميع بالعمل السلمي وتحقيق الاهداف الوطنية، وقال: "ان الاخوان عطلوا مسيرة مصر لعقدين متتاليين ربما لو لم يحدث هذا لكانت مصر في مكان آخر الآن"، مؤكدا ان مصر دولة راسخة رغم كل المحن والتحديات.

"بن علوى" الذي عاصر أحداثا وقابل العديد من الشخصيات الهامة على مدار تاريخه الدبلوماسي في عالمنا العربي على وجه الخصوص، يخلص الى نتيجة هامة مفادها إن حدة الخلافات العربية سببها إنها خلافات أسرية، والخلاف الأسرى من وجهة نظره أكثر حدة، ولا يقبل الحلول الوسط، فإما الانتصار وإلا فلا .

 

سألته عن آفة العرب، فقال بوضوح: يصعب تحديد آفة واحدة!!

 

يقول مفسرا لموقف السودان من ملف سد النهضة: الموقف ليس ضد مصر وإنما لدى السودان مبررات يجب النظر إليها، كما إن موقفنا كعرب من مساندة مصر لا يعنى عدم الإلتفات إلى الجوار الاثيوبى، أما عن تصرحات الساسة الإثيوبيين، فإنه يرى أن توضع في موضعها إزاء ما يدور على الساحة الداخلية الإثيوبية.

 

اقرأ ايضا: التسامح.. سلطنة عمان نموذجًا

 

قال لنا بن علوى وبثقة: التاريخ يؤكد يوما بعد يوم إن مصر مهما كانت التحديات التى تواجهها هي بلد الريادة العربية، ودورها مفصلى وحاسم، وقال "إن العلاقات المصرية العمانية قوية وحميمية".

 

قبل أن تنتهى دردشة الصراحة الودودة مع الوزير العمانى وجه إلينا نحن الصحفيين سؤالا عن رؤيتنا للإعلام العربى.. كان اللقاء كعادة حواراتنا معه كلما سنحت الفرصة وكلما اتاح هو للإعلاميين فرصة الحوار ممتعا ومشوقا، وثريا بالمعلومات التى يحتفظ بها في خزينة دلبوماسية أثقلتها سنوات طويلة متعه الله بالصحة والعافية وامد في عمره.

 

الجريدة الرسمية