رئيس التحرير
عصام كامل

من هدي النبوة

جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: “خمس كتبت على ساق العرش.. لا حيلة في الرزق ولا شفاعة في الموت ولا رادا لقضاء الله ولا سلامة من ألسنة الخلق ولا راحة في الدنيا”..  

 

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم،  فلا حيلة في الرزق فهو مقدر من الله أزلا ومقسوم من قبل خلق الخلق، وما قدره الله سبحانه واصل إلى العبد لا محالة، فما كان لك سوف يأتيك وما كان لفكيك فليمضغاه، والإنسان منا في رحلة حياته يتقلب ما بين رزق مقسوم لا حيلة فيه وأجل محتوم لا مفر ولا مهرب منه، وكلاهما الرزق والأجل يمضيان ويسيران في وقت واحد وفي خط واحد كلاهما ملازم للآخر ويتوقفا في آن واحد..

 

والرزق يفر خلف صاحبه ويطلبه كما يفر أجل العبد خلفه ويطلبه، ولذا عندما يأتي نهاية أجل العبد وقبيل وفاته مباشرة يسلب منه النطق ويرفع عنه الحجاب ويكشف عنه الغطاء، وهو الحجاب، فيرى ما لا يراه من حوله فيأتياه ملكان يجلسا عند رأسه وفي يد أحدهما صحيفة العبد  التي فيها مقدراته التي قدرها له الله تعالى وسطرتها يد القدرة الإلهية بالعلم الإلهي .

 

اقرأ ايضا: وصف حال المؤمن

 

فيسأل الملك الملك الآخر الذي بيده صحيفة العبد فيقول له: أنظر في كتابه هل تجد له لقمة بعد هذه الساعة.. فينظر الملك ويقول: لا أجد له لقمة في كتابة. فيقول له: أنظر في كتابه هل تجد له شربة ماء بعد هذه الساعة، فينظر الملك في كتاب العبد ويقول: لا أجد له شربة ماء بعد هذه الساعة..

 

فيسأل الملك ويقول له: أنظر في كتابه هل تجد له نفس من الهواء، فينظر الملك في كتاب العبد ويقول: لا أجد له نفسا من الهواء، هنا تفارق روح العبد جسده ويتوفاه الله سبحانه وتعالى ويفارق الحياة ..

 

إذا الرزق والأجل مقدران ومقرونان ومرتبط كلاهما بالآخر، فلما يتعجل الإنسان رزقه ولما يسعى لأخذه من حرام  كما يحدث الآن، وكما نرى يوميا أجهزة الرقابة تضبط مرتشين ومزورين  وسارقي أموال الشعب.. ربما يقول قائل أليس ذلك من رزقه المقسوم والمقدر.. أقول له” نعم، ولكنه تعجل في تحصيله وأخذه عن طريق الحرام، ولذا يحاسب ويعاقب ولإن صبر ولم يتعجل لجاءه من حلال .

 

اقرأ ايضا: من مظاهر القدرة الإلهية

 

هذا ويجب على الإنسان المؤمن العاقل الفاهم لدينه والذي يخشى ربه أن يقنع يرزق الله الحلال وإن يرضى بقسمته ونصيبه الذي قسم له، وأن يعف عن الحرام حتى يكن مستحقا لجنة الله تعالى في الآخرة ورضوانه، وأن لا ينسى أن متاع الدنيا قليل وزائل، وأن حلالها حساب وحرامها عقاب، والإنسان منا ميت لا محالة وملاقي ربه ومحاسب بين يديه، ويجب على المؤمن أن يتورع في سبل تحصيل رزقه ويتحرى الحلال..

 

هذا عن الشطر الأول من الحديث النبوي الشريف وأما عن الشطر الثاني من الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “ولا شفاعة في الموت”.. نعم ليس في الموت شفاعة، فكما ذكرنا من قبل أن الله تعالى قدر الأقدار أزلا من قبل خلق الخلق..

 

وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: “أن هناك ملك موكل بالأرحام وعندما يأتي الرجل زوجته  عند الجماع وقذف الزوج منيه في رحم الزوجة يسأل ملك الأرحام الله عز وجل قبل أن يصل المني إلى الرحم  فيقول: ربي أهي مخلقة أم غير مخلقة، فإن اجابه سبحانه أنها مخلقة يسأل الملك فيقول: ذكر أم أنثى،  ويسأل كم عمره ويسأل عن رزقه إلى أن يقول ربي أهو سعيد، أم شقي.. أي من أهل الجنة أو من أهل النار”..

 

اقرأ ايضا: تقوى الله عز وجل

 

هذا ولكل أجل كتاب ويقول عز وجل: “فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ”.. هذا وكلنا نعلم ذلك جيدا ولكننا لا نعلم متى ينتهى الأجل، فلذا وجب على الإنسان المؤمن العاقل أن يلزم باب الإستقامة، وأن يكن في حال طاعة دائمة لله تعالى وذكر دائم له سبحانه، وأن يكن فاعلا للخيرات مستعدا للموت وملاقاة ربه عز وجل..

 

فالموت يأتي بغتة ويبعث المرء على ما مات عليه من العقيدة والعمل والحال والحالة.. هذا وأما عن الشطر الثالث من الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “لا رادا لقضاء الله”.. القضاء ينقسم إلى قسمين.. قضاء مبرم  لا مرد له إذ أنه واقع لا محالة لرده وجب على المؤمن التسليم فيه والرضا به.. والقسم الثاني من القضاء هو ما يسمى بالقضاء المعلق وهو ما بين المحو والإثبات أي إما أن يمحيه سبحانه وإما أن يثبته وهو يدفع بالأعمال الصالحة والدعاء..

 

وفي النهاية يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.. عزيزي القارئ نستكمل الحديث في مقال آخر بمشيئة الله تعالى

الجريدة الرسمية